يواصل الكيان الصهيوني حربه الوحشية على قطاع غزة، مدعوما في ذلك بحلفائه من الدول الغربية التي أعلنت تأييدها لعمليات الإبادة الممنهجة التي يقوم بها. وطالب اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الطارئ حول الوضع في فلسطين، بدورته غير العادية، الذي انعقد بالعاصمة المصرية القاهرة، «بالوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة» وأدان «قتل المدنيين من الجانبين». في وقت سجلت الجزائر تحفظها على البيان الختامي لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الطارئ حول الوضع في فلسطين.
سجل الوفد الجزائري، تعقيبا على نص البيان، ملاحظة مفادها، أن «وفد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ينأى بنفسه عن كل ما يساوي بين حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره لإقامة دولة ذات سيادة على حدود 1967، مع ممارسات الكيان الصهيوني التي تنتهك مواثيق وقرارات الشرعية الدولية».
ممثل حركة «حماس» لـ «الشعب»: المعركة أثبتت أن مسار التسوية السلمية وصل إلى حائط مسدود
ويرى يوسف أبوبكر، ممثل حركة «حماس» الفلسطينية في الجزائر، في تصريح لـ «الشعب»، أن من بين ثمار معركة طوفان الأقصى، إثباتها أن مسار التسوية السلمية قد وصل إلى حائط مسدود، وأن ما كان يباع إلى الشعب الفلسطيني من أوهام التسوية السياسية، بان بالكاشف بأنه لا يتجاوز ذاك الوصف. فالحكومة اليمينية الصهيونية المتطرفة، لا تعترف بحق الفلسطينيين في أرضهم وشعبهم وحقوقهم ومقدساتهم، وبالتالي فهذه الحكومة التي تتنكر ولا تلتزم بقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن، هي تنسف هذا المسار، وقد أثبتت أنه منذ بداية اتفاقية «أوسلو» إلى اليوم والقضية تتراجع.
بالمقابل، استمر الكيان في سلب الأرض وفرض رؤيته في إنهاء وحسم الصراع، سواء عبر مسار الاستيطان أو بتهويد المسجد الأقصى وتقسيمه زمنيا ومكانيا، أو على صعيد الأسرى في سجون الاحتلال وتجريدهم من حقوقهم، أو على صعيد عدم الاعتراف للاجئين بالعودة إلى أراضيهم.. وعليه، فكل القضايا الرئيسية المركزية في عملية التسوية نسفت من طرف الكيان وألقيت خلف ظهره، مواصلاً سياسة فرض الأمر الواقع، ظنًّا بأن الشعب الفلسطيني سيستسلم لهذا الواقع وسيقبل بهذا المنهج المفروض بالقوة. وعلى هذا الأساس، يؤكد يوسف أبوبكر، جاءت المقاومة ليس فقط لوقف عدوان الحكومة اليمينية المتطرفة على المسجد الأقصى وأهل الضفة الغربية، بل أيضا لتثبت أن مسار التسوية السياسية لا يمكن أن يفرض على الفلسطينيين وتركهم ينتظرون إلى حين تأسس مجتمع دولي عادل، يلزم الكيان الصهيوني بتطبيق الاتفاقيات الدولية. ولتثبت، من جهة أخرى، أن هذا المجتمع الغربي الذي يدّعي رعايته للسلام، ليس فقط وسيطا غير نزيه ومنحاز، بل وشريك داعم للعدو الصهيوني بالمال والسلاح والغطاء السياسي.
ويضيف ممثل حركة حماس بالجزائر، أن عملية طوفان الأقصى أثبتت أن مسار التطبيع التي حاولت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني فرضه فرضاً على المنطقة، هو في الحقيقة مسار فاشل. كما أبانت أن العدو الصهيوني الذي يروج لنفسه على أنه خبير بالتكنولوجيا ولديه قدرة أمنية واستخباراتية هائلة، في حالة ضعف، حيث انهارت قواه أمام فصيل مقاوم يصنع سلاحه بيده.
