يعرف فضاء مدينة الأحلام والمرح “فانتازيا لاند” بمقر المركز الجزائري لتطوير السينما في العاشور بالعاصمة، توافدا للعائلات من كل ولايات الوطن، بعد أسبوع من الإعلان رسميا عن افتتاحه من طرف وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، فضاء ثقافي وتربوي وترفيهي مخصّص للعائلات الجزائرية، من أجل التعرف على العديد من الفعاليات الثقافية والفنية، على غرار العروض المسرحية والسينمائية، إلى جانب زيارة المساحات المخصصة للعروض الحرفية ذات الطابع التجاري تقليدي لاسيما العصري.
تجمع “مدينة فانتازيا لاند” هذا الفضاء الساحر المفتوح أمام الزوار يوميا من الساعة 15 مساء إلى غاية01 صباحا، والذي شهدت مرافقه المستوحاة من قصص الخيال، تصوير مشاهد المسلسل الكوميدي الجزائري الشهير “السلطان عاشور العاشر”، بين الألعاب والمرافق الثقافية والترفيهية المتنوعة والمنتجات السينمائية الفنية وفضاء افتراضي يسمح للشباب بالتفاعل وإبراز مواهبهم.
مدخل المدينة متعدّد الفضاءات
ولهذا الغرض تمّ تخصيص واجهة مدخل المدينة المميز، مكانا لإدراج عروض سينمائية بتقنية حديثة ومتطورة تسمح لمن يستعملها بمشاهدة سينمائية متميزة وخيالية تنبض بالإبداع خاصة ما تعلق بتاريخ الجزائر، ومن جانب آخر يرتبط في الجهة الجانبية من مواقع العروض السينمائية، عدة مرافق، منها فضاء لألعاب الأطفال (القطار الملون المتحرك)، فضاء لعشاق رياضة الرماية بالقوس والسهام، إلى جانب فضاء مخصص لركوب الخيل، هذا ومن المرتقب أن يتمّ إنشاء فضاءات أخرى حسب ما وقفت عليه “الشعب” في عين المكان الذي لايزال يعجّ بتحضيرات للمرافق خاصة من الجهة الخلفية للمدينة.
الهندسة المعمارية لفانتازيا لاند
يتميز بنيان “فانتازيا لاند” العمراني المتكون من 31 بابا بهندسة عربية وبطراز إسلامي خلاب، يجبر المتجوّل بين أزقتها الشعبية على استحضار قصص التراث والروايات التاريخية الزاخرة بالأحداث الشيقة والمغامرات الطريفة وذلك على أنغام مؤثرات موسيقية عربية قديمة، كما تضمّ المدينة على غرار أماكن مخصصة للألعاب، محلات تجارية ومرافق للمعارض التقليدية موزعة على عدة أبواب، حيث كل باب يحتوي على موروث جزائري.
أبواب المدينة.. عناوين ملهمة
ترمز أسماء أبواب المدينة إلى نوعية النشاط عموما وهي نفسها التي كانت عناوين محلات المملكة العاشورية، حيث جاءت مترتبة كالآتي: “باب المراح”، “باب الشرق”، “باب الأوراس”، “باب المسجد”، “باب عشر عيون”، “باب الضيوف”، “باب الفوارة”، “باب المايدة”، “باب البحر”، “باب اللوح”، “باب الحلو”، “باب الخير”، “باب الدزاير”، “باب الغرب”، “باب القبائل”، “باب التل”، “باب الرزق”، “باب البرج”، “باب المزاب”، “باب البحر”، “باب الكنز”، “باب القصر”، “باب الصحراء”، “باب السر”، “باب الحبس 1”، “باب الحبس 2”، “باب الصقيفة”، “باب السلطان”، “باب السلطانة المتواجد ببرج1”، “باب هانية” المتواجد ببرج2 و«باب عالية” المتواجد ببرج3.
