يعتبر لجوء الجزائر إلى منطقة التبادل الحر الإفريقية “زليكاف”، خيارا استراتجيا لمواجهة المنافسة العالمية المتزايدة خاصة داخل القارة، إضافة إلى الاستفادة من جملة المزايا الجمركية والضريبة التي ستسمح برفع حجم مبادلات التجارة البينية الإفريقية، بـ15 إلى 25٪.
قال أستاذ الاقتصاد بالمركز الجامعي لولاية تيبازة، خالد قاشي، في تصريح لـ«الشعب»، إن الجزائر بذلت جهودا في سبيل إحداث إصلاحات هيكلة على اقتصادها، أبرزها تحرير التجارة، تشجيع القطاع الخاص، إعادة هيكلة المؤسسات، خوصصة المؤسسات الاقتصادية العمومية وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي لتحقيق تنمية حقيقية تنعكس على الاقتصاد، ثم الرفع من المستوى المعيشي واكتساب إمكانات لمواجهة المنافسة، خاصة داخل القارة والاستفادة من منطقة التبادل الحر القارية الافريقية.
ولفت المتحدث الى أن الجزائر هي قلب إفريقيا ومحور تجاري هام، معتبرا أن لجوء الجزائر إلى هذه المنطقة «زليكاف» له أبعاد وانعكاسات على الاقتصاد الوطني، يتعلق بزيادة حجم المبادلات التجارية، تشجيع الحركة التجارية عبر هذه المناطق التي تمثل نقاطا حدودية مما يؤدي إلى تنشيط التجارة وإنشاء القواعد اللوجيستية من تخزين ونقل، خدمات مرافقة، بالإضافة الى خلق فرص عمل.
على الصعيد الاقتصادي، تهدف منطقة التجارة الحرة الإفريقية «زليكاف» إلى بعث الحركية الاقتصادية، من خلال خلق سوق موحدة للسلع والخدمات تشغل فيه عملية تنقل الأشخاص لتحقيق التكامل الاقتصادي للقارة، وفقا للرؤية الإفريقية الممثلة في إفريقيا متكاملة ومزدهرة.
وتابع قاشي، هذه المناطق تسهل الاستثمارات البينية المبنية على التطورات في دول الأطراف ومجموعات اقتصادية إقليمية، مع محاولة إرساء الأسس لإقامة اتحاد جمركي قاري وسوق مشتركة قارية موحدة في مرحلة لاحقة، والعمل على تحسين القدرة التنافسية لدول الأعضاء داخل القارة وفي السوق العالمية، بالإضافة الى تشجيع وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة الشاملة، والعمل على المساواة بين الأجناس.
أبرز الخبير في ذات الشأن، أهمية الاتفاق الذي انضمت إليه الجزائر في عديد النواحي، خاصة ما يتعلق بالصناعة المحلية وتنويع المنتجات وتنمية الزراعة داخل القارة الإفريقية، بالإضافة الى الإلغاء التدريجي للرسم والحواجز الجمركية التي تعترض التجارة داخل القارة، وكذا التحرير التدريجي لتجارة الخدمات والاستفادة من تجارب بعض الدول داخل القارة.
وتسمح هذه الخطوة بالتعاون في عديد المسائل المتعلقة بالتجارة والجمركة، مع تيسير التجارة بين الدول وإنشاء إطار مؤسساتي لتمويل وإدارة منطقة التجارة الحرة لضمان استمراريتها، مشيرا الى الإمكانات الهامة التي تمتلكها الجزائر في مجال المنشآت القاعدية القادرة على خلق تكامل اقتصادي من خلال ربط العمق الأفريقي بالبحر الأبيض المتوسط.
بشأن ما تحققه منطقة التجارة الحرة للدول الأعضاء وللجزائر على وجه الخصوص، قال إنها توفر عديد المزايا والفرص للدول الإفريقية، وستصبح أحد المحركات الأساسية لخلق النمو الاقتصادي، التصنيع والتنمية المستدامة لقارة إفريقيا. كما أن الاتفاق يسمح بخفض الرسوم الجمركية، بما يقارب 90٪ مما يؤدي إلى خفض الأسعار، وهي فرصة استثمارية للدول الإفريقية، التي ترغب الاستثمار في هذا السياق، منها الجزائر.
وتسمح العملية -يضيف الخبير- بخفض الأسعار بسهولة بدل الإجراءات الروتينية التي تؤدي إلى ضياع الوقت على البلدان الإفريقية، على أن تحصل الدول على خمس سنوات كفترة تهيئة للتحقق من النسبة، بينما الدول الإفريقية الأقل نموا تحصل على مدة تصل الى 10 سنوات كفترة تهيئة للوصول إلى النسبة المقصودة 90٪.
من المتوقع أيضا، أن تصبح منطقة التجارة الحرة القارية -يضيف الأستاذ- لعبة تغيير جديدة لإفريقيا ومحركا جديدا للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة للفترة، تماشيا مع أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، وذلك من أجل إفريقيا التي نريد، وجدول أعمال الأمم المتحدة 2030 من خلال إلغاء التعريفات الجمركية وإزالة الحواجز غير التعريفية، ومن المتوقع أن تتصدى اتفاقية التجارة الحرة لفتح أسواق أفريقية ودعم خلق بيئة أعمال مواتية للتجارة البينية بين دول الأعضاء.
تمثل التجارة البينية الإفريقية حاليا حوالي 17 إلى 19٪ وهي نسبة ضعيفة بالمقارنة مع 59٪ تجارة بينية في قارة أسيا و69٪ تجارة بينية في دول أوروبا، ما يعني أن قارات العالم الأخرى «أوروبا، وآسيا» وخاصة دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والصين، تعمل على الاستفادة أكبر من الصادرات والواردات للدول الإفريقية، لذلك تأتي اتفاقية التجارة الحرة لتقدم مزيد العون للدول الإفريقية لتحقيق التكامل الاقتصادي.