شهدت ليبيا موجة واسعة من التضامن الدولي اثر اعصار “دانيال” المدمر الذي اجتاح يوم الاحد الماضي شرق البلاد والفيضانات التي رافقته, مخلفة أكثر من 2300 قتيل وفقدان الآلاف, ودمارا كبيرا في البنية التحتية, وسط مخاوف وتوقعات بارتفاع عدد الضحايا خلال الساعات القادمة.
واستجابة للنداء الذي وجهه المجلس الرئاسي الليبي للدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية لتقديم العون والمساعدة لمواجهة تداعيات الفيضانات, قررت الجزائر اليوم الثلاثاء, بتوجيهات من رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, إرسال مساعدات إنسانية “هامة واستعجالية” إلى ليبيا, “متمثلة في مواد غذائية وطبية وألبسة وخيم, عن طريق جسر جوي مكون من 8 طائرات تابعة للقوات الجوية للجيش الوطني الشعبي”, حسب ما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية.
وتعبر هذه المساعدات عن “التزام الجزائر, قيادة وشعبا, بالتضامن اللامشروط واللامحدود مع الشعب الليبي الشقيق, لمساعدته على تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها”, حسب نفس المصدر.
وكان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج, أحمد عطاف, وبتكليف من رئيس الجمهورية, قد أجرى في وقت سابق اليوم, مكالمة هاتفية مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي, محمد يونس المنفي, اعرب له من خلالها عن “استعداد الجزائر التام لمد دولة ليبيا بكافة أشكال الدعم بعد الفيضانات المدمرة التي عرفتها”.
وبالمناسبة, أعرب المنفي عن “عميق شكره و امتنانه للجزائر على هذه الهبة التضامنية, التي ليست بالغريبة على الجزائر وقيادتها التي طالما وقفت إلى جانب الشعب الليبي في كل الظروف والأوقات ترسيخا لما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين من عرى متينة و أواصر وثيقة للأخوة والتكاتف والتعاون وحسن الجوار”.
إلى ذلك, أكد مسؤول بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر, أن نحو 10 آلاف شخص فقدوا بعد السيول والفيضانات العارمة في ليبيا, لافتا الى ان النتائج “لا تزال غير مؤكدة” و “ليس لدينا أرقاما نهائية حول عدد القتلى في الوقت الراهن”, غير أنه “كبير”.
بدوره, أكد جهاز الإسعاف والطوارئ التابع لوزارة الصحة الليبية في حكومة الوحدة الوطنية أن حصيلة ضحايا الفيضانات التي اجتاحت شرق ليبيا نتيجة اعصار “دانيال” ارتفعت إلى أكثر من 2300 قتيل وحوالي 7000 جريح.
ونتيجة لهذا الوضع, عرفت ليبيا موجة واسعة من التضامن الدولي, حيث أعربت الرئاسة التونسية عن تضامنها مع الشعب الليبي, معلنة “التنسيق العاجل مع السلطات الليبية لتقديم يد العون لتجاوز هذه المحنة”, فيما وجه رئيس الإمارات, الشيخ محمد بن زايد آل نهيان, بإرسال فرق إنقاذ ومساعدات عاجلة إلى ليبيا لمواجهة تداعيات الفيضانات والوقوف إلى جانب الشعب الليبي.
بدوره, وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتقديم “الدعم الفوري والإغاثة الإنسانية جوا وبحرا” الى ليبيا, معلنا تضامن بلاده مع ضحايا الكارثة الإنسانية الناتجة عن الإعصار المدمر.
كما أعلن أمير قطر, الشيخ تميم بن حمد آل ثاني, عن إرسال مساعدات عاجلة للمناطق المتأثرة بالفيضانات والسيول في شرق ليبيا.
وناشد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي, حسين إبراهيم طه, الدول الأعضاء بالمنظمة ومؤسساتها الإنسانية ذات الصلة وجميع الشركاء الدوليين, تقديم المساعدة الإنسانية العاجلة لليبيا والإسهام في جهود الإنقاذ التي تقوم بها السلطات الليبية والتي أشاد بها, في سبيل “احتواء هذه الكارثة و إنقاذ السكان المتضررين وتقديم الدعم لهم والحد من تأثير الإعصار”.
و أعرب البرلمان العربي عن خالص تعازيه في ضحايا الفيضانات بليبيا, مشددا على ضرورة تقديم العون لمساعدة البلاد في محنتها و الشعب الليبي لتجاوز هذا المصاب الأليم.
و أعلنت المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في ليبيا, جورجيت غانيون, أنها كلفت فريق الاستجابة للطوارئ بالاستعداد لدعم السلطات المحلية والشركاء, في الشرق الليبي, اثر اعصار “دانيال” الذي اجتاح المنطقة.
من جهته, أكد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي, جوزيب بوريل, متابعة الاتحاد للوضع في ليبيا “عن كثب”, و استعداده لتقديم الدعم الكامل لها, معربا عن تضامنه معها.
وقال الرئيس الفرنسي, إيمانويل ماكرون, ان بلاده تقدم تعازيها لأسر الضحايا و “تحشد الموارد من أجل تقديم مساعدة طارئة”, فيما أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن بلاده “تقف جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة وبقية الشركاء لتقديم المساعدات الممكنة” إلى ليبيا.
كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية, ماثيو ميلر, إن واشنطن “تعمل مع الأمم المتحدة والسلطات الليبية للمساعدة في جهود الإغاثة”.
وفي هذا الصدد, أطلقت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا, إعلانا رسميا ل”حالة طوارئ إنسانية” تجاوبا مع الفيضانات الكارثية في البلاد, حيث قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا, ريتشارد نورلاند, ان اعلان الاحتياجات الإنسانية “سيسمح بالتمويل الأولي الذي ستقدمه الولايات المتحدة لدعم جهود الإغاثة في ليبيا”, مضيفا : “سنقوم بالتنسيق مع شركاء الأمم المتحدة والسلطات الليبية لتقييم أفضل السبل لاستهداف المساعدات الأمريكية الرسمية”.