تسعى الجزائر ضمن حركية اقتصادية تشهدها اليوم، في إطار سياسة تشجيع الصادرات خارج المحروقات، لولوج عمق إفريقيا وفتح نافذة على أوروبا، بغية تحقيق فوائد جيوسياسية واقتصادية،.
يتخذ المنتوج الجزائري المعروف بجودته وتنافسيته في السعر طريقه للخارجK من خلال القرارات الأخيرة التي تجسدت بفتح فروع لبنوك عمومية بالخارج بإفريقيا، الهدف الأساسي منها تسهيل المبادلات وحركة انتقال رؤوس الأموال بين الجزائر والدول المستهدفة، في إطار تجسيد التزامات الرئيس عبد المجيد تبون بإصلاح عميق للحكامة المالية من خلال تطوير الشبكة البنكية الوطنية والدولية بما في ذلك فتح فروع لها في الخارج.
وبادرت الجزائر، خلال الشهر المنصرم، بفتح بنكين عموميين خارج البلاد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، تحت اسم “بنك الاتحاد الجزائري” و«البنك الجزائري السنغالي” بداكار، في مبادرة ستساعد في تسهيل التبادلات التجارية والمعاملات المالية بين المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين ونظرائهم في نواقشط ودكار، والتوجه أكثر نحو سياسة الانفتاح على السوق الإفريقية، في إطار تعزيز سياسة الجزائر في تطوير المبادلات التجارية مع الدول الأفريقية والاستفادة من مزايا اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية وزيادة الصادرات خارج المحروقات نحو القارة السمراء.
كبح وتقليص مخاطر الأسواق الدولية
هذه الخطوات التي تجسدت خلال الأيام القليلة الماضية، من شأنها كبح وتقليص مخاطر الأسواق الإفريقية، حيث ستعطي فروع البنوك الجزائرية بالخارج للمصدرين الجزائريين ضمانات مالية لتحصيل أموال السلع المصدرة، خاصة وأن الجزائر تحصي ملايير الدولارات المتداولة في الاستيراد تمر عبر بنوك أجنبية، حيث ستكون للمصارف الجزائرية هناك عمولة خاصة بها.
كما أن فتح فروع للبنوك الجزائرية العمومية بالخارج، يسهل العمليات التجارية ويخفض التكلفة ويساهم في تفادي تهريب الأموال إلى الخارج، حيث أن تحويل الأموال سيتم تحت رقابة البنوك العمومية في الخارج، إذ يتم معرفة حجم الأموال التي يتم تحويلها من قبل رجال المال والأعمال، عكس ما كان يحدث في السابق.
رفع الصادرات خارج المحروقات
تدخل هذه النقطة أيضا، ضمن مسعى السلطات الجزائرية لدعم الصادرات خارج المحروقات، وهي نقطة إيجابية أخرى تحسب لصالح قرار فتح فروع بنكية بالخارج، في إطار الوقوف على أهم الأسواق الإفريقية تحت غطاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، مما يعطي ضمانات للمصدرين الجزائريين مع مواكبة البنوك الجزائرية للشبكة الدولية الإفريقية والانخراط فيها، في انتظار تعميم هذه التجربة عبر مختلف دول العالم.
كما أن افتتاح فروع بنكية جزائرية بالخارج، قد يساهم في زيادة حجم التحويلات المالية للجالية الجزائرية، حيث يكتسب هذا الإجراء الجديد أهمية اقتصادية كبيرة. لذلك، فإن استقطاب أموال الجالية الجزائرية وتحويل الأموال بالعملة الصعبة إلى الجزائر، سيتم عبر القنوات الرسمية، “في انتظار كبح السوق السوداء للعملة الصعبة في الجزائر، حيث تم الإعلان عن فتح مكاتب الصرف خلال الأيام الماضية.
فضاء آمن..
ويؤكد الخبير الاقتصادي فريد بن يحي “أن قرار السلطات الجزائرية بفتح فروع لبنوك عمومية بالخارج، يأتي ضمن إجراءات تسهيل التصدير على المستثمرين الجزائريين، خاصة في ظل المنطقة الأفريقية الحرة، بالإضافة إلى تشجيع التجارة الخارجية تجاه أوروبا.
وبعد أن أكد أنها خطوة إيجابية، أبرز أننا نستطيع استدراك الأمر، من خلال تبني معاملات مالية جيدة واستراتيجية مدروسة لاقتحام الأسواق الإفريقية، لذلك لابد من أخذ كل الآليات والإجراءات لحماية أموالنا، لأن مثل هذه الفروع المصرفية ستكون الفضاء الآمن لحركة رؤوس أموالنا بالخارج.
وحول سؤال متعلق بدور هذه البنوك العمومية، يفيد بن يحي أنها تسهل المبادلات التجارية وتحويل الأموال من وإلى إفريقيا، وتشجع المستثمرين الجزائريين على ولوج السوق الإفريقية، حيث أنه من شأن إطلاق البنكين الجزائريين تفعيل التبادل التجاري الإفريقي، وإعطاء دفع جديد للاستثمارات الجزائرية في هذه الدول، كما تعتبر فرصة لتجسيد استثمارات جزائرية طموحة وجادة في البلدان المعنية.
اعتماد البنوك الإلكترونية بالخارج ضروري
ويتحدث الخبير الاقتصادي أيضا، عن ضرورة فتح فروع بنكية في دول غربية، على غرار كندا، تركيا والصين، نظرا لحجم المبادلات التجارية بينها وبين الجزائر. داعيا في السياق، إلى استعمال التكنولوجيا في تسيير البنوك من خلال اعتماد البنوك الإلكترونية، التي لا تحتاج إلى عمال وأمور أخرى، بل إلى تسخير التكنولوجية فقط، من خلال تجسيد فكرة اقتصاد المعرفة، مضيفا “لا نحتاج أرمادة عمال في الخارج، بل مجرد شبابيك إلكترونية تسير من طرف غرفة عمليات من الجزائر العاصمة”.
وبحسب بن يحي، فإن فتح فروع للبنوك الجزائرية بالخارج، لابد أن يصاحبه محاربة السوق الموازي للعملة الصعبة بالجزائر.