باب القصر يرحـب بك
«باب القصر” هو أول مرفق وأول وجهة تستقبل الزوار، حيث على مستواه يوجد 05 أبواب أولها “باب الصقيفة” وهو عبارة عن فضاء لعرض وبيع منتوجات تقليدية كالألبسة والأحذية وبعض القلل والأدوات المصنوعة من الطين، كما يضمّ عربات للأحصنة التي استعملت في “عاشور العاشر” وباحة تشبه باحة سوق عكاظ المخصصة للشعراء، ويقابله في الجهة اليمنى ثاني باب “باب الكنز” وهو فضاء مربع الشكل مهيأ برفوف حديدية تحمل أنواع مختلفة من الأجهزة الكهربائية القديمة مثل الراديو أو المذياع اليدوي المزود بحامل أشرطة كاسيت التي كانت رائجة في الجيل الذهبي (جيل الستينات والسبعينات والثمانينات وأوائل التسعينات) والتلفزيون ذو الحدبة الأسطورية، أما في جهة اليسرى فتتصدر عند “باب الواحة” منصة لبيع الشاي الأخضر المنعنع والفول السوداني المحمص اللذيذ، كما يضمّ باب القصر أيضا كل من “باب السعد” و«باب اللوح”، حيث تنتهي أطراف “باب القصر” بسلالم حجرية شبيهة بسلالم أزقة القصبة معلنة في انتهائها على “باب المزاب” المطل مباشرة على ساحة المدينة.
ساحة المدينة.. مرافق ودكاكين
تحتوي ساحة المدينة على دكاكين متراصة ومنصات للعروض، حيث يبلغ عدد الدكاكين عموما نحو ثلاثين دكانا، وتقريبا تبلغ مساحة الواحد منهم (خمسة أمتار طول على ثلاثة أمتار عرض)، حيث كل دكان يحمل هو الآخر اسم معين من الأبواب، أما عدد الدكاكين التي تطل على الساحة مباشرة محددة بـ10 دكاكين هي “باب الدزاير”، “باب الشرق”، “باب الغرب”، “باب التل”، “باب لالة”، “باب الأوراس”، “باب الرزق”، “باب الفوارة”، “باب المايدة”، “باب عشر عيون”، وبالموازاة تحتضن أزقة المكان الجانبية من الطرفين الأيمن والأيسر مرافق فنية تتخللها أنشطة ترفيهية، حيث تضمّ الأزقة أروقة موسومة هي الأخرى بعدة أبواب منها “باب الواحة”، “باب القبائل” الذي يتمّ على مستواه تنظيم ورشات لفن الرسم على الوجه والبشرة، وهي مخصصة لكافة الأعمار، إلى جانب كل من “باب الخير” و«باب الصحراء”، “باب السر” و«باب المراح” الذي يعرف على غرار بقية المرافق حركة نشطة للوافدين، الذين تارة يأخذون صورا من زوايا المكان وتارة أخرى يستمتعون بأجواء المرح في فناء عائلي بامتياز يمتد إلى غاية “باب الجنان”، وهي عبارة عن مساحة مستطيلة الشكل خضراء تسرّ الناظرين.
والجميل في “باب الجنان” على غرار كونه متنفس للراحة فلقد صممت في مدخله مكتبة تضم تشكيلة لا بأس بها من الإصدارات، بلغات مختلفة، حيث بإمكان الزائر أن يوثق في هذا الصرح الثقافي الفني لحظات رائعة مع خير جليس.
بـاب السلاطين..
يمتد على طول الساحة من الجهة اليمنى “باب المسجد” المنبثقة منه نقوش إسلامية متناسقة التصاميم والألوان، وعلى مسافة كل الدكاكين المتراصة يظهر جليا صرح “باب السلطان” و«باب السلطانة” الذي يتميز مدخلة بحنفيتين الأولى تحمل اسم “عين الشرقي” والثانية “عين الغربي”، حيث يتوسّط هذا الصرح كل من “باب الفن” الذي يضمّ قاعة للتدريب المسرحي و«باب الحبس” الذي يعرف على مدار التوقيت الرسمي للمدينة طوابير غفيرة الزوار ينتظرون دورهم بانتظام، من أجل المشاركة في الألعاب التي يشرف عليها ثلاثة ملوك خرافيين، وهي عبارة عن ألعاب فكرية تعتمد على الذكاء والتركيز من بينها لعبة الشمعة والورقة، لعبة النرد والدومينو، لعبة الكرات البلورية، لعبة الكرات العجيبة، لعبة التخمين.
بوابة تراث..
أكد بعض العارضين المتعاقدين مع المسؤولين أن “مدينة فانتزيا لاند” فرصة لدعم نشاطهم التجاري والحرفي على حدّ سواء، ومناسبة للتعريف بمنتوجاتهم التي تتميز غالبا بطابع تقليدي، فالحرفية شهرزاد بعداش صاحبة دكان “باب الدزاير” المختصة في صنع الحلي التقليدي والعصري نوّهت باستحداث هذا الفضاء العائلي الذي أصبح في وقت وجيز مزارا للعائلات لا سيما للسياح، واجهة جديدة للترويج بالصناعة التقليدية، كما أشاد إيزم محمد مصطفي صاحب دكان “باب الغرب” المخصص لبيع أنواع البخور والعطور بالمرافق التي يشارك فيها جمع من الشبان حيث على مستواها تتمّ عملية البيع والشراء بأسلوب سلس ولطيف، أما صاحب دكان “باب التل” وهو حرفي في تدوير المواد وتحويلها إلى زرابي ومقتنيات تقليدية فاعتبر مشاركته نافذة يطل بها على الزوار بمشروعه المصغر، كما صرحّ بأنه يتمنى أن ينقل تقنية رسكلة المواد وتحويلها إلى مواد استهلاكية إلى الشباب دعما للاقتصاد الوطني وتشجيع للإنتاج والتصدير مستقبلا.
متعـة تعيبها التكلفة!
من جهتهم أجمع الزوار على أن “فانتازيا لاند” متنفس ووجهة جديدة مزجت بين التاريخ والحداثة، وهذا نظرا لما تحتضنه من تشكيلة المرافق الموجهة للعائلات، التي اكتست بديكور قديم، على رأسها “باب الأوراس” وهو عبارة عن مقهى عربي قديم يضاهي مقهى ألف ليلة وليلة يتم فيه تقديم مشروبات ساخنة وباردة إلى جانب خدمات ترفيهية يشرف عليها شباب يرتدون ألبسة تعود إلى حقب تاريخية قديمة.
ومن جانب آخر بالرغم من أجواء المرح والمتعة، سجلت “الشعب” امتعاض فئة لا بأس بها من الزوار من فاتورة تسعيرة الدخول لاسيما إلى سعر الألعاب، حيث يتراوح مبلغ اللعبة الواحدة من 200 دينار جزائري إلى غاية 1500 دينار جزائري، هذا وتمنت بعض العائلات التي وصلت إلى عين المكان في حدود الساعة السادسة مساء والقادمة من مختلف ولايات الوطن، أن يتمّ إنشاء مدن مثل “فانتازيا لاند” على مستوى مسقط رأسهم التي تعرف مساحات عذراء من شأنها أن تكون مقصدا لاكتشاف ما تزخر به تلك المناطق من تاريخ عريق ومجيد.
فانتازيا لاند بعيون الجمهور
هناك من يرى بأن الهدف من فتح أبواب “فانتازيا لاند”، هو إبراز أماكن التصوير لعشاق الفن السابع وتطوير السينما الجزائرية إضافة إلى كونها فضاء ومتنفسا ثقافيا وفنيا للعائلات الجزائرية، وهناك من يراها باب رزق للحرفيين وأصحاب المواهب، وهناك من يراها فسحة للاختلاء بالنفس بعيدا عن ضغط العمل ومكان لتوثيق الذكريات، وهناك من يراها وجهة لخوض دور البطولة من خلال ألعاب “باب السجن” الذي تعلو دهاليزه المظلمة شرفة ذات أسوار خشبية كان قد اعتلاها مرارا الفنان صالح أوقروت شفاه الله، والشاهدة على جملته الشهيرة بـ«يا سكان المملكة”.