خلّفت قرارات بنك الجزائر، بعد مصادقته على مشروع نظام يتعلق بشروط الترخيص بإنشاء واعتماد وعمل مكاتب الصرف بالجزائر، تفاعلات كبيرة على الساحة الاقتصادية في الداخل، من حيث الخطوة التي اعتبرت كبيرة، بحكم أنها تمثل منطلق تنظيم صرف العملات الأجنبية في البلاد، وفق أُطر قانونية، واستقطاب أموال السوق السوداء نحو القنوات الرسمية، إضافة إلى فتح آفاق جديدة تكرّس الحركية الاقتصادية التي تشهدها الجزائر الجديدة.
صادق المجلس النقدي والبنكي، مؤخرا، على مشروع نظام يتعلق بشروط الترخيص بإنشاء واعتماد وعمل مكاتب الصرف في الجزائر، في خطوة تكرس توجهات الدولة نحو الرقي بالاقتصاد الوطني نحو آفاق أوسع، والفصل نهائيا في قضية السوق السوداء للعملة الصعبة، بحسب ما أفاد الأكاديمي كمال سي محمد.
توقعات بنجاح شبكة مكاتب الصرف مستقبلا
عبّر الخبير الاقتصادي، كمال سي محمد، عن تفاؤله من القرار الذي أعلنته السلطات العليا في البلاد مؤخرا والمتعلق بفتح شبكة لمكاتب الصرف في الجزائر لتحويل العملات الأجنبية، متوقعا نجاحها في ظل المعطيات المتوفرة، والتي تحتاج إلى دراسة الإطار التنظيمي والمبلغ المسموح به لغير المقيمين، من خلال نظرة استشرافية، حيث أن هذا القرار يعتبر أول خطوة جادّة للعودة بالسوق المالية إلى حكم القانون.
قال الخبير الاقتصادي، إن مزايا فتح مكاتب الصرف كثيرة وهامة وتؤثر على الحركية التي يشهدها الاقتصاد الجزائري، أولها أنها ستوحد سعر الصرف.
وأضاف سي محمد، أن “سعر الصرف له دور كبير في التوازنات الاقتصادية، وهو الهدف الأسمى الذي تسعى إليه السلطات العليا في البلاد، من خلال القضاء على الاقتصاد الموازي، والعمل بنظام سعر صرف موحد، كما هو معمول به في كثير من دول في العالم”.
وإذا كانت الحكومة ستساعد المصدرين في تحصيل أموالهم من خلال فتح بنوك فرعية في إفريقيا، على غرار السنغال وموريتانيا، فإن فتح مكاتب الصرف بالجزائر سيساعد على تحويل الأموال إلى البلاد، وتحسين صورة المنظومة المالية والبنكية الجزائرية في نظر المنظمات المالية الدولية، على غرار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما من الهيئات المالية التي تعنى باقتصاديات دول العالم، وتصدر تقارير دورية حول مؤشرات تحسنها أو تراجعها، يقول المتحدث.
في السياق ذاته، أكد المتحدث أن التوجه نحو تكريس مثل هذه الخطوة من شأنه تحسين صورة الجزائر بصفة عامة واقتصادها بصفة خاصة على المستوى الدولي، حيث سيتم إعطاء الثقة أكبر للمنظمات والهيئات الدولية، ويمنح صورة شاملة للأجانب حول الاقتصاد الوطني، بحكم أن مثل هذه الخطوة ستؤثر على حركة انتقال رؤوس الأموال إلى الداخل، إضافة إلى أنها ستحسّن من صورة الجزائر لدى المؤسسات الدولية والإقليمية المالية.
وفيما يخص توحيد سعر صرف العملات المتداولة في البنوك مع مكاتب الصرف المستحدثة في المستقبل، قال المتحدث ذاته إن التوجه نحو سعر موحد للصرف، بعد تنظيم الإطار التشريعي لمكاتب الصرف قريبا، سيكون له فائدة كبيرة، بحكم أن الجزائر تعتمد على الاستثمار المحلي ومستقبلا الأجنبي كذلك.
نهاية السوق الموازية
وسألنا الخبير الاقتصادي حول تواجد مكاتب الصرف عبر مختلف ولايات الوطن، وتوقعاته حول طريقة عملها، فأكد بأنها ستكون مفيدة لغير المقيمين بالجزائر، خاصة لتحويل العملة الأجنبية إلى العملة الوطنية، وهو أمر من شأنه أن يقضي على السوق الموازية. في حين تبقى التساؤلات حول عدد مكاتب الصرف والمبلغ المسموح به، في ظل التوجه نحو فتح مثل هذه الشبكات لصرف العملات الأجنبية، يظهر ذلك في ظل تجهيز إطار تشريعي ينظم عمل تلك المكاتب، في خطوة تعتبر مهمة للاقتصاد الوطني.
رفع تحويلات الجالية الجزائرية بالمهجر
وعن علاقة تحويلات الجالية الجزائرية في المهجر بمثل هذه المكاتب، أكد محدثنا أنها “تعد من بين أهم النقاط الإيجابية، بل والأقوى، حيث تستهدفها الكثير من الدول متوسطة الدخل، على غرار الدول العربية، بحكم أن الجزائر تملك جالية كبيرة في الخارج. وسيجلب انتقال رؤوس أموالهم إلى الجزائر فائدة كبيرة، وسيظهر ذلك في تحسن ميزان المدفوعات، وينعش حركة رؤوس الأموال بالجزائر نحو الدوائر البنكية، من خلال تحرك الأموال نحو قطاعات منتجة ومنه زيادة حركية اقتصادنا”.
ويشدد كمال سي محمد على أن كثيرا من الدول في العالم، خاصة المتوسطة الدخل، تعتمد على تحويلات المهاجرين من أجل رفع ميزان المدفوعات، ورفع قيمة التحويلات البنكية للجالية في المهجر.
وعن سؤال متعلق بتوحيد الأسعار المتداولة في مكاتب الصرف مع أسعارها في البنوك، شدد محدثنا على أن البنك المركزي سينظم العملية بكل سهولة، ولن تكون هناك فجوات كبيرة، حيث يستطيع أيّ كان التوجه نحو مكاتب الصرف بقصد إجراء معاملات مالية، وحتى إن كان هناك فرق مع البنوك، فإنه لن يكون كبيرا”.