ورث جهاز الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية إرثا ثقيلا وحملا كبيرا من القضايا والمشاريع المتعثرة في عهد الحكومات السابقة، وإن تم تغيير إسم الجهاز المعروف سابقا بالمصطلح المختصر «أونساج» إلى «آناد»، إلاّ أنّ تغيير الذهنيات وآليات التمويل والمراقبة للمشاريع هو ما يدعو إليه الرئيس تبّون في كل مناسبة.
يرى العديد من المراقبين أن هناك عدة اختلالات في تسيير ملف «أونساج» سابقا ووكالة «آناد» ورثت حملا ثقيلا وعشرات آلاف المؤسسات المتعثرة، لذا تعمل الحكومة جاهدة على تدارك هذه الاختلالات ووضع الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية في السكة الصحيحة من خلال جملة من القرارات والآليات التي يوصي بها الرئيس تبون في كل مناسبة.
نحو إصلاح جهاز الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية
وأمر رئيس الجمهورية في آخر مجلس للوزراء بإنشاء لجنة تصفية ملفات الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية، تعمل على معالجة ملفات النزاعات والفساد الناتجة عن السياسات السابقة للعصابة مثلما وصفها الرئيس، كون هذا الإجراء ليس من اختصاص وزارة المؤسسات الناشئة.
وأكد رئيس الجمهورية أن مهام هذه الوكالة هو مساعدة الشباب ومرافقتهم في نشاطاتهم الخلاقة للثروة ومناصب الشغل، وفي هذا الإطار يرى رئيس الاتحاد الوطني للمستثمرين الشباب، رياض طنكة، أن تأسيس الوكالة في السابق كان يهدف أساسا لإنشاء الثروة والتقليص من حجم البطالة ومرافقة الشباب، ولكن الواقع اليوم يقول بان سبب التعثر لهذا الكم الهائل من المشاريع هو غياب المرافقة الفعلية.
واقع يجب تغييره
وأضاف رياض طنكة أنه ليس من المنطقي أن يخصص لوكالة ولائية واحدة حوالي أربعون إطارا وموظفا منهم عشرة على أكثر تقدير مكلفون بمرافقة أكثر من 4 آلاف مشروع تمولّه تلك الوكالة الولائية سنويا، مشيرا إلى أن هنا إحدى مكامن الخلل في تسيير هذا الجهاز في الفترة السابقة، فنقص التأطير في جهاز «اونساج» سابقا و»آناد» حاليا قد يقودنا الى نفس النتائج للأسف.
ويرى محدثنا أن الإطار المكلف بمراقبة ومرافقة المشاريع لا يمكنه الإلمام والاهتمام بمشروع من خلال خرجة واحدة للمعاينة تكون عند تجسيد المشروع ثم يختفي إثر ذلك تماما، وهو ما غذّى سلوك التحايل وبروز مؤسسات وهمية غير مجسدة حقيقة على ارض الواقع، مؤكدا على ان المرافقة الفعلية والمرافقة البعديّة أمر مهم جدّا، وخاصة من ناحية التكوين.
وأشار رئيس الاتحاد الوطني للمستثمرين الشباب أن منح إعانة مالية معتبرة لشاب من أجل القيام بمشروع دون تكوين سيؤدي حتما الى الإفلاس.
من جانب آخر أكد رياض طنكة ان رغبة رئيس الجمهورية بالتحول الفعلي لجهاز «آناد» من المقاربة الاجتماعية الى مقاربة اقتصادية واضحة، فالواقع أثبت منذ إنشاء وكالة «اونساج» سنة 1996 أن منح القروض دون مرافقة او متابعة بعدية سيؤدي الى نتائج غير تلك التي أنشئت من أجلها الوكالة، مذكرا بالعدد الكبير للمؤسسات الوهمية التي كشفت عنها الخرجات الميدانية للوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية في الأشهر الماضية.
ويرى محدثنا أن الرؤية الاستراتيجية اليوم اتجاه وكالة «آناد» تعمل على وضع الوكالة في الطريق الصحيح بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي، حيث تعمل على إنشاء مؤسسات فاعلة وخلاّقة للثروة وتعطي قيمة للمجتمع والدولة، ومن ناحية هذا المنظور ذكر محدثنا بالجهود التي يبذلها القائمون على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتمكين الجامعة من تكوين طلبة بنظرة اقتصادية ومقاولاتية بدلا عن طلبة يبحثون عن الوظائف الجاهزة.
480 ألف قرض في إطار “اونساج”
وأضاف أن منح اكثر من 480 الف قرض في اطار «اونساج» سابقا لديه دلالة على حجم سوق الشغل بالجزائر والمنظومة الاقتصادية، وهذا الجهاز لم يتمكن من أداء مهامه وتحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها، لذا فرغبة رئيس الجمهورية اليوم هي القطيعة مع الممارسات السابقة في سياسة التشغيل التي لم تكن مبنية في السابق على دراسات استشرافية او على مرافقة ومتابعة فعلية للمشاريع.
وأوضح رئيس الاتحاد الوطني للمستثمرين الشباب أن سياسة اليوم مبنية على الرقمنة ودعم المنظومة الابتكارية والمؤسسات الناشئة، والتي سوف تعطي انطلاقة لاقتصاد مبني على البحث، وهو ما يتجلّى من خلال ثناء رئيس الجمهورية على الانسجام والعمل المشترك بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة.
وأضاف المتحدث أن هناك رغبة لدى خريجي الجامعات من الطلبة المتفوقين في ولوج عالم المقاولاتية وهو ما ينبغي الاستثمار فيه بآليات أكثر مرونة ومرافقة من طرف أجهزة الدعم، مشيرا الى جهود القائمين على وزارة التعليم العالي في إنشاء دار المقاولاتية في كل جامعة وحاضنات المشاريع، وهو ما أنتج لنا حوالي 11 الف مشروع فكرة مبتكرة.
وحول اللجنة التي أمر الرئيس بإنشائها أوضح محدثنا أنه من المنتظر أن توكل لها ملفات عالقة منذ سنوات تنتظر الحلول بالنسبة للمؤسسات المتعثرة، مشيرا إلى ان الجمعيات والهيئات المعنية بالمقاولاتية والمستثمرين الشباب تنتظر ان تكون لها مكانة في هذه اللجان ولو على سبيل الاستشارة طالما ان لها احتكاك مباشر مع الشباب وحاملي المشاريع.
وأضاف رئيس الاتحاد الوطني للمستثمرين الشباب أن الاتحاد لديه تصور كامل عن الأخطاء التي ارتكبت في الماضي وبالإمكان تفاديها اليوم وفي المستقبل القريب، وذكر محدثنا بنداءاته التي وجهها سابقا للوكالة والحكومات المتعاقبة، والتي دعا فيها إلى ضرورة إعطاء فرصة لمحافظ الحسابات من أجل إشراكه في عمل اللّجان المكلفة بإعطاء المشاريع على مستوى المديريات الولائية، بعد أن لاحظت هيئته تضخيم الفواتير من قبل الكثير من الموردين الذين راح ضحيتهم شباب راغبين في ولوج عالم الاستثمار والمقاولاتية.