نكتة قديمة عرضها التلفزيون الوطني، مفادها أن أحدهم يسأل عددا كبيرا من الناس يحيطون بحفرة عميقة، عن طبيعة عملهم بالمشروع، فيجيب كل واحد منهم بأنه «صاحب الشانطي».. «المكلف بالشانطي».. «الشاف شانطي».. «موزع العمل بالشانطي».. «مسؤول التمويل بالشانطي».. وهكذا إلى أن يصل إلى شخص داخل الحفرة في أسمال بالية وحال متهالكة، فيسأله كما سأل السابقين، وهناك يجيبه وهو يرسم ابتسامة واسعة على وجهه: أنا الشانطي..
كانت ضحكة معبّرة وقتها.. ولكنها مع تواتر الأيام، تكرّست في الواقع المعيش، وصرنا نرى في جهرة النهار أناسا لا عمل لهم سوى لافتات «المسؤولية» التي يتولون القيام عليها في المشاريع، دون أن يبذلوا جهدا مفيدا في مشاريعهم، وصار الأمر البسيط الذي يمكن أن يقوم عليه عامل واحد، أو عاملان في أحسن الأحوال، منوطا بترسانة من العاملين الذي لا يؤدون – في الغالب – أي دور في سير العمل، بل إنهم – مع الصحة والفراغ – يتحولون إلى (دودانات) حقيقية تصدّ أي مجهود يقصد إلى الوفاء والإنجاز، ثم تراكم هذا السلوك إلى أن اصطلحنا بما صرنا نتعارف عليه بـ»المشاريع المعطلة».. وصار الواحد من الناس يقف في طابور من أجل استخراج شهادة ميلاد، ثم يقف في طابور ثانٍ من أجل الحصول على الختم الرسمي.. كي يقف في طابور ثالث يحصل فيه على الإمضاء.. ويتم التصديق في الأخير على المثل الجزائري الشهير القائل: (ستة وفود، متْحَاميين في قنفود)..
حين يراهن الرئيس تبون على «أخلقة الحياة العامة»، فإنّه يقصد إلى الخلاص من مثل هذه الموبقات التي استولت على واقعنا المعيش، وعطّلت كل رغبة جامحة في أداء الواجب.. فاستعادة «قيمة العمل» على المستوى الاجتماعي، هي قمة الإصلاح.