أجّلت الجزائر الاحتفال باليوم الوطني للصحافة وعلّقت جميع النشاطات الثقافية الرياضية وألغت كل المظاهر الاحتفالية بالبلاد، فكيف يحتفل الجزائري وأخيه الفلسطيني مكبّل ومقيّد، وحياته مهددة تحت القصف والعدوان الهمجي منقطع النظير؟
يرى الصحفيون الجزائريون قرار تأجيل الاحتفاء بالمناسبة عين الصواب، لانهم يأبون الاحتفال بمناسبتهم الوطنية وبمكاسبهم المهنية، وشعب شقيق مسلوب الحرية يُقتل ويُباد بأسلحة محرمة دوليا، ويروا أن أبسط ما يمكن تقديمه لهم كلمة أو بالأحرى موقف دعم ومساندة ومواساة للشعب الفلسطيني المضطهد والمحاصر.
قد يكون الأمر في نظر البعض هيّن، لكنه كبير في وقت تغض وسائل اعلامية غربية النظر عن أعمال وحشية تُصنّف في خانة الجرائم ضد الانسانية يقترفها الاحتلال الصهيوني كل يوم ومنذ أسبوعين ضد اطفال وشيوخ ونساء، مستهدفا سيارات الاسعاف والمستشفيات والمساجد.. وكل من رفض مغادرة أرضه والتخلي عن عرضه، ضاربا عرض الحائط القيم والمبادئ الانسانية، أو حتى أخلاق وأصول الحرب، بعد رفض مجرد هدنة انسانية لشعب يباد والكاميرات تسجل المشاهد المروعة والبشعة.
في وقت صمتت فيه وسائل اعلام ومنظمات لطالما تشدقت بحماية مبادئ المساواة وحقوق الانسان، وحرية التعبير، ارتفع صيت الاعلام الجزائري عاليا، منددا بالاحتلال الصهيوني الجائر، ناقلا صوت وصورة كل جزائري صرخ في وجه الاحتلال الصهيوني: “لا لمجازر بني صهبون”، “بالروح بالدم نفديك يا غزة”, ” مع فلسطين ظالمة او مظلومة”, “جزائر الشهداء تساند الشعب الفلسطيني”.. عطفا على أرض مليون ونصف المليون شهيد لا تكتم فيها كلمة الحق ولا مكان للجبن والخذلان فيها.
ونقل الاعلام الجزائري بجرأة، أيضا، أبشع صور الوحشية في حق شعب يُصفّى عرقيا ويدفن تحت الأنقاض، ويمنع من أبسط حقوقه واحتياجاته الحيوية، وفضح مشاهد الدمار والخراب وسط صمت وسكوت، بل وتواطؤ مجتمع دولي، يكيل بمكيالين، ولا يُميز بين الضحية والجلاد.
وعلى ضوء اجماع والتفاف الحزائريين حول عدالة القضبة الفلسطينية التي يعتبرونها “خطا أحمر”، اقتربت “الشعب” من اعلاميين ورصدت آرائهم حول المشهد الاعلامي للعدوان الهمجي على فلسطين وبالخصوص على قطاع غزة الذي يحاول الاحتلال تهجير أهله بكل الوسائل والطرق البشعة.
بركان بودربالة: الاعلام الغربي كالأعور، يغمض عين الحقيقة، ويُبقي عين التضليل
يقول بركان بودربالة، مدير مؤسسة إعلامية، وأستاذ جامعي، ” ما لفت انتباهي كإعلامي وأكاديمي في العدوان على غزة هو التعاطي الاعلامي الغربي مع الحرب، وتلك الصورة النمطية المُشوّهة للعرب والمسلمين لدى الغرب مازالت هي نفسها! مازال الغرب وفيا لنفسه حيث لا يسمع إلا صوته، ولا ينحاز فقط بل يصبح آلة دعاية كاذبة، بتلفيق التهم وتزييف الحقائق لتضليل الرأي العام وتبرير الخروق السياسية والعسكرية”.
