أعلنت وزارة التربية الوطنية عن سياق إدراج التربية المرورية في الوسط المدرسي، حيث ستكون مادة تكميلية تقدم على شكل معارف ومهارات من شأنها تحسين قدرات التلميذ في التعامل مع عناصر المرور والوقاية من الحوادث.
تعد حوادث المرور من أكثر المشاكل التي نواجهها اليوم وتعتبر من الأسباب الرئيسية للوفيات والإصابات الجسدية والعاهات الدائمة، ولماذا تعالت الأصوات لإدراج التربية المرورية في الوسط المدرسي كإستراتيجية لرفع وعي الطفل بخطورة الوضع.
في هذا الصدد، ثمنت رئيسة جمعية الممرنين المحترفين، نبيلة فرحات، ما جاءت به وزارة التربية الوطنية في بيانها حول سياق إدراج التربية المرورية في الوسط المدرسي، خاصة وأن هذه الأخيرة تطمح لبناء منظومة فكرية منظمة تقوم على تعزيز الجوانب الحسية المعرفية والمهارات المعنوية لدى الفرد.
وأبرزت الوزارة ضرورة تضافر جهود جميع المتدخلين ضمن إستراتيجية وطنية متعدّدة الأبعاد لأجل التصدي لهذه الظاهرة والحد من آثارها، وتعليم النشء الثقافة المرورية ضمن منهاج يرفع نسبة الوعي بخطورة الحوادث، الذي يكون عن طريق رسومات ورموز توضح الصورة للمعلمين -تقول فرحات- أشار البيان إلى مساهمة القطاع في غرس الثقافة المرورية من خلال المقاربة التحسيسية والتوعوية، وهي المقاربة الأكثر أهمية في مواجهة ظاهرة حوادث المرور من خلال التحسيس والتوعية باعتبارها الأداة الأكثر تأثيرا على سلوك الأطفال لحمايتهم مما تسببه حوادث المرور من مآسي، وصولا لجعلهم مواطنين قادرين على لعب أدوارهم المدنية، من عيش مشترك واحترام للقوانين والنظم المسيرة للحياة المدنية.
وفيما يخص أبعاد التربية المرورية، حيث اقترحت نبيلة فرحات في هذا الشأن تدريس التربية المرورية مستقبلا منفصلة على المواد ولا تكون تكميلية، لأنها من بين الأضلع المهمة في مبدأ السلامة المرورية، مضيفة كبداية تضاف إلى المواد المقررة- بحسب ما جاءت به الوزارة – تقدم في شكل معارف ومهارات ومواقف تستند على مواد حاملة تساعد على تنمية كفاءات المتمدرسين.
وأشارت فرحات إلى ضرورة وجود كتب تحوي على شرح مفصل حول ما يحويه قانون المرور 01-14 المعدل والمتمم لحركة المرور، وذلك لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها وزارة التربية المتعقلة بتعزيز قدرات التلاميذ للتعامل مع الفضاءات المرورية، ترسيخ المفاهيم والسلوك المروري الآمن لدى الطفل، تربيتهم على احترام قواعد المرور والوصول بهم إلى سلوك مروري صحيح من خلال إكسابهم مهارات تساعدهم وتحميهم من حوادث الطرقات.
ويساعد تدريس التربية المرورية على احترام قواعد المرور والانضباط المروري، التعامل مع متقاسمي الفضاء المروري بوعي، الوعي بالحقوق المترتبة عن مشاركة الفضاءات إعطاء الطريق ومستعمليه حقوقهم والأهم الوقاية والسلامة وحسن التصرف في المواقف الطارئة.
تطرقت وزارة التربية الوطنية في هذا السياق الى محاور التربية المرورية المتعلقة بمعرفة قواعد المرور، معرفة وسائل النقل واستخدامها غرس السلوكات الحسنة حول الوقاية والأمن في الطرق، لتنمية الوعي بمخاطر الطريق والتلوث البيئي الناجم عن استعمال وسائل النقل لبت استغلال تكنولوجيات الاتصال الحديثة للتبليغ عن حوادث المرور.
يرتكز برنامج التربية المرورية -يضيف ذات المصدر – على التوعية والتحسيس الذي يعد مهما في إكساب المتعلمين الثقافة المرورية، وتزويدهم بالمفاهيم المرورية والمعارف والمهارات والقيم والمواقف التي تمكنهم من حماية أنفسهم والآخرين من أخطار الطريق وعن برنامج التدريس، فهو يخص الأنشطة البيداغوجية متكاملة تجمع بين معارف ومهارات وقيم ومواقف، يمكن تحصيلها وتطويرها وتحويلها إلى تصرفات تساهم في ضمان سلامة الأشخاص وأمن الطرقات والتقليص من حوادث المرور، كما تعمل على ضمان حق الحياة للفرد والجماعة من خلال مواضيع تتناول كيفيات التنقل الآمن، تقاسم الفضاء المروري، طرق الوقاية والسلامة المرورية، الالتزام بالقانون واحترام النظم.
بالنسبة للموارد المجندة لتناول مفاهيم ومواضيع التربية المرورية فهي تجمع-حسب ذات المصدر- بين المعارف والمهارات والقيم والمواقف في آن واحد، وبذلك يتم المزج بين الأنشطة البيداغوجية التي تنطلق من برنامج التربية المرورية ومصفوفة الموارد المحددة لكل مرحلة تعليمية، والأنشطة المكملة القائمة على تفعيل نوادي السلامة المرورية، وتنشيط الإعلام المدرسي، وتنظيم حملات إعلامية توعوية في الوسط المدرسي، بمساهمة مختلف القطاعات ذات الصلة بموضوع التربية المرورية.
لا تختلف منهجية تناول مفاهيم ومواضيع التربية المرورية في الوسط المدرسي، عما هو معمول به في بقية المواضيع المدرجة في التربية المدنية، على اعتبار أنها موارد تطور الفكر وتعمل على تعديل السلوك من خلال الاستيعاب الفكري للمفهوم أو الموضوع، ولن يتم ذلك إلا من خلال فسح المجال للنقاش لفهم التصورات الأولية، ومناقشة تأثيراتها على الفرد والمجتمع.
لتوفير فرصا أخرى لإرساء ثقافة مرورية لدى المتعلمين، يتعين العمل على استغلال كل المفاهيم المتناولة من خلال برنامج التربية المرورية في سياق الوضعيات التي تتيحها بقية المواد لتحقيق التشاركية بينها، ولتسهيل عملية الفهم على المتمدرسين.
ولإنجاح هذا المسعى وفرت المندوبية الوطنية للأمن في الطرق مجموعة من الكتيبات التوضيحية بمستويات مختلفة لمفاهيم ومواضيع التربية المرورية في الوسط المدرسي، كما ستقوم وزارة التربية الوطنية ووزارة النقل المندوبية الوطنية للأمن في الطرق بإعداد وتحيين الدعائم التعليمية الخاصة بالسلامة المرورية في شكل نماذج مرقمنة، تتضمن تطبيقات نموذجية لمختلف الوضعيات المرورية – حقيقية كانت أو افتراضية – تحاكي مواقف واتجاهات السلوك السوي في الفضاء المروري.
وعن تقييم الموارد المدرجة في برنامج التربية المدنية في مرحلتي التعليم الابتدائي والتعليم المتوسط، ستكون ضمن الموارد المعنية بالتقييم في ميدان الحياة المدنية، على غرار بقية الموارد المقررة في المنهاج، أما في مرحلة التعليم الثانوي العام والتكنولوجي، يتم اعتمادها كموارد لحل المشكلات المطروحة بحسب المادة الحاملة لها.
شددت الوزارة في ختام بيانها، على ضرورة مرافقة عملية للأساتذة في المراحل التعليمية الثلاث من قبل المفتشين، لذا يتعين عليهم برمجة ندوات تربوية وأيام دراسية حول مختلف الجوانب المتعلقة بالتربية المرورية، ضمن السيرورة العادية للتكوين أثناء الخدمة، من أجل إرسائها الفعلي.
من جهته الناشط التربوي كمال نواري، صرح أن إدراج التربية المرورية جاء على خلفية الارتفاع الرهيب لحوادث المرور، ويهدف من ورائها إلى غرس ثقافة الوعي لدى تلاميذ الأطوار الثلاث.
طمأن الأولياء، أنها لن تكون عبئا على التلميذ، لأنها عبارة عن نشاط بيداغوجي لكل المواد التعليمية دون زيادة في الحجم الساعي لهم، موضحا أن الحصص التوعوية والتحسيس من شأنها التقليل من نسب الحوادث والوفيات.
أكد نواري ختاما، أن غاية المدرسة تنشئة المجتمع على احترام القيم الروحية والأخلاقية والمدنية والقيم الإنسانية ومراعاة قواعد الحياة، وأن يلعب الطفل دورا هاما في حماية نفسه من الأخطار المرورية وهذا بإشراك الأولياء في العملية التوعوية.