أصبحت تركيا وجهة مفضلة للجزائريين للعلاج، بحكم أنها بها مستشفيات تتوفر على مهارات طبية وتكنولوجية حديثة في العلاج، وعمليات جراحية يجريها فريق من الأطباء ناجحة.
زار وفد صحفي جزائري، بما فيه مندوبة “الشعب”، مستشفى تابع للمجمع الطبي “ميموريال”، واطلع على مصالحه وإستمع لشروح أطباء مختصين، فكانت فرصة للقاء مرضى جزائريين، يعالجون بهذا المستشفى وشُفيُوا.
حجيم تشركلي: مستشفى ميموريال يستقبل 100 مريض جزائري شهريا
أول محطة زارها الوفد الصحفي الجزائري، مستشفى ميموريال باسليفر، سمحت بالإطلاع على التطور التكنولوجي العالي الجودة في المجال الطبي لمختلف التخصصات الموجودة بالمستشفى، وتلقى شروحا كافية من مختصين حول خدمات الرعاية الصحية وكيفية العلاج بتجهيزات حديثة وبفريق طبي مؤهل ومتخصص، وفي اليوم الثاني توجه الفريق إلى مستشفى ميموريال سيشلي، التابع للمجمع الطبي “ميموريال”.
يقول المدير الفرعي للمرضى الدوليين بالمجمع الطبي “ميموريال”، حجيم تشركلي، إن المستشفى يستقبل أكثر من ألف حالة من المرضى الجزائريين، ويسجل في بعض الأحيان 100 حالة شهريا من أجل العلاج والقيام بالعمليات الجراحية المستعصية.
ويقوم المستشفى بعمليات جراحية ناجحة بنسبة 99%، بفضل أطباء ذوي كفاءة في مختلف التخصصات، خاصة في زراعة الكبد والكلى.
فتح مكتب تمثيل بالجزائر العاصمة للتكفل بطلبات المرضى الجزائريين قريبا
وقال المتحدث: “نحاول جعل المريض الجزائري راض عن خدماتنا ويشعر وكأنه في بلده خلال فترة علاجه بالمستشفى التركي، نستعمل أحدث التقنيات الحديثة في معالجة المرضى. يعتمد المستشفى سياسة خاصة مع المرضى الجزائريين بسبب عدم استفادتهم من خدمات الضمان الإجتماعي، بتخفيضات تتراوح من 10 إلى 30 بالمائة على سعر العمليات الجراحية والعلاج حسب نوعية العلاج المقدم”.
وأضاف: “نستقبل طلبات المرضى عبر الانترنيت ونرسل تقاريرهم الطبية للمختصين لدراسة الحالات ونحاول تقديم الحلول، والجزائر تأتي في المرتبة الثانية بعد ليبيا من حيث عدد طلبات العلاج”.
وفيما يخص الأمراض، التي يأتي من أجلها الجزائريون، تتمثل في زراعة الكلى، التليف الكبدي وزراعة الكبد والنخاع الشوكي، وعمليات تجميل.
الدكتورة مرزوق: المستشفى يعتمد سياسة خاصة مع المريض الجزائري بتخفيض أسعار العلاج
وأعرب ممثل المجمع الطبي ميموريال، عن إستعداد إدارة المجمع إرسال فريق طبي تركي إلى الجزائر من أجل تشخيص الأمراض والقيام بالعمليات الجراحية، في إطار التعاون بين الجزائر وتركيا وتبادل الخبرات في المجال الطبي.
وكشف عن تحضير مستشفى ميموريال لفتح مكتب تمثيل بالعاصمة، يكون همزة وصل بين المستشفى والمرضى الجزائريين، من أجل التكفل الأحسن بطلباتهم وملفاتهم الطبية في أقرب وقت.
وأكد أن المستشفى يعتمد مقاربة إنسانية في التعامل مع المرضى، والتعامل ليس تجاري، حيث أن الحالات الميؤوس منها لا يطلب منها إجراء التحاليل الطبية ودفع تكاليف علاج ميؤوس منه.
وأشار حجيم إلى أن المجمع الإستشفائي ميموريال يتعاقد مع 25 دولة في العالم، وفي إفريقيا يتعاقد مع ليبيا، المغرب، موريتانيا، النيجر وتونس.
وأضاف أن أحد أهداف المجمع، توقيع اتفاقيات مع مستشفيات وعيادات خاصة في الجزائر وتنظيم ملتقيات علمية يشارك فيها أطباء جزائريون لتقديم الخبرات.
وقالت الدكتورة وهيبة مرزوق، مسؤولة العلاقات مع الجزائر بمستشفى ميموريال، في تصريح على هامش زيارتنا هذا المستشفى بتركيا: “نحاول مساعدة الجزائريين قدر الإمكان وتخفيض سعر العلاج. في اجتماعاتي مع مسؤولي المستشفى اخبرهم أن ميزانية الجزائري لا تسمح له بدفع تكاليف باهظة للعلاج، فمثلا عملية زرع الكبد التي تكلف 50 الف يورو خفضناها للمريض الجزائري إلى 40 ألف يورو”.
وقالت أيضا: “نريد أن يكون هناك تعاون بين الأطباء الجزائريين والتركيين وعلاقة ثقة، وان يُتابَع المرضى، الذين يعالجون في تركيا من طرف الأطباء الجزائريين، العلاج الأكبر هو المتابعة. عندما نكون على اتصال مع الطبيب الجزائري نحصل على معلومات دقيقة حول المريض يسمح لنا بتقديم علاج مناسب”.
طلب خاص للتعاقد مع “كناص” لتخفيف تكاليف العلاج
وكشفت الدكتورة مرزوق، عن تقديم المجمع الإستشفائي ميموريال طلبا لوزارة العمل بالجزائر من أجل التعاقد مع مصالح الضمان الاجتماعي “كناص” لتخفيف عبء تكاليف العمليات والعلاج على المرضى، بسبب التكلفة الباهظة.
وأشارت المتحدثة إلى وفد من تركيا تنقل إلى الجزائر من أجل التفاوض، وأبدت السلطات الجزائرية إستعدادها في هذا الأمر من أجل تسهيل جمع تكاليف العمليات الجراحية للمرضى الجزائريين، وأكدت أن العملية ستكون سارية المفعول بمجرد إبرام الاتفاقية.
وقالت مسؤولة العلاقات مع الجزائر بمستشفى ميموريال بتركيا، أن المجمع له سياسة استثمارية تستهدف إنشاء مستشفى تركي في الجزائر في حال توفر الظروف الملائمة مستقبلا.
وأضافت: “أن ما يميز مستشفى ميموريال، هي الثقة ونوعية الخدمات المقدمة، وتوفره على فريق طبي إنساني، بالرغم من أنه مستشفى خاص، لكنه لا يعتمد المقاربة التجارية في معالجة المريض. ويستفيد هذا الأخير من تكفل علاجي كامل بداية من نقله من المطار إلى إجراء التحاليل الطبية داخل المستشفى لنتفادى الوساطة والاحتيال على المريض، المستشفى يعتمد المقاربة الأخلاقية والإنسانية في معالجة المرضى”.
وكشفت مرزوق، في السياق، أن سعر العمليات يتضمن خدمة التوصيل، الترجمة، والإقامة بالفندق، ولكل مريض حرية اختيار مكان إقامته. كما أن المستشفى يعمل على مساعدة المرضى في عملية الحجز، وهناك مترجمين جزائريين يتحدثون العربية والفرنسية، لذا فالمريض لا يشعر بأنه في بلد أجنبي.
وأشارت المسؤولة إلى أن سعر العمليات التجميلية لزراعة الشعر يتراوح بين 800 و1000 أورو، بينما زراعة الكبد تتطلب 45 إلى 50 ألف أورو، وعمليات الجهاز العصبي 24 ألف أورو، في حين زراعة الكلى وهي أقل تكلفة في العمليات الجراحية تتطلب حوالي 18 ألف أورو.
وأكدت المتحدثة أن سعر العمليات لا يكون موحدا ومتساويا بالنسبة للكبار والأطفال، لأنه في معظم الأحيان العمليات الجراحية التي تخص الأطفال تكون صعبة ومستعصية وهو ما يجعل سعرها مرتفع.
وكشفت مسؤولة العلاقات مع الجزائر بمستشفى ميموريال، أن هذا الأخير أبرم إتفاقيات عديدة مع عيادات خاصة في الجزائر، من أجل علاج المرضى الجزائريين، الذين يصعب علاجهم هناك، من خلال إرسال الملف الطبي الخاص بهم من قبل أطباء أخصائيين حتى يستطيع تشخيص المريض بعد عودته إلى الجزائر وتكون له أحسن متابعة.
وأضافت: “أبرم مستشفى ميموريال، توأمة مع عيادات خاصة بالجزائر العاصمة، وهران، قسنطينة، وعنابة”.
تخصصات عديدة
وتحدثت المختصة في جراحة الأعصاب، الدكتورة أوتزورك قولساتش، عن مرض الباركينسون وكيفية معالجة المرضى باستخدام التقنيات المتطورة، عن طريق تركيب بطارية رفيعة جدا في الدماغ لتوقيف الإضطرابات في الحركة غير الإرادية، التي لا يمكن التحكم فيها، حيث يشحن المريض البطارية لمدة 15 دقيقة مرتين في الأسبوع، والبطارية صالحة لمدة 25 سنة، لكن يمكن أن تنخفض المدة بسبب كثرة الإستعمال ساعات طوال.
إتفاقيات عديدة مع العيادات الخاصة في الجزائر
وأضافت: “العملية تكلف 25 ألف يورو، يحاول المستشفى مساعدة المريض الجزائري بتخفيض التكلفة إلى 23 ألف يورو، هذه السنة استقبلنا عشر مرضى جزائريين مصابين بالباركنسون”.
وكشف الدكتور يوسف أكسر كوماز، عن التقنيات التكنولوجية الحديثة المستخدمة في اكتشاف سرطان البروستات في بدايته أي مبكرا، ويعتبر مستشفى ميموريال” أول مركز بتركيا يستخدم هذه الطريقة العلاجية بدون جراحة “هايفو”، التي أنقذت حياة 100 الى 150 مريضا.
وقال: “لدينا طريقة علاجية أخرى بالروبوتيك وهي ناجحة، نتائجها مضمونة، هذه التقنية تسمح بجراحة الكلى والمثانة، وفي ثلاثة أيام يمكن للمريض العودة إلى منزله في صحة وعافية”.
وأشار الدكتور كوماز، إلى أنه في السنوات الأخيرة تمكن الفريق الطبي بمستشفى ميموريال، من إجراء أكثر من ألف عملية خاصة بسرطان المثانة بطريقة الروبوتيك، ويمكن للمريض العودة إلى منزله في صحة جيدة أسبوع بعد إجراء العملية.
وأكد أن تقنية الروبوتيك تسمح برؤية جيدة لموضع المرض، حيث تقوم بتكبير منطقة الورم مرتين وتحددها بدقة، وتظهر الخلايا المتضررة.
وتحدث البروفيسور كوراي أجارلي، رئيس مصلحة زراعة الكبد، عن العمليات التي أجريت بمستشفى ميموريال شيشلي، خلال الفترة 2006-2021، والتي كانت ناجحة جدا، وقدر عددها بـ10270 عملية زرع كبد من متبرع حي.
وأشار إلى أن هناك سجل أوروبي لزرع الكبد لكل الحالات المسجلة في أوروبا، وأن تركيا مصنفة رقم واحد عالميا في عمليات زراعة الكبد، حيث أجرت في العامين الأخيرين 500 عملية زراع كبد.
وقالت الطبية فولكن تورانغ إنها استقبلت مرضى جزائريين، خضعوا لعملية زراعة نخاع عظمي، وتواصل متابعة حالاتهم الصحية عبر “الواتسب”.
ويستقبل مستشفى ميموريال، أيضا العديد من المرضى الجزائريين لإجراء عملية التلقيح الإصطناعي، حيث تصل نسبة النجاح 70 بالمائة، وتؤكد الدكتورة أرزوبورجي، أنه منذ افتتاح هذه المصلحة لقحت ألاف النساء من بينهم مرضى من الجزائر.
شهادات مرضى جزائريين
فاروق أحد المرضى الجزائريين، الذي قدم إلى المستشفى التركي ميموريال، للعلاج، وتحسنت حالته بعد إجراء عملية بناء عظم جديد، وأصبح قادرا على المشي حيث أنه كاد يفقد ساقه بسبب حادث.
يقول فاروق: “حين تضع قدماك في مستشفى ميموريال تشعر بالراحة النفسية الأطباء، والممرضين العاملين في المستشفى يقدمون لك أفضل الخدمات الصحية، قضيت تجربة رائعة بهذا المستشفى”.
وأوضح الطبيب المعالج أن الفريق الطبي أعاد بناء عظم جديد من عظم فاروق، في ظرف 95 يوما، ويوميا ينموبـ1 ملم، وقال: “فريقنا الطبي ممتاز في هذا المجال. نقوم بإعادة البناء البيولوجي بشكل جيد جدا، أي إعادة بناء أطراف المرضى، الذين يعانون أوراما أو إلتهابات في العظم أو مصابين بجروح ناتجة عن طلقات نارية أو حوادث المرور”.
أماني زهور محمدي، شابة تبلغ 23 سنة من مدينة تيارت، كانت تعاني منذ طفولتها في عمودها الفقري، وفي أحد المرات وهي تستحم شعرت بشيء في شكل كرة في جسمها نادت والدتها التي أخذتها إلى الطبيب في اليوم الموالي، وأخبرها الطبيب أن ظهرها سيستقيم عندما تبلغ سن المراهقة ولم يكتب لها دواء.
أجرت العديد من تحاليل الأشعة وسكانير، لكن بلا جدوى. كل تشخيصات الأطباء كانت نفسها، وعندما بلغت سن العشرين بدأت تشعر بآلام حادة لا تحتمل، وأصبحت لا تستطيع الحركة. دائما ممدة على السرير بسبب عجزها عن الحركة.
تروي أماني: “اتصلت والدتي بمستشفى ميموريال، وتلقت الرد بسرعة، اخترنا المجيء إلى تركيا لأن نظامها الصحي ممتاز، وأطبائها أكفاء، خاصة الطبيب الذي عالجني الدكتور عمر يامان، محترف ومتواضع، استقبلنا بحرارة وشرح لي حالتي بالتفصيل، وقال لأمي: سأبذل قصارى جهدي لمعالجة ابنتك كي لا يخيب أملكما، أعطانا الأمل وأعاد لي الحياة، أنا ممتنة له”.
وتشير المتعافية: “عندما رأينا المستشفى لأول مرة انبهرنا بأجوائه، يمدك بالراحة النفسية وكأنك في فندق، كنت مطمئنة، أحسست وكأني في عطلة”.
يقول الدكتور عمر يامان: “زهور مريضتنا عانت كثيرا من مرض قطني الإنزلاق في عمودها الفقري، بعد علاجها عادت إلى بلدها في صحة جيدة”.
موسى بوقابلة، مريض قادم من وهران، بحثا عن أفضل المستشفيات في تركيا فوجد أفضل الأطباء وأجرى منذ شهرين عملية، على القولون المصاب بالسرطان.
أعرب عن رضاه بنتيجة العلاج والإستقبال الذي حظي به من طرف إدارة المستشفى والفريق الطبي الإحترافي.
زهير بلباي، 49 سنة، مصاب بمرض باركينسون، بدأت معاناته مع المرض في الأربعين من العمر، كان يعاني صعوبات في الأكل والكتابة والمشي مدة سنة. نصحه أحد أصدقائه بالتوجه الى المستشفى التركي ميموريال، وبعد استشارة عائلته اتصل بإدارة المستشفى ونصحوه بالإسراع في إجراء العملية بعد الإطلاع على ملفه الطبي.
سافر زهير إلى تركيا وأجرى عملية ناجحة، وقد تمكن من الحركة بشكل طبيعي وانتهت معاناته مع اضطرابات الحركة، التي يسببها مرض باركينسون.
يقول: “بعد العملية تحسنت حالتي وأصبحت قادرا على المشي والأكل، تمكنت من احتضان أولادي وممارسة الرياضة. أشكر الدكتورة قولساش ومستشفى ميموريال”.
اكتسبت مستشفيات المجمع الطبي “ميموريال”، سمعة حسنة في علاج أمراض القلب وجراحة القلب والأوعية الدموية وزرع الأعضاء والتلقيح الصناعي الوراثي. وهي معروفة بخدماتها الصحية وفقًا لمعايير الرعاية الصحية الدولية للمرضى المحليين والدوليين.
تأسس مجمع ميموريال للصحة في 1995، الذي أصبح فيما بعد مركزا مرجعيا ليس فقط في تركيا بل في العالم، يقدم خدمات صحية ذات جودة، يضم فريق عمل يتعامل بـ 30 لغة أجنبية للتواصل مع المرضى من مختلف دول العالم.
بالمجمع 14 مستشفى، وآخر مستشفى تابع للمجمع شرع في تقديم خدماته في 2013، بـ129 سرير وخمس قاعات لإجراء العمليات بتقنيات تكنولوجية عالية ووحدات الكشف ومخابر وعلاج مكثف بمعايير دولية.