ليس عيبا أن نفيد من تجارب الآخرين، إنما العيب أن نترك «التجربة المقنعة» لتمرّ أمامنا دون أن نكلّف أنفسنا عناء اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفل لنا تجنّب الأخطاء (القديمة)، فـ»الأخطاء» مفيدة عادة، وتاريخ العلم نفسه، ليس سوى «تاريخ الأخطاء»، فالتراكم المعرفي (بما هو التحصيل العلمي مجملا) ليس سوى تصحيحات متواصلة تثبت أنها الأقرب إلى الحقيقة..
ولا نأتي بجديد إذا قلنا إن الجزائري اكتسب خبرة محترمة في التعامل مع الواقع الرقمي، فقد عالج «أنترنيت» منذ ربع قرن تقريبا، وتمكّن من تقنيات كثيرة، بل إنه لمس (في واقعه) إيجابيات أنترنيت وسلبياتها، حتى إننا كثيرا ما نسمع واحدا من العوام وهو ينوّه بتقنيات الاتصال التي تتيح له رؤية أهله في أقصى بقاع الأرض، تماما مثلما نسمع من يتحسّر على ضياع وقته في «فيديوهات» (اليوتيوب) القصيرة، بما هي صاحبة بطولة عالمية في تضييع الوقت..
لقد قلنا دائما إننا ينبغي أن نتعامل مع أفكار الحضارة المهيمنة بـ(حذر)، وكان كافيا – بالنسبة لنا – أن أدواتها تعتمد على خيط (رهيف) قد يتعرض إلى أي عطل، فيكون له تأثيره الكبير على أعمق نقطة من حياتنا اليومية، ثم إن هناك أطروحات تعرّضت بالدّرس إلى إشكاليات الانغماس الكامل فيما هو رقمي، وتوقعت مصيرا مشؤوما للبشرية..
هذا ما خطر ببالنا ونحن نقرأ خبر تراجع السويد عن استعمال (اللوحات الإلكترونية) في المدارس، بعد عشر سنوات من التخلي عن الأقلام والكراريس، وقيل إنهم اكتشفوا أن أطفالهم المتمدرسين عجزوا عن تعلم الكتابة بسبب اللّوحات..
لا ننكر فوائد اللّوحات الإلكترونية، غير أن الحكمة التي تقتضي الإلمام بأدوات العصر، لا تفرض تضييع المكتسبات القديمة، فالأشغال اليدوية التي كانت الكشافة تلقنها للصغار، مهمة أيضا، لا ينبغي التفريط فيها..