وصف الدكتور عبد الرحمن هادف توجه الجزائر نحو تعزيز بنيتها التحتية وتقوية تنوع خيارات الجانب اللوجيستي، بالمهم والمفضي مستقبلا إلى آثار تنموية وتحقيق التوازن الجهوي. وقال إن كل الجهود التي تصب في تطوير البنى التحتية، بما فيها السكك الحديدة، يرتقب أن تساهم في فتح أروقة اقتصادية جديدة ستنعكس مؤشراتها الإيجابية على الأداء الاقتصادي، وفوق ذلك ستعمل على تغيير وجه التنمية المحلية عبر فك العزلة عن ولايات الجنوب وعدة دول إفريقية تفتقد للمنافذ البحرية. كما أكد أن خطوط السكك الحديدية ستمنح فرصا لتوزيع وتسويق المنتجات الصناعية بكلفة نقل منخفضة.
في ظل التحول الاقتصادي الضروري والسريع والمستمر، ينظر إلى مختلف البنى التحتية وكذا الجانب اللوجيستي، على أنه شريان ضروري أو رئة حقيقية يتنفس من خلالها الاقتصاد. في هذا الإطار، يتوقع الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف، أن يقوم قطاع النقل، في المرحلة المقبلة، بدور محوري، من خلال الارتقاء بالجزائر إلى مصاف الدول المتقدمة، على خلفية أن قطاع النقل البري أو البحري وعبر السكك الحديدية، سيؤدي دورا مهما في تحسين الأداء الاقتصادي للجزائر، لأن النقل في الوقت الحالي يعتبر من أهم النشاطات في المجال اللوجيستي، وبالتالي سيسمح للجزائر أن تحقق قفزة نوعية في الأداء الاقتصادي.
على هذا الأساس يرى الخبير هادف، في تصريح لـ “الشعب”، أن العديد من النشاطات حاليا في مجال النقل وخاصة فيما يتعلق بالنقل عن طريق السكك الحديدية، يعد، بحسب تقديره، من القطاعات المهيكلة للاقتصاد الجزائري وكذلك يصنف من بين القطاعات التي ستلعب دورا مهما للتنمية الإقليمية. وقال الدكتور هادف، إننا ماضون في استغلال كل المقومات التي تزخر بها الجزائر وأيضا كل ما من شأنه أن يسمح بتكريس التوازنات الجهوية وخاصة من خلال منح أهمية أكبر لمناطق الهضاب العليا والجنوب الكبير، وبالتالي صار من الضروري استكمال تطوير وتحسين مختلف المجالات، مثل النقل وخاصة النقل بواسطة السكك الحديدية.
توسيع المشاريع الحيوية
راهن الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، على الأشواط المقطوعة بخصوص ما تم إنجازه في مجال السكك الحديدية، كخيار حيوي يضاف لوسائل النقل المتوفرة، وكرافد من روافد تساهم في دفع عجلة التنمية على ضوء مقاربة محلية ذات بعد تعمم فيه التنمية على جميع ولايات الوطن، مؤكدا أن الجزائر تمكنت من إنجاز شبكة للسكك الحديدية يفوق طولها 4500 كلم جعلت منها من الدول الرائدة على المستوى الإقليمي في هذا المجال. علما أن الأهداف المسطرة والرهانات المرفوعة كبيرة، في ظل سقف التطلعات العالي، من أجل مواصلة إنجاز المزيد من المشاريع المتعددة، بما فيها مشروع إنجاز شبكة تفوق 6000 كلم في آفاق عام 2026 ومن ثم الاستمرار في توسيع المشاريع من خلال إنجاز 12,000 كلم من السكك الحديدية في آفاق عام 2030، وهذا ما سيمنح الجزائر، بحسب تقدير الخبير، امتلاك أقوى بنية تحتية في السكك الحديدية في العالم.
فتح أروقة اقتصادية
وأكد الخبير هادف، الأهمية الإستراتجية لقطاع السكك الحديدة، خاصة على صعيد مرافقة مختلف المشاريع الاستثمارية، منها المشاريع الكبرى، على غرار نقل الحديد من غار جبيلات إلى وهران، وكذا مشروع استخراج الفوسفات، ويتوقع أن تمكن خطوط السكك الحديدة من فتح أروقة اقتصادية عبر تجسيد مشاريع اقتصادية كبرى إستراتجية.
كما سترافق هذه الأروقة الاقتصادية والمنشآت ما يسمى الهياكل العمومية في قطاع الصناعة على وجه الخصوص وكذا في مجال الخدمات والسكن، لأنه سيكون لها دور إيجابي في تنويع الاقتصاد وهذا النوع من وسائل النقل سيجعل للجزائر دورا إقليميا، فضلا عن فك العزلة عن الكثير من الدول المجاورة، خاصة دول الساحل التي تواجه تحديات حقيقية، في ظل غياب منافذ البحر. وإلى جانب تركيز الجزائر على النقل البحري من خلال ربط الموانئ بواسطة شبكة السكك الحديدية، التي من شأنها أن تسمح للكثير من الدول وخاصة على مستوى منطقه الساحل ووسط إفريقيا أن يكون لها منفذ على البحر. ولم يخف الخبير هادف، أن هذا التوجه للجزائر سيكون له دور محوري.
وبالموازاة مع ذلك، سلط الدكتور هادف الضوء على أهمية إمكانات الشركات الوطنية ومكاتب الدراسات التي أصبحت لها الكفاءة وتتمتع بالمهارة وتتحكم في هذا المجال، خاصة إذا انخرطت في العمل مع شركات رائدة، على غرار الصين التي أصبحت دولة متقدمة في إنجاز المنشآت القاعدية، واصفا أن إطلاق المشاريع في السكك الحديدية سيكون له أثر على الاندماج في مجال النقل، ومن ثم تفضي إلى بروز نشاطات ترافق هذه المشاريع الكبرى، من خلال تصنيع المركبات والأجهزة المستعملة في مجال السكك الحديدية وتصنيع أيضا السكك في ظل وجود قرار لإنشاء مصنع، ويمكن مرافقة مركب الحجار لمشاريع السكك الحديدية.