ويضيف الاعلامي ان “السقوط المهني والأخلاقي للإعلام الغربي يظهر جليا أثناء الحروب. فقد ظهر في حربي العراق بتلفيق تهمة امتلاك العراق للسلاح والنووي، وفي افغانستان بفزاعة محاربة الارهاب، وفي كل مرة كان الاعلام يخترع الاكاذيب ويُصبح خلية عسكرية للدعاية لتهيئة الرأي العام الغربي والدولي للمزيد من الوحشية والقتل وتبرير المزيد من المجازر في حق المدنيين العزل”.
وفي السياق ذاته، يشير بودربالة إلى “كشف فيديو لـcnn يُظهر المخرج وهو يُوجه المصور والمراسلة في العدوان على غزة بأن يتظاهرا بأنهما يتعرضان لصواريخ حماس بقوله: إلتفتي من حولك بطريقة تبدو فيها أنك مذعورة”.
ويذهب الاكاديمي أبعد من هذا قائلا: “بل رأينا كيف أن رئيس أمربكا نفسه يصدق هذه الأكاذيب الاعلامية، ويتخذ مواقف سياسية وعسكرية بناء على هذه الاكاذيب!”
وعن دور الاعلام في الحرب يقول بودربالة: “من الواضح أن الاعلام الغربي سواء بنشر أكاذيب السياسيين والعسكريين أو تلفيق هذه الأكاذيب، هو طرف في هذه الحرب والعدوان ولاعبا أساسيا فيها، فهو كعادته في المواجهات المصيرية يصبح كالأعور، يغمض عين الحقيقة، ويبقي عين التضليل”.
وهنا يدعو الاستاذ الجامعي إلى ضرورة العمل على “إخراج إعلامنا من محليته وادخاله في حلبة الإعلام الدولي والإقليمي لاسماع صوت قضايانا العادلة إلى الشعوب الغربية التي فُرض عليها سماع صوت الاعلام الواحد والموجه”.
مدير إذاعة “إفريقيا آف آم”: وجّهنا رسالتنا نحو المستمع الافريقي من أجل تحسيسه بعدالة ونبل القضية
يقول مدير اذاعة “إفريقيا اف ام”، محمد صايم، ان القضية الفلسطينية قضية الإنسانية برمتها، لأنها قضية نبيلة وعادلة لكل رافض للاستعمار والاحتلال والاضطهاد والظلم واللامساواة..
ويؤكد صايم ان “القضية الفلسطينية غالية ولها مكانة خاصة في قلب كل جزائري وخاصة الصحفي المطالب بالدفاع عن القضايا العادلة”.
ويشير في السياق ذاته الى ان الاعلام الجزائري يولي اهتماما وشغفا خاصا لقضايا تصفية الاستعمار لأنها عقيدة مرسخة لديه.
وعن التغطية العدوان الاعلامية للاحداث المأساوية، يقول المتحدث ان قناته الاذاعية غطت الاحداث بمهنية منذ البداية بربط ما يجرى بفلسطين التي تتعرض لعدوان صهيوني، أقرب ما يكون إلى الممارسات النازية، بالمشهد الافريقي، بحكم خصوصية جمهور الاذاعة.
ويوضح في هذا الاطار: “وجهنا رسالتنا نحو المستمع الافريقي من اجل تحسيسه بعدالة ونبل القضية، مع تسليط الضوء على الدول الافريقية المساندة لفلسطين”.
واسترسل صايم قائلا “أتحنا المعلومة وسردنا الأحداث بمصداقية من أجل فضح حجم الظلم الذي يتعرض إليه شعب أعزل من الكيان الصهيوني”.
ويقول صايم “إن التغطية تجاوزت حدود الجزائر لتتجه الى تونس أين سمعنا صوت الشعب التونسي المندد بالاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني، وبالمجازر المرتكبة في حق المدنيين خاصة بغزة التي تحترق تحت النيران منذ اسبوعين، من عدو لا يُميّز ولا يُفرّق بين طفل أو جريح أو مريض، والدليل قصف المستشفيات، الذي تجرمه كل التشريعات والاتفاقيات الدولية”.
