قال الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش إنّ مجالس الأعمال الاقتصادية التي تربط الجزائر بعدة دول، يعوّل عليها كثيرا بهدف تحديد مجالات التعاون وتكثيف مشاريع الشراكة، ويرى أنها تعد أرضية دقيقة لإبرام الاتفاقيات وإقامة الاستثمارات وتبادل الخبرات في إطار منظّم ومستمر، فضلا على طرحها للعديد من الفرص بعد أن تفتك الضوء الأخضر من القيادة السياسية للبلد الشريك، ويتوقع الخبير أن تفضي هذه الآلية إلى تنويع خارطة الأعمال وتوسيع الشراكات الجاذبة للاستثمار والأسواق.
توقّف الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش في بداية تشريحه لأبعاد أهمية هذه المجالس الاقتصادية، عند دور هذه المجالس الاقتصادية الجزائرية مع الدول التي تربطنا بها شراكات ونقيم معها علاقات تعاون سواء في المجال السياسي والأمني أو الاقتصادي على وجه الخصوص، موضّحا أنّ مجالس الأعمال الاقتصادية بمثابة الإطار المؤسساتي الذي يجمع ما بين دولتين أو ممثلي الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين عادة، من أجل تحقيق المزيد من التقارب، وتوضيح الرؤية حول بيئة وإمكانيات وأفق الاستثمار، ومن ثم إيجاد سبل وطرق للتعاون، وبعد ذلك إقامة مشاريع مشتركة وإبرام عقود للتبادل التجاري في مرحلة أولى، وعقب ذلك في مراحل متقدمة، يكون هناك عقود وشراكات في مشاريع واستثمارات.
وأوضح الدكتور بريش أنّ مجالس الأعمال عادة ما تحظى برعاية أعلى مستوى في الدولة، ويكون تنصيب مجالس الأعمال بمناسبة عقد لقاءات رسمية على أعلى مستوى وزيارات دولة سواء على مستوى الرؤساء أو رؤساء الحكومات والوزراء، لذا، فإنّ أهمية وجود مجالس الأعمال عبارة عن روابط ونوع من الدبلوماسية الاقتصادية، بل وروابط تقرب هذه الدول في إطار هذه المجالس، والتي عادة ما يحضر فيها ممثلو القطاع الاقتصادي وأرباب العمل ومن يهمهم تسويق بيئة وصورة مناخ الأعمال الجزائرية ونظرائهم في الخارج، وفي المقابل، تسمح هذه المجالس بمعرفة الفرص الاستثمارية والتسويق التجاري والسياحي للجزائر في هذه الدول.
أمّا بخصوص المنتظر من مجالس الأعمال الاقتصادية، ركّز الخبير على أهمية تفعيلها، على خلفية أنّ هناك عدة اتفاقيات تبرم وتفاهمات مثمرة، وقال إنّ المرتقب من مجالس الأعمال الجزائرية مع نظرائها في الصين وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وموريتانيا وتونس وغيرها، أن تفعّل هذه الاتفاقيات وتحول البرتوكولات المبرمة بين الطرفين إلى مجالات للشراكة المكثفة وللاستثمار الواسع وتنويع التبادل التجاري من الجانبين، بالإضافة إلى عقد لقاءات دورية للتقييم والمراجعة لتحقيق تقدم لهذه الاتفاقيات، ومن ثم الوقوف على الصعوبات والعقبات من أجل تذليلها، والدفع بعجلة التعاون إلى الأمام في سبيل تعميق هذه الشراكة، والتي يكون محورها هذه الاجتماعات واللقاءات التي تربط مجالس الأعمال الجزائرية ونظيراتها في الدول الصديقة والشقيقة، وكل من تربطنا بهم شراكات استراتيجية وتبادلات تجارية واستثمارية في عدة مجالات.
ويعتقد الدكتور بريش أنّ الدور الراهن والمقبل يقع دون شك على من يمثل مجالس الأعمال والجمعيات والمهنيين والفاعلين في هذه الجمعيات، وكذلك الرعاية والدور يقع على عاتق الدبلوماسية، وهو ما يبيّن أهمية الدور الذي تقوم به الدبلوماسية الاقتصادية، إلى جانب مرافقة الدبلوماسية لهذه المجالس لتحقيق الاتفاقيات المبرمة على أرض الواقع.
وسلّط الخبير الضوء على آثر هذه المجالس وأهمية تفعيلها، إذ تساهم في تدفق التبادلات التجارية بين الجزائر وهذه الدول سواء من صادرات الجزائر، خاصة أن الاستراتيجية الوطنية التي تتبعها الجزائر والهدف الأساسي يتمثل في تنويع الاقتصاد والصادرات خارج قطاع المحروقات، أو بإبرام عقود توكيلات أو عقود شراكة في المجال التجاري أوفي مجال الاستثمار، لأنّ هذه المجالس من شأنها أن تلعب دورا كبير في دفع العلاقات الثنائية وتوسيع التبادلات التجارية والاستثمارات الأجنبية إلى الجزائر وتسهيل دخول رؤوس الأموال الأجنبية، بالإضافة إلى منح صورة جيدة وضمانات، ثم المساهمة في مرافقة المستثمرين الجزائريين للدخول إلى الأسواق المسطرة، وخاصة أنّه في الجزائر يراهن على السوق الإفريقية والبداية دون شك انطلقت من السوق الموريتانية، وبعد ذلك سوق غرب إفريقيا التي يتواجد بها أكثر من 300 مليون نسمة، وينتظر أن يجد المتعاملون الاقتصاديّون الجزائريّون عن طريق مجالس الأعمال، المرافقة والدعم ويصبح لديهم تسهيلات تمكّنهم من دخول هذه الأسواق.