أمر رئيس الجمهورية بتبني مقاربة جديدة في تسيير المدارس الابتدائية في بعض البلديات الفقيرة، في خطوة كبيرة نحو تجسيد مبدإ المساواة في ظروف التمدرس والعدالة في توزيع الثروة. فإعفاء البلديات الفقيرة والضعيفة من أعباء وتكاليف التكفل بالمدارس الابتدائية، من شأنه أن يوفر جهدا وأموالا للتنمية في البلديات الفقيرة والمعزولة.
يتفق الكثير من المختصين على أن قرارات مجلس الوزراء تستند إلى واقع وقفت عليه السلطات والمواطن على حد سواء. فنجاعة التسيير تتطلب اتخاذ قرارات مفصلية وإنشاء هيئات ومؤسسات تختص بالتسيير الرشيد والأحسن للمال العام، من بينها إنشاء ديوان وطني للمطاعم المدرسية يتكفل بالعملية دون سواه.
ذكّر الخبير الاقتصادي الأستاذ هواري تيغرسي، أن من يقوم بتسيير وترميم وتجهيز ومرافقة المدارس الابتدائية هي البلديات، على خلاف مؤسسات الأطوار التعليمية الأخرى، مشيرا إلى أن هناك بعض البلديات تمتلك ميزانية ضعيفة تعجز عن تسيير شؤونها الإدارية، ناهيك عن تحملها عبء النفقات على المدارس الابتدائية.
وأشار محدثنا، إلى بعض البلديات النائية والفقيرة التي تنعدم فيها مداخيل المؤسسات الاقتصادية وتشهد حركية شبه منعدمة للنشاط الاقتصادي وفقا لطابعها الجغرافي أو لأسباب أخرى، وتعاني حتى من التنمية المحلية فما بالك بتسيير المدارس الابتدائية، وترميمها وتمويل المطاعم.
ويرى الأستاذ تيغرسي، أن إعفاء رئيس الجمهورية هذه البلديات من أعباء التكفل بالمدارس قرار في محلّه، مشيرا إلى أنه من المطالبين بتحويل تسيير المدارس الابتدائية نحو الوصاية، فقطاع التربية أولى بتسيير شامل للمنظمة التعليمية في المدارس الابتدائية.
وأشار الخبير الاقتصادي، أنه لا سبيل للمقارنة بين مدارس ابتدائية تقع في العاصمة والمدن التي لها إمكانات تسمح لها بمرافقة المدارس الابتدائية وتتابع خطواتها طيلة الموسم الدراسي، لذا من حسن التدبير إخضاع تسيير المدارس الابتدائية بالبلديات الفقيرة لقطاع التربية أو لصندوق التضامن الولائي مباشرة.
في السياق، يرى الأستاذ تيغرسي أنه من المستحسن أن تخضع جميع المدارس الابتدائية في التسيير لقطاع التربية، لتبقى البلدية حاملة لصفة المراقب للمنشآت التربوية وتعمل على ترميمها وإعادة تهيئتها، لكن التمويل يبقى تابعا لقطاع التربية بنفس الآليات التي يتم بها تسيير الطورين المتوسط والثانوي.
ودعا تيغرسي إلى تفعيل أداء قطاع التربية بالطور الابتدائي للوصول إلى تسيير وتجهيز ومتابعة هذه المدارس في كل المناطق بأساليب أكثر شفافية وعدالة ومساواة في ظروف التمدرس، وهو ما ركز عليه رئيس الجمهورية مرارا وتكرار حول موضوع العدالة في توزيع الثروة والالتفات للبلديات الفقيرة.
وأضاف الأستاذ تيغرسي، من غير المنطقي مواصلة تمويل المطاعم المدرسية بالابتدائي من مساعدات البلدية، وهو ما يؤثر على نوعية الوجبات بالنسبة للتلاميذ، لذا يجب أن ترتقي الوجبات المقدمة إلى وجبة محترمة وهو ما لا يتأتى إلا بميزانية مخصصة من قطاع التربية مباشرة، ولا ينبغي أن تعتمد ميزانية المطعم أسلوب التسيير من طرف رئيس البلدية.
ويرى الخبير الاقتصادي، أن استحداث ديوان وطني لتسيير المطاعم ينبغي أن يخضع لاستراتيجية متكاملة، من خلال عملية رقابة شفافة وتخضع لمبدإ التشاركية في التسيير وتمكين جمعية أولياء التلاميذ وفاعلين في القطاع من المشاركة في تسيير هذا الديوان حتى يكون هناك تدقيق سنوي بالنسبة للعملية، مشيرا إلى أن وسائل وآليات الرقابة يجب استحداثها حتى لا نقع في نفس المشكل المتعلق بتسيير المطاعم الجامعية من قبل ديوان الخدمات الجامعية الذي يشهد جهودا كبيرة في الرقمنة في الآونة الأخيرة لتسيير أنجع.
وأوضح محدثنا، أن تحميل السادة الولاة، ابتداء من الموسم المقبل، مسؤولية التكفل والإشراف التام والمباشر على الدخول المدرسي في ولاياتهم، يعني أن تخضع العملية بأكملها لمراقبة الولاة من خلال الإمكانات الموجودة على مستوى هيئة الوالي، لذا المطلوب من الولاة اليوم هو العمل ميدانيا والإشراف على جلّ العمليات التي تعني المواطن اليوم، ومن المهم جدّا إعطاء صلاحيات أوسع للوالي، فالوصاية الكاملة تعني التحكم أكثر في الملفات وتحمل المسؤولية من خلال عملية الرقابة بالنسبة للوسائل المتوفرة، سواء في قطاع التربية أو الجماعات المحلّية.