وعن نجاح دورها التعبوي يقول مدير الاذاعة الإفريقية: “تلقينا أصداء من دول افريقية عديدة مناهضة للاعتداءات على غزة”.
وبالرجوع إلى مسيرات الجزائر لنصرة فلسطين، يقول الاعلامي إن التغطية كانت شاملة بالصوت والصورة لنقل حشود الجزائريين الحاملين للراية الفلسطينية بيد والجزائرية باليد الاخرى، في رسالة إخوة ودعم وتضامن قوية مع شعب شقيق.
ويختتم صايم بالقول إنه رغم التواطؤ الدولي بالصمت عن المجازر التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، الجزائر لم ولن تتوان شعبا وحكومة عن إدانة العدوان والوحشية الصهيونية، ولن تتأخر في اعلاء كلمة الحق دائما وأبدأ، لأن قلوب وحناجر كل الجزائريين تبقى تردد: “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.
أحمد درويش: الكيان الصهيوني يريد محو غزة من الخريطة
أحمد درويش، مدير عام جريدة وقناة تلفزيونية، يقول إن “الجزائر تساند منذ استقلالها الشعب الفلسطيني الشقيق، وهو دعم راسخ في نفوس كل الجزائريين، وقناعة ان الفلسطينيين سينالون يوما حريتهم واستقلالهم وسيعود المهجّرون من أرضهم”، مشيرا إلى ان نكبة 48 كانت نقطة تحول بالنسبة للشعب الفلسطيني، حيث اصبحوا أقلية، خاصة بعد تقسيم اراضيهم إلى ضفة غربية وقطاع غزة سنة 1967.
ويشير الإعلامي الى ان “الكيان الصهيوني الغاشم يحاول اليوم محو قطاع غزة من الخريطة الشرق أوسطية، والتوسع جنوبا نحو سيناء، وأنه وجد في انتفاضة طوفان الاقصى ذريعة لتنفيذ مخططه”، محوّلا هزيمته فيها الى إبادة جماعية، لم يسلم منها لا اطفال ولا شيوخ ولا نساء، ولا حتى بنية تحتية.. لا مساجد ولا كنائس ..”ببساطة لم يسلم منها لا شجر ولا حجر”، مثلما يضيف المتحدث.
ويسترسل الاستاذ درويش بقوله: أن لا أحد يعلم متى وكيف تنتهي هذه الحرب ، وهي الحرب التي زادت المقاومة عزما وإصرارا، ويقينا ان النصر قادم”.
وبالمناسبة حيّا الاعلامي الشعب الجزائري على مشاركته في مسيرات حاشدة الخميس نصرة لفلسطين ودعمه اللامشروط للقضية.
ولم يستغرب المتحدث قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلغاء احتفالات اليوم الوطني للصحافة، وتأجيل تسليم جائزة الصحفي المحترف لرئيس الجمهورية، وتعليق كل النشاطات الثقافية والرياضية والاحتفالات الرسمية، وتأجيل حتى زيارة الرئيس تبون إلى ولاية الجلفة، لما له من مواقف ثورية ثابتة، وهو القرار الذي قوبل بالتفهم والترحيب، وعيا من الصحفيين والمؤسسات الاعلامية التي أبدت منذ العملية الفدائية طوفان الاقصى، اهتماما بارزا وقويا في كل العناوين الصحفية، والقنوات التلفزيونية، مع تنظيم يوم مفتوح من قبل قنوات خاصة لتغطية الحدث، وابراز معاناة الفلسطينيين، ولطمأنتهم ان لهم في الجزائر إخوة يساندونهم أوقات الشدائد، في وقت تخرس وسائل الإعلام الغربية عن ما يفعله الصهاينة بالفلسطينيين من تقتيل وترويع وتهجير.
وهذا ما أكده وزير الاتصال محمد لعقاب بالقول إن وسائل الاعلام الغربية تعاملت بأكاذيب عالية الاحترافية وكأنها لم ترى شيئا من معاناة الفلسطينيين، مشيدا في الوقت ذاته بتغطية وسائل الاعلام الجزائرية للمسيرلