تشن قوات الاحتلال الصهيوني منذ الساعات الأولى لنهار اليوم السبت، في إطار حربها المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني، عدوانا جديدا على قطاع غزة في جريمة أخرى تضاف لسجل الاحتلال الدموي، فيما تعالت ردود الفعل المحذرة من تداعيات ذلك على المنطقة برمتها.
يجري العدوان الصهيوني وسط تصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين المتطرفين، وعمليات القتل ضد المواطنين الفلسطينيين وحرق ممتلكاتهم بحماية قوات الاحتلال.
ووفق آخر حصيلة للقصف الصهيوني على غزة، فقد بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين 198 فيما تجاوز عدد الجرحى 1600، ناهيك عن الدمار الذي لحق بالمباني والممتلكات، حسب ما ذكرت وكالة الانباء الفلسطينية (وفا).
ومنذ وقت قصير، قامت طائرات الاحتلال بإطلاق عدد من الصواريخ باتجاه أرض زراعية وموقع في محيط منطقة أبراج الندى شمال غرب بلدة بيت لاهيا.
كما أصيب عدد من الفلسطينيين، بينهم مسعف بجروح, وصفت إصابات بعضهم بالخطيرة، عقب قصف طائرة حربية صهيونية لمركبة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، أمام مستشفى في مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وكانت المقاومة الفلسطينية بغزة قد شنت في وقت سابق، عملية “طوفان الأقصى” ردا على جرائم الاحتلال و انتهاكاته بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى.
وتؤكد التقارير أن طائرات الاحتلال تواصل قصفها لأهداف ومواقع في قطاع غزة بين الفينة والأخرى، حيث تشاهد ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من الأماكن المستهدفة، إضافة إلى دمار و أضرار جسيمة بممتلكات المواطنين والبنية التحتية في غزة.
واستدعى العدوان الصهيوني على غزة، عقد اجتماع قيادي طارئ برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس, ضم عددا من المسؤولين المدنيين والأمنيين الفلسطينيين في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، حيث تم التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه في مواجهة إرهاب المستوطنين وقوات الاحتلال.
هذا ما أكد عليه الرئيس عباس الذي وجه أيضا بضرورة توفير الحماية لأبناء الشعب الفلسطيني. كما وجه بتوفير كافة ما يلزم “من أجل تعزيز صمود وثبات الفلسطينيين في وجه الجرائم المرتكبة من قبل الاحتلال وعصابات المستوطنين”.
وسيترأس الرئيس محمود عباس اجتماعا للقيادة الفلسطينية (أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني -فتح- وقادة الأجهزة الأمنية) خلال الساعات القادمة، وفق “وفا”.
من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إن “غياب حل للقضية الفلسطينية بعد 75 عاما من المعاناة والتشريد، ومواصلة سياسة ازدواجية المعايير، وصمت المجتمع الدولي على الممارسات الاجرامية والعنصرية لقوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار الظلم والقهر اللذين يتعرض لهما، هي السبب وراء تفجر الأوضاع وغياب السلام والأمن في المنطقة”.
وفي ظل هذا الوضع الخطير، أعلنت حالة الطوارئ في كافة المستشفيات الفلسطينية، حيث أوعزت وزيرة الصحة الفلسطينية لمستودعات الوزارة وبنوك الدم بإمداد المستشفيات بالمستلزمات الطبية اللازمة والأدوية ووحدات الدم.
وأضافت، في بيان صدر عن الوزارة، أن “مستشفيات الضفة الغربية كافة جاهزة لاستقبال الجرحى من قطاع غزة جراء العدوان الذي يشنه الاحتلال في الوقت الحالي”.
للإشارة، يتزامن هذا العدوان مع دعوات إرهابية خطيرة أطلقها مستوطنون، من أجل خطف وقتل وحرق أبناء الشعب الفلسطيني، وهي الدعوات التي حذر منها رئيس هيئة مقاومة الجدار الاستيطاني، مؤيد شعبان، الذي ناشد كافة الفلسطينيين إلى التكاتف ورص الصفوف أمامها.
وقال شعبان في بيان، اليوم السبت، إن هذا النوع من الدعوات “يجب أن يتم التصدي له بجدية كبيرة، نظرا لإجرام هذه العصابات”، مطالبا بضرورة الإسراع إلى تفعيل وتنشيط لجان الحماية الليلية في كل القرى والبلدات الفلسطينية وتحديدا تلك التي تتعرض بشكل منهجي لاعتداءات الاحتلال من أجل حماية المواطنين وممتلكاتهم.
وحث كافة الناشطين والإعلاميين والحقوقيين على “ضرورة تسجيل ورصد ونشر هذه الانتهاكات على أكبر مستوى، من أجل فضح الوجه البشع للاحتلال في كل العالم، ومن أجل الوصول إلى لحظة الحقيقة التي تكفل تقديم مجرمي حرب الاحتلال إلى المحاكمة العادلة”.
تحذيرات من استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة
وأمام التصعيد الصهيوني الخطير ضد غزة والضفة الغربية بما فيما القدس المحتلة، حذر البرلمان العربي من تداعيات كل ذلك على الاوضاع في المنطقة ومن احتمال انفجارها جراءه.
وأعرب البرلمان العربي في بيان له عن استنكاره للجرائم التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال وتصعيدها الدموي ضد الشعب الفلسطيني، وتصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين المتطرفين، وعمليات القتل ضد المواطنين الفلسطينيين وحرق ممتلكاتهم بحماية قوات الاحتلال، محملا الكيان الصهيوني تبعات هذا التصعيد الخطير.
ودعا المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة الى “دعم جهود السلام، وخاصة الإدارة الأمريكية إلى التدخل الفوري لوقف التصعيد الجاري”، وحث الكيان الصهيوني على وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له وخاصة من اعتداءات المستوطنين المتطرفين.
كما دعا إلى ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني و إجبار القوة القائمة بالاحتلال على الانصياع لإرادة السلام الدولية، “من خلال الانخراط في عملية سلام ومفاوضات حقيقية تفضي ضمن سقف زمني محدد لإنهاء الاحتلال وفقا لمرجعيات السلام الدولية ومبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة”.
بدورها قالت روسيا على لسان نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، أن “القانون الدولي معروف، ويجب أن يكون هناك حل عادل وشامل للصراع”، مطالبا بإنهاء “كل هذا في أسرع وقت ممكن والجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
من جهتها، حملت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، الكيان الصهيوني وحده مسؤولية التصعيد الجاري الآن بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، و آخرها الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك تحت حماية شرطة الاحتلال.
وشددت الوزارة على “ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل” لإلزام الكيان الصهيوني بوقف انتهاكاته “السافرة” للقانون الدولي وحمله على احترام قرارات الشرعية الدولية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، والحيلولة دون “اتخاذ هذه الأحداث ذريعة لإشعال نار حرب جديدة غير متكافئة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة”.
وجددت وزارة الخارجية موقف دولة قطر الثابت من عدالة القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني, و إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، و أن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
أما السعودية، فقد أعادت التذكير بتحذيراتها المتكررة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته.
كما جددت العربية السعودية، في بيان صدر عن وزارة خارجيتها، دعوة المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته وتفعيل عملية سلمية “ذات مصداقية” تفضي إلى حل الدولتين، بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة.