تهدف هذه المساهمة إلى تقديم توجيهات إلى المجالس الشعبية البلدية وكذا المصالح التقنية للبلديات قصد تخطيط وتنظيم الخدمة العمومية المتعلقة بجمع ونقل النفايات المنزلية كما سيسلط هذا المقال الضوء على أهمية وضع نظام جمع ونقل مخطط ومنظم لتحسين نجاعة الخدمة والمساهمة في تحسين الإطار المعيشي.
يتوجب على البلديات أن تركز جهودها على مرحلة التشخيص عند إعداد مخطط بلدي لتسيير النفايات المنزلية، يجب على البلديات أيضًا أن تعمل على تقييم نظامها الحالي وتصميم وتحديد المسارات الناجعة لمرحلة الجمع بالإضافة إلى إشراك وتوعية المواطنين ومتابعة مدى نجاعة النظام.
وسنستعرض في آخر المقال الخطوات الخاصة بتقييم نظام جمع النفايات المنزلية وإعداد مخطط شامل ومتكامل لتحسين ذلك النظام.
تعتبر الخدمة العمومية لجمع ونقل النفايات المنزلية مهمة أساسية للبلديات ولتحقيق هذا الهدف، من الضروري وضع نظام جمع ونقل مخطط ومنظم وذلك من خلال وضع إستراتيجية شاملة لإدارة النفايات وهكذا ستتمكن المجالس الشعبية البلدية من تحسين كفاءة خدماتها وبالتالي المساهمة في تحسين الإطار المعيشي والحفاظ على نظافة المحيط.
وانطلاقا من الذي سبق، يتعين على البلديات أن تعمل على إعداد مخطط خاص بتسيير نفايات البلدية لضمان تسيير فعال للنفايات المنزلية وفقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 07-205 المؤرخ في 30 يونيو 2007. ويحدد هذا الأخير شروط وإجراءات إعداد، نشر ومراجعة المخطط البلدي لتسيير النفايات المنزلية والمشابهة لها.
إضافة إلى ذلك يستلزم على البلدية أن تكرس جهودها على مرحلة التشخيص أثناء إعداد المخطط البلدي لتسيير النفايات وهي خطوة حاسمة بالفعل، لأنه من خلال هذا التحليل المعمق سيتم إعداد مخطط لتسيير النفايات وإذا أولت البلدية أهمية لهذه المرحلة ستكون قادرة على تحديد الإشكاليات المرتبطة بإدارة النفايات في إقليمها واقتراح الحلول المناسبة وبالتالي فإن العمل الدقيق أثناء التشخيص سيضع أسسًا متينة لتسيير أمثل للنفايات المنزلية.
قبل وضع مخطط خاص بمرحلة الجمع، من الضروري أن تقوم البلدية بإجراء تقييم شامل للنظام الحالي. يتضمن هذا التقييم المرافق الحالية، الموارد، الأماكن المخصصة والفترات الزمنية المتعلقة بإنتاج النفايات المنزلية وبالتالي من خلال جمع كل هذه البيانات وفهم التحديات والرهانات، يمكن للبلديات اتخاذ قرارات واضحة وتطوير الحلول المناسبة.
يتوجب على البلديات أيضا العمل على تصميم مسارات خاصة بعملية الجمع مع الأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل مثل الكثافة السكانية، الطبيعة الجغرافية وأنماط إنتاج النفايات ولا يؤدي تحسين هذه المسارات إلى تحسين النجاعة فحسب، بل يقلل أيضًا من استهلاك الوقود والانبعاثات الغازية ومن خلال التخطيط الدقيق لطرق الجمع، تستطيع البلديات استغلال أقصى قدر من الموارد مع التقليل من التأثيرات السلبية على البيئة.
مزايـــــا وعيــــوب
يمكن استخدام طرق جمع مختلفة مثل الجمع من السكنات “من الباب للباب” أو عن طريق نقاط الجمع أو من خلال نقطة الإيداع الطوعي ولكل طريقة مزاياها وعيوبها، ويجب على البلدية اختيار الطريقة الأنسب بناءً على خصوصيتها.
