أكد أستاذ مختص ومحلل سياسي أن انسحاب الجيش الفرنسي من النيجر يعد انتصارا للمقاربة الجزائرية في دعم الحلول السلمية والوساطة في فض النزاعات في دولة النيجر ونجاحا للمبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية من أجل بلورة وتحقيق حل سياسي يضمن العودة إلى النظام الدستوري والديمقراطي في هذا البلد، عبر الدعوة لمعاودة العمل السياسي في إطار دولة الحق والقانون.
قال محلل سياسي في تصريح لـ «الشعب»، إن فرنسا تخسر آخر معاقل نفوذها في منطقة الساحل الأفريقي، من خلال خروج جيشها من النيجر الذي ينهي تواجدها العسكري في المنطقة ويمهد لإيجاد مخارج سياسية وسلمية للأزمة في النيجر، في إطار آلية الحفاظ على الاستقرار السياسي والمؤسساتي للنيجر، بما يضمن استدامة الأمن والاستقرار في هذا البلد. مشيرين إلى أن الجزائر سعت جاهدة من أجل المساهمة في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في النيجر، بعيدا عن الخيار العسكري الذي ينتج عنه تداعيات وعواقب وخيمة على النيجر والمنطقة برمتها.
وأفاد الأستاذ والمحلل السياسي العيد زغلامي لـ «الشعب»، أن الجزائر تبارك الحل السياسي الدبلوماسي، الذي يندرج ضمن مقاربتها الرافضة تماما لأي تدخل عسكري في النيجر، بالنظر الى تداعياته الخطيرة على أمن واستقرار كامل المنطقة الإفريقية، انطلاقا من التجارب السابقة. مؤكدا أن الجزائر، بحكم قربها جغرافيا من النيجر، فإنها مهددة أيضا بعواقب حدوث إفلات أمني في البلد، متوقعا عودة الأمن والاستقرار الى المنطقة، بعد إعلان فرنسا انسحاب جيشها من النيجر.
وأوضح زغلامي، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون امتثل أخيرا إلى صوت الحكمة والمنطق، بعد عدة محاولات دامت أزيد من شهرين من أجل ضمان البقاء في النيجر، معتبرا أن خروج الجيش الفرنسي من النيجر هو اعتراف بالنكسة الفرنسية وانهزام كبير لدبلوماسيتها ومواقفها وسياستها الخارجية في التعامل مع الأزمة في النيجر.
وأضاف، أن انسحاب القوات الفرنسية من النيجر، يؤشر على انتهاء مقاربة الحل العسكري للأزمة والتوجه نحو تفضيل التسوية السياسية السلمية والحلول الدبلوماسية، مؤكدا أن السياسة التي انتهجتها دولة فرنسا في النيجر باءت بالفشل وغير مرغوب فيها بالمنطقة، وهو ما أدى الى إعلان انسحابها تدريجيا من النيجر بعد كل من بوركينافاسو ومالي وإفريقيا الوسطى.
واعتبر الأستاذ زغلامي، أنها رسالة واضحة مفادها، أن المشاكل الإفريقية لابد أن تحل عن طريق الدول الإفريقية دون الحاجة الى تدخل أجنبي، مبرزا أن خروج الجيش الفرنسي يعد مؤشرا ايجابيا على قرب انفراج الأزمة في النيجر والذهاب نحو تفضيل الحل السياسي والتفاوضي بين جميع الأطراف للوصول الى النتائج المرجوة.
من جهته، أكد الأستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية حمزة حسام، أن إنهاء محاولات التدخل العسكري من الجانب الفرنسي، من خلال انسحاب جيشه من النيجر، يعد انتصارا للمقاربة التي طرحتها الجزائر لإيجاد حلول للأزمة، عبر التمسك بالتسوية السلمية والسياسية للنزاعات، بعيدا عن أسلوب القوة والحلول العسكرية.
وتابع في ذات السياق، أنه برهان على أن التدخل الأجنبي في الأزمات التي تحدث في البلدان الإفريقية دائما مآله الفشل ويؤدي الى تعقيد ومفاقمة الأوضاع الأمنية في البلد وكامل المنطقة، موضحا أن خروج الجنود الفرنسيين المرتقب، هو عودة الى الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون سائدا في النيجر ومنطقة الساحل.
كما أشار الى أن انتهاء المقاربة العسكرية لحل الأزمة في النيجر، تحسب للجهد الجزائري الذي بذل على المستويين الإقليمي والدولي، من خلال التحركات المكثفة للدبلوماسية الجزائرية من أجل المساهمة في إيجاد مخارج سياسية للأزمة في هذا البلد وضمان العودة الى النظام الدستوري واعتماد الأساليب السلمية.