أتيح لنا أن نتابع «فصلين» اثنين من فيلم «الملكة الأخيرة»، فسجلنا أن الأحداث كثيرا ما كانت تنتقل دون أن تسمح للمتفرج باستيعاب الواقع الذي يطرحه الفيلم، بل إن الحوار نفسه بدا لنا مقتضبا سريعا كأنه يحاول (التخلص) من الفكرة التي يحاول بلورتها..
ونعترف أن فكرة «الملكة الأخيرة» أوقعتنا في حبائلها، فهي تعالج مرحلة تاريخية إشكالية، لا يعرف عنها الجزائريون أكثر من (السّطر والسّطرين)، ما ضاعف لهفتنا على قراءة الفيلم، غير أن (طبيعة الكتابة) عموما، لم تكن في مستوى ما (سهّدنا) من شوق إلى العمل..
أما العجيب فهو أن أصحاب «الملكة الأخيرة» ظهروا وكأنهم لم يبذلوا جهدا في تحضير المَشَاهد (الداخلية والخارجية)، إذ لم يتيحوا للمتفرج (على مدى فصلين) سوى رؤية سواحل صخرية طبيعية (جاهزة بالمجان)، أو عددا من غرف «قصر سليم التومي»، وباب القصر في أحسن الأحوال، والشارع المؤدي إليه.. وغابت صورة «الجزائر» (من علٍ مثلا)، أو حتى تفاصيل تشرح طبيعة الحياة في ذلك الزمن، وتسمح للمشاهد بأن يندمج مع الأحداث بسلاسة، مع أن مسلسلا كوميديا بسيطا جدا مثل (عاشور العاشر) نجح في هذا، وعرف كيف يقدم لوحة غاية في الوضوح عن البيئة العامة التي تحتضن الأحداث، رغم أنه لم يحظ بالممولين الكبار الذين حظي بهم أصحاب (زافيرة)..
على كل حال، هذه رؤية أولى، لم تعتمد سوى على (فصلين) لأسباب قاهرة، ولعل مشاهدة ما تبقى من الفيلم، تمنحنا انطباعا مختلفا، وإن كنا اقتنعنا بأن (مشكلة الكتابة) عويصة، وتحتاج إلى «الجهد المعرفي»، أكثر من حاجتها إلى (الجهد التمويلي)..