في نفس السياق يعد إعلام المستخدمين لاحقًا بطرق الجمع المعتمدة وتزويدهم بتعليمات واضحة تتعلق بالتوقيت المخصص للنفايات ويعتبر ذلك أمرًا ضروريًا لنجاح هذه العملية.
كما يعتبر إشراك وتوعية المواطنين ضروريان أيضا لنجاح أي نظام خاص بجمع النفايات، يجب على البلدية أن تضع استراتيجيات لإشراك السكان، مثل حملات التوعوية لفائدة الجمهور العريض، ورشات عمل وكذا تحفيزهم لتبني سلوك مستدام ومن خلال تعزيز الشعور بالانتماء والمسؤولية سيصبح المواطن شريكا أساسيا في هذه العملية.
ولضمان استرجاع أقصى قدر من الموارد، تحسين المرافق المتعلقة بعملية الجمع وضمان نجاعة نظام إدارة النفايات، من الضروري أن تقوم البلدية بدمج برامج للفرز الانتقائي بصفة تدريجية في نظام جمع النفايات المنزلية كما يجب على البلدية إعطاء الأولوية لتوفير المرافق والمعدات التي يمكن الوصول إليها واستخدامها بكل سهولة مع التوعية المستمرة للسكان حول تقنيات الفرز وكذلك نظلم الفرز الذي تم وضعه.
إن متابعة نجاعة النظام، التقييم المستمر وجمع البيانات حول إنتاج النفايات وكذلك رضا دافعي الضرائب أمر أساسي وضروري أيضا.
من خلال تقييم الوضع الحالي، تحديد أهداف واضحة، تصميم طرق جمع فعالة، إشراك المواطنين، تنفيذ برامج فرز من المصدر ومراقبة مؤشرات النجاعة، يمكن للبلدية أن تسطر إستراتيجية فعالة لجمع النفايات المنزلية ومن خلال هذه الجهود الجماعية سيستفيد كل من السكان والسلطات المحلية بالإضافة إلى الحفاظ على نظافة مدننا وضمان الصحة العمومية للأفراد.
للإشارة فإنه، من الضروري تحديد نقاط القوة والضعف والمجالات التي تحتاج إلى تحسين عندما يتعلق الأمر بتقييم النظام الحالي لجمع النفايات المنزلية ونقلها، فمن خلال إجراء تقييم شامل، يمكننا التأكد من أن النظام يعمل بنجاعة ويلبي احتياجات الإقليم الذي يخدمه.
ولبلوغ مرحلة تقييم نظام جمع النفايات المنزلية ينبغي إتباع نهج متعدد الخطوات وتدعى الخطوة الأولى في التقييم بجمع البيانات فمن المهم جمع البيانات حول نظام جمع النفايات الحالي، بما في ذلك معلومات عن المرافق، الموارد والرسوم البيانية لإنتاج النفايات، يمكن الحصول على هذه البيانات من سجلات إدارة منشئات المعالجة أو المسوحات أو المتعلقة بنسب الإنتاج التي حددتها الوكالة الوطنية للنفايات.
بعد هذه الخطوة من المهم تقييم حالة المرافق، مثل الشاحنات المخصصة للجمع والحاويات ومنشئات التخلص من النفايات. ومن خلال تحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى تحسينات أو إصلاحات، يمكننا التأكد من أن النظام يعمل بنجاعة.
بالإضافة إلى تقييم المرافق، من المهم تقييم مدى وفرة الموارد ويشمل ذلك تقييم مدى توفر الموارد البشرية والمعدات والميزانية ومن خلال تحديد النقائص وعدم فعالية الموارد، يمكننا إيجاد الحلول المناسبة والتأكد من أن النظام يعمل على النحو الأمثل.
استراتيجيـــات محكمــــة
إن تحليل الرسوم البيانية لإنتاج النفايات خطوة أساسية أخرى في تقييم نظام الجمع فمن خلال فحص أصناف وكميات النفايات المنزلية المنتجة، يمكننا تحديد الطرق أو المخططات التي يمكن أن تساهم في تسطير استراتيجيات محكمة للجمع والنقل.
وفي ذات السياق يعد التحليل المعمق لمسارات الجمع أمرا ضروريًا أيضًا في تقييم نظام الجمع فمن خلال تحليل طرق الجمع الحالية، يمكننا تحديد مدى فعاليتها من حيث العوامل الخاصة بالكثافة السكانية، الطبيعة الجغرافية وكذا أنماط إنتاج النفايات.
وللعملية جانب آخر يجب أخذه بعين الاعتبار عند تقييم مدى فعالية طرق الجمع المختلفة المعتمدة ويتعلق الأمر بالعوامل الخاصة بالسهر على راحة السكان ومدى فعالية التكلفة بالإضافة إلى التأثيرات البيئية.
إن إشراك الأطراف المعنية أمر ضروري في عملية التقييم للحصول على انطباعات ومساهمات من قبل السكان والعاملين في مجال إدارة النفايات أو المعنيين الآخرين وهذا سيسمح بجمع وجهات نظر ومعطيات مختلقة.
تساهم كذلك الدراسات الاستقصائية أو عقد الاجتماعات في الحصول على معطيات مهمة حول النظام الحالي وتحديد مجالات التحسين. ومن خلال إشراك الأطراف المعنية، فإننا نعزّز العمل الجماعي والتنسيقي وكذا مشاركة الجميع.
بالإضافة إلى ذلك، من الضروري مراعاة الشروط القانونية والتنظيمية أثناء التقييم. يعد ضمان الامتثال للقوانين المتعلقة بإدارة النفايات أمرًا ضروريًا للحفاظ على نظام جمع فعال، صديق للبيئة واقتصادي. إن تقييم ما إذا كان النظام الحالي يلبي المعايير المطلوبة وتحديد التغييرات اللازمة يضمن أن النظام يعمل ضمن إطار قانوني.
بعد تحليل البيانات التي تم جمعها، من المهم تحديد الثغرات أو المجالات التي تعرقل سيرورة عمل النظام ومن خلال تحديد هذه الثغرات، يمكننا تطوير استراتيجيات لنشر نظام جمع يتسم بالكفاءة وتتفق عليه جميع الأطراف المعنية.
وبناء على نتائج التقييم، يمكن وضع مخطط شامل لتحسين عمل نظام جمع النفايات المنزلية ويجب أن يتضمن هذا المخطط أهدافًا وغايات واضحة، بالإضافة نشاطات خاصة لبلوغ هذه الأهداف ومن خلال وضع ورقة طريق للتحسين، يمكننا ضمان تطور النظام وتكيفه مع الاحتياجات والتحديات المتغيرة.
وأخيرا، من الضروري تجسيد استراتيجيات التحسين ومراقبة فعاليتها عن كثب. ان الجمع المستمر للبيانات وتقييم عمل النظام يسمح بقياس مدى تطور هذا النظام وإجراء التعديلات كلما لزم الأمر. ينبغي إجراء تقييمات منتظمة للحفاظ على نظام جمع النفايات المنزلية مستحدثا ومستجيبًا للاحتياجات والتحديات المتغيرة.
في الختام، يعد تقييم نظام جمع النفايات المنزلية عملية معقدة تتضمن تقييم جوانب مختلفة من النظام.
بإتباع الخطوات الموضحة أعلاه، يمكننا تحديد نقاط القوة والضعف ومجالات التحسين. من خلال جمع البيانات، وتقييم المرافق والموارد، تحليل عملية إنتاج النفايات، مراجعة مسارات الجمع، إشراك الأطراف المعنية، الامتثال للشروط القانونية، وتحليل الأخطاء وتطوير الاستراتيجيات، يمكننا تحسين نجاعة النظام واستدامته ومن خلال مراقبة النظام وتحسينه باستمرار، يمكننا التأكد من أنه سيستجيب لاحتياجات المجتمع الذي يخدمه.