يتلقّى تلاميذ الطور الابتدائي والمتوسط، اليوم الثلاثاء، تزامنا مع الدخول المدرسي 2023-2024، أول درس لهم حول “الطفل وتكنولوجيات الإعلام والاتصال”، في حين خُصّص موضوع “تعزيز اللحمة الوطنية” لتلاميذ مرحلة الثانوي.
يلتحق اليوم أزيد من 11 مليون تلميذ في المراحل التعليمية الثلاث، بمقاعد الدراسة، يؤطرهم أزيد من نصف مليون أستاذ، بقرابة 30 ألف مؤسسة تربوية، في ظل إجراءات تنظيمية وبيداغوجية جديدة تهدف إلى تحقيق تعليم نوعي، ومع حرص كبير لانجاح الدخول المدرسي، شدّد عليه رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة.
وبخصوص اختيار الدرس الافتتاحي، أشارت مراسلة لوزارة التربية الوطنية إلى مديرياتها في الولايات، أن اعتماد محور الطفل وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، كدرس افتتاحي لتلاميذ مرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط، يفرض نفسه في الظرف الحالي، نظرا لتأثير هذه التكنولوجيات على أغلب فئات المجتمع، وخاصة التلاميذ.
ضف إلى هذا “الاستعمال السيئ لهذه التكنولوجيات الذي يتسبب في حالة من الإدمان لدى الأطفال والمراهقين، حيث يؤثر سلبا على صحتهم النفسية وتحصيلهم الدراسي”، بحسب ما أوضحته ارسالية الوزارة.
التكنولوجيا.. سلاح ذو حدّين
بالفعل برهنت بحوث ودراسات ان الادمان على تصفح الشبكة العنكبوتية، بمختلف مواقعها المتاحة بسهولة وما تحمله بعضها من عنف وسلوكيات منحرفة، قد تكون عواقبه وخيمة سواء على تحصيلهم الدراسي، أو سلوكهم الاجتماعي، بسبب تحطم القيم والمبادئ المثلى، وقد تصبح التكنولوجيا –عكس المرجو منها- بوابة لجميع أنواع الأمراض الاجتماعية والنفسية.
وفي السياق، جاء في دراسة بعنوان ” إدمان الأطفال والمراهقين على الانترنت وعلاقته بالانحراف”، نشرتها مجلة العلوم النفسية لجامعة بغداد (كلية التربية – ابن الهيثم قسم التربية وعلم النفس)، ان “الإنترنت عبارة عن فضاء واسع يشبه الفضاء الكوني من حيث اتساعه ومن حيث وجود ثقوب سوداء فيه، تبتلع من يدخل إليها أو يقترب منها حيث أن لها جاذبية مغرية لكنها مهلكة”.
ولحساسية الموضوع، كان لابد لوزارة التربية من تسجيل وقفة، من اجل تحسيس تلاميذ في مرحلة سنية حرجة، بجدوى استعمال صحيح وواع لتكنولوجبا الاعلام والاتصال، لزرع بذور صحية في أطفال من شأنها أن تُنتش نشئا صالحا.
تعزيز روح اللحمة الوطنية.. عقيدة مُترسّخة
يهدف تلقين موضوع تعزيز اللحمة الوطنية لدى طلبة الثانويات، بحسب ما أوردته وزارة التربية الوطنية، إلى توعية التلاميذ وترسيخ روح الانتماء للوطن والاعتزاز بمقدساته، وغرس مبدأ الوحدة الوطنية والتمسك بها وتعزيز أواصر الإخوة بين أفراد المجتمع، وبالأخص ان تلاميذ المرحلة الثانوية، هم شباب المستقبل القريب، الذين سيُدمجون بعد انتهاء دراساتهم العليا أو مختلف مساراتهم التكوينية، في عالم الشغل ويشكلون طبقة هامة وفاعلة في المجتمع، خاصة في حال انخراطهم في المجتمع المدني، من أحزاب وجمعيات ومنظمات على اختلاف نشاطاتها.
وبهذا يشكلون قوة كفيلة بصنع ملامح المجتمع، قوة تساهم أبضا في تصميم مخططات وسياسات البلاد، في مرحلة فُتحت فيها الأبواب واسعة أمام الشباب لتبوّء المسؤوليات والمهام القيادية.
واختيار محور تعزيز اللحمة الوطنية يأتي في سياق، الجزائر حريصة فيه أكثر من أي وقت مضى على ترسيخ روح الوطنية وفخر وحب الانتماء خاصة لدى الشباب، مثلما أكّده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لدى تنصيب المجلس الاعلى للشباب في 20 جوان 2022، والجزائر على أبواب الاحتفال بستيتية استقلالها، حيث خاطب الرئيس أعضاء المجلس قائلا: “تدركون عظم مساهماتكم في تمجيد تاريخنا الوطني لأنكم من سلالة الشهداء والمجاهدين وتسيرون على نهجهم وتستحضرون المبادئ والقيم التي ورثها الشعب الجزائري عنهم وحمى بها وحدته وتماسكه أمام المكائد والمناورات التي استهدفت ومازالت تستهدف الأمة”.
واسترسل رئيس الجمهورية قائلا “إننا في هذا الظرف الذي يستدعي تظافر جهود كل الإطارات والأطياف من كل المشارب لتعزيز اللحمة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية، أمام ما يواجهنا من تحديات إقليمية صعبة ورهانات دولية معقدة، نراهن بكل ثقة على شبابنا الذي تشق به الجزائر طريقها إلى الرفعة والسؤدد”.
تلميذ، فطالب، فشاب فاعل في المجتمع، منخرط في مؤسسات الدولة، ناشئ على قواعد سليمة، متحكم في التكنولوجيا، يتطلع إلى مواكبة العصرنة، دون الحياد عن الأصالة والأخلاق والمبادئ الموروثة عن السلف الصالح.. هو تحدي ورهان وزارة شعارها “التربية” قبل “التدريس والتعليم”.
الثقافة المرورية بالمدارس.. أخيرا
بعد سنوات من الانتظار، يُشرع هذه السنة في تلقين التربية المرورية في الوسط المدرسي لصالح الأطوار التعليمية الثلاثة.
وفي هذا الصدد، أعدّت وزارة التربية الوطنية مذكرة منهجية حول كيفية تدريس التربية المرورية في الوسط المدرسي، ترتكز أساسا على دروس ضمن المقرر الدراسي، إضافة إلى الاستفادة من أنشطة مكملة تتدخل فيها جمعيات وجهات أمنية تعمل على اعداد الدعائم من مطويات وملصقات تحسيسية لفائدة التلاميذ أو تُنظّم حصص تطبيقية بالمؤسسات التربوية لتعليم الأطفال السياقة وفق قوانين المرور.
ويتم تلقين التربية المرورية في الوسط المدرسي وفق برنامج تعده لجنة وزارية مشتركة مكلفة بدراسة كل المسائل المرتبطة بالتربية المرورية وابداء الرأي فيها.
قرار ادماج الثقافة المرورية في المناهج التعلمية، رغم تأخره، يأتي بعد استفحال حوادث المرور كظاهرة اجتماعية في المجتمع الجزائري، حيث أصبح “ارهاب الطرق” يشكّل تهديدا أمنيا فعليا، وهاجسا حقيقيا لابد من ايجاد الحلول الكفيلة بتداركه أو على الأقل التخفيف منه.
وفي الغالب يعود سبب “مجازر الطرق” التي نشهدها بشكل شبه يومي، إلى الاستهانة بقانون المرور، والاستخفاف بالمخاطر التي قد تنتج عنه، رغم الاحصائيات المرعبة للمصالح المختصة حول الخسائر في الأرواح والممتلكات.
تعديل شبكة المواقيت الأسبوعية.. مرونة أكبر
من بين المستجدات التي أعلنت عنها وزارة التربية الوطنية، تعديل ” شبكة المواقيت الأسبوعية” بالنسبة لمرحلة التعليم الابتدائي، يشرع في تطبيقها بداية من هذا الموسم الدراسي.
وأوضحت الوزارة ان المواقيت الجديدة كفيلة بإحداث “الانسجام” في تنظيم الزمن الدراسي اليومي والأسبوعي في هذه المرحلة التعليمية، قصد “تجاوز الاختلالات المسجلة”.
وبعد التفصيل في اجراءات المواقيت الجديدة، أكّدت الوزارة أن التنظيم الزمني الجديد يهدف ايضا إلى “ايجاد فضاءات زمنية تسمح للتلاميذ بممارسة مختلف النشاطات الثقافية والرياضية ودمج حصص المعالجة في مسار التعلم، إضافة إلى إدخال المرونة في التنظيم البيداغوجي”.
الشبكة الجديدة للمواقيت توفر أنصاف أيام لتلاميذ الطور الابتدائي، لتمكينهم من ممارسة التربية الرياضية والبدنية أو نشاطات ثقافية، حيث يستفيد تلاميذ السنة الأولى والثانية ابتدائي، الذين يزاولون دراستهم بمؤسسات تعمل بنظام الدوام الواحد، من أمسية يومي الثلاثاء والخميس للراحة، بحسب منشور لوزارة التربية.