يُناقش الملتقى الدولي “تحيين التكوين في علوم الإعلام والاتصال في عصر الوسائط الجديدة”، مسائل طالما أخذت حيزا واسعا من النقاش وسط الجامعة الجزائرية وأسرة الإعلام وفاعلين..
يتناول هذا الملتقى، الذي ينظمه قسم علوم الإعلام لكلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر3 ( يومي 13 و14 ديسمبر المقبل)، جوانب عديدة في القطاع والمهنة، في أربعة محاور: فلسفة التكوين الأكاديمي والمهني في علوم الإعلام والاتصال، تطور التكوين في علوم الإعلام والاتصال من خلال التجارب الدولية.
ويتطرق المحور الثالث، حسب وثيقة الإعلان عن المؤتمر بموقع الكلية، تفاعل مؤسسات التكوين في علوم الإعلام والاتصال مع البيئة الرقمية الجديدة، وأخيرا تحيين محتويات التكوين مع متطلبات البيئة الرقمية الجديدة.
عن واقع التكوين ومتطلبات الممارسة المهنية، وما تقتضيه تحديات ورهانات تحيين برامج وأدوات التكوين للتكيف مع البيئة الرقمية، تُثير الصحفية والأستاذة الجامعية في شعبة علوم الاعلام والاتصال بقسم العلوم الانسانية بجامعة البليدة 2، في تصريح لـ”الشعب أونلاين”، مسائل كثيرة تخص تحيين التكوين في علوم الإعلام والاتصال.
واقع التكوين
تنطلق بوثلجي، في تشريحها لواقع التكوين، من مخرجات آخر اجتماع لمجلس الوزراء بشأن مقترح إعداد دراسة شاملة ومتكاملة حول جدوى العودة المرنة إلى نظام “ليسانس كلاسيكي”، تعويضا لنظام “أل آم دي”، خطوة هامة في مسار تحيين منظومة التكوين بالجامعة، التي بحاجة مراجعة عميقة ومدروسة.
تقول بوثلجي: “نأمل أن يأخذ مقترح العودة إلى 4 سنوات ليسانس مجراه في التطبيق، نظام أل. آم. دي يعتمد على فترة سداسية وهنا الخلل، على اعتبار أنه توجد مقاييس من غير الممكن أن تلبي احتياجات التحصيل اللازم لدى الطالب في 6 أشهر”.
ومن عيوب نظام الـ”أل.أم.دي”، برأي بوثلجي، عدم تناسب الحجم الساعي في بعض المقاييس مع ما يجب أن يتلقاه الطالب، ناهيك عن أنه غير محيّن، وأشارت إلى نقطة أخرى متعلقة بفتح عروض تكوين لا ترتكز على دراسة جدوى وبرامج مضبوطة.
اختلالات..
كثيرا ما يدور النقاش حول الـ”الهوة” بين التحصيل في الجامعة والممارسة المهنية.
وفي هذا الجانب تُشير المتحدثة إلى أن طلبة علوم الإعلام والاتصال يدرسون مقاييس، منها تطبيقية، تُؤهلهم لولوج المهنة بعد استكمال دراساتهم، إلى جانب مقاييس أخرى تكون مرتكزات نظرية هامة في مسار تكوين الطالب ورفع قدرات التفكير والنقد والتحليل.
في الجانب المتعلق بمقاييس مثل فنيات التحرير، التنشيط الإعلامي والتلفزي، صحافة الكترونية، تقول بوثلجي إنه من غير المنطقي أن تقدم في شكل محاضرات، ويفترض أن يتلقاها الطلبة في أعمال تطبيقية وورشات عملية وداخل استديو بالنسبة للتنشيط، ويشرف عليها أساتذة لديهم خبرة مهنية تؤهلهم لتكوين الطلبة.
وعن فارق بين التكوين الجامعي في الصحافة والممارسة المهنية، تشير المتحدثة الى أنه تُوجد أساسيات وقواعد يتلقاها الطالب: “مثلا الطالب الشغوف يهتم بمقاييس نظرية تركز على نظريات الإعلام والاتصال، تاريخ وسائل الإعلام وتطورها، الصناعة الإعلامية، التأثير على الجمهور.. ألخ”.
وتتابع: “هذه المقاييس تنمي مهارات التفكير النقدي وقوة الطرح والتحليل لدى الطلبة و”تصنع” صحفي الغد، لكن للأسف الطلبة اليوم يرون أنهم ليسوا بحاجة لهذه المقاييس النظرية”.
ومن الجوانب الأخرى، التي أثارتها الأستاذة بجامعة البليدة 2، ما يتعلق بتعميم تخصصات في كل جامعة، وتعتبر ذلك من الأخطاء التي أثرت على التكوين في مجالات كثيرة.
وتقول: ” عروض التكوين، فتح البرامج والحجم الساعي للمقاييس، جوانب بحاجة إلى مراجعة مدروسة وتحيين”.
البيئة الرقمية
الحديث عن معالجة “عيوب” في منظومة التكوين في علوم الإعلام والاتصال، يفرض أيضا – حسب المصدر – التطرق إلى جوانب أخرى متعلقة بالطالب في حد ذاته.
وتواصل: “هناك أساتذة متمكنين وتأطير نوعي، لكن كثيرا ما نلاحظ عدم اهتمام بعض الطلبة بالمحاضرات والدروس”.
من منظور عام، تقول المتحدثة ذاتها أن الحديث عن تسوية “اختلال” بين التكوين الجامعي في الصحافة ومتطلبات الممارسة المهنية، يرجع إلى اعتبارات كثيرة، على رأسها مراجعة عميقة لبرامج التكوين والتأطير، غير أن المسألة غير مرتبطة بالتكوين فقط، مثلما أشارت سابقا.
وفي حديثها عن رهانات وتحديات تحيين منظومة التكوين في علوم الإعلام والاتصال، تبرز بوثلجي أن البيئة الرقمية من التحديات الجديدة للجامعة، والتي تقتضي – حسبها – تحيين برامج، وتدعيم المؤسسات الجامعية بأدوات ووسائل تتيح إمكانية تكوين الطلبة وفق متطلبات سوق العمل في البيئة الرقمية.
في عصر الوسائط الرقمية، وما بات يصطلح على تسميته مجتمع ما بعد المعلومات، أصبحت الممارسة المهنية – تضيف- أكثر تطلبا “الصحفي بحاجة إلى اكتساب مهارات عديدة، التكوين ليس حكرا على خريجي كليات الإعلام فقط، الصحافيون بحاجة أيضا إلى تحين مهاراتهم والتكيف مع الاستخدامات الرقمية.
يُشار إلى أن تحسين جودة التكوين الجامعي واصلاح وعصرنة التعليم العالي، يدخل ضمن اهتمامات السلطات العليا في البلاد، حيث قدّم الوزير بداري، بداية السنة الجارية، مشروع تنظيم الجلسات الوطنية حول إصلاح وعصرنة التعليم العالي.
وبغرض عقد جلسات وطنية حول إصلاح نظام التعليم العالي، تجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية، شرعت وزارة التعليم العالي في تنظيم ندوات جهوية، سبقها تشكيل فوج عمل مكلف بإعداد مشروع تمهيدي لدليل يتعلق بتحضير الورشات الموضوعاتية للجلسات المحلية.