ويؤكد يوسف أبوبكر، أن المقاومة الفلسطينية تعيش اليوم تحولاً استراتيجياً في مسارها، الذي تعتمد فيه على منطق أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلاّ بالقوة. وقد أبان هذا المنطق، أن العدو، الذي خرج في 2005 من قطاع غزة، يخرج اليوم من مستوطنات الغلاف ويستسلم أمام ضربات المقاومة، ولا يستطيع إلى هذه اللحظة استعادة هذه الأراضي التي فر منها، وبالتالي فهي تخوض معركة العز والشرف والكرامة، وتواجه هذا العدو بوجهه المكشوف ومعه المجتمع الدولي بذات الوجه، ولكل مقاومة ثمن، وهو ما يدفعه الشعب الفلسطيني من أجل الحرية ومن أجل القدس التي تستحق أن تراق من أجلها كل الدماء.
من جهة أخرى، يرى الإعلامي حلمي الغول، أن من تداعيات عملية طوفان الأقصى، تأثيرها الواضح حتى وإن لم يتبلور بعد على عملية التطبيع، كما أنها فتحت الأفق أمام تحرك نحو الحل السياسي، لكن مازال من المبكر الحديث عن رؤية متبلورة وستحتاج لبعض الوقت لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ووضعها على طاولة البحث العالمية.
في ذات النسق، يؤكد الكاتب والدبلوماسي الفلسطيني أحمد الغندور، في تصريح لـ «الشعب»، أن التجاوب الشعبي العربي مع ما يحدث في غزة، معهود دائما في النصرة والتأييد، ولكنه بحاجة إلى مزيد من الفاعلية؛ فمن يشن العدوان على الفلسطينيين في غزة ليس الاحتلال الصهيوني فقط، بل تشاركه دول غربية يجب التظاهر أمام سفاراتها، ومؤسساتها رفضا للظلم، والهتاف بأعلى صوت بأن أهل غزة ليسوا «حيوانات بشرية»، وليسوا «دواعش»، وهم بحاجة ماسة إلى معاملة إنسانية بدلاً من التطهير العرقي والإبادة والتهجير القسري.
أما التجاوب العربي الرسمي فهو باهت –يصفه المتحدث- لم يصل إلى حد الشجب والاستنكار، وكأنه خجل أمام بطولة المقاومة، ويدور في فلك إرضاء الاحتلال والراعين الرسميين له.
ويردف أحمد الغندور، أن عملية طوفان الأقصى غيّرت من مفهوم السلام، والذي دائما ما كان إلا على حساب حق الشعب الفلسطيني. غير أن ما يجب إدراكه هذه المرة، هو أن ما «اقترفت أيديهم في جريمة التطبيع» تم فضحه على أيدي حفنة صغيرة من الشباب الفلسطيني الذي أسقط بيت العنكبوت في خطوة مفاجئة قليلة الوقت. وعليه، وجب التساؤل إن كان بمقدور هذا الكيان توفير الحماية الفعلية لهذه الأنظمة، من دون بروباغندا قد أعمت أبصارهم، ولذلك عليهم أن يعوا الدرس جيدا ويعودوا إلى الحق والصواب وأن يمتنعوا تماما عن دعم الاحتلال حتى لو بالصمت المخجل عن جرائمه، يكمل المتحدث.
ويضيف الدبلوماسي الفلسطيني في الختام بالقول، «أخيرا علينا أن ندرك بأن التطورات الأخيرة ومهما كان حجم العدوان ومهما بلغت جرائمه في حق شعبنا الفلسطيني، لن تكون إلا في صالح فلسطين وشعبها وقضيتها. لأن هذا الشعب وهذا الحق، لا يمكن تجاوزه.، ولو- لا سمح الله- تم القضاء على الفلسطينيين إلا شخص واحد، فحينها ستكون المشكلة أعقد مما يتصورون، ولن يستطيعوا تجاوز الفلسطيني الأخير!.
النخوة العربية والإسلامية لن تموت، والدعم والتأييد قادم لفلسطين، بإذن الله تعالى، منهم ومن أحرار العالم. والشعب الفلسطيني لا يحفل بالمتخاذلين. وقريبا، بإذن الله، سينقشع غبار المعركة وتنكشف الحقيقة جلية كالشمس في وسط السماء، إذا لم تتطور الأمور إلى حرب إقليمية تغيّر خريطة المنطقة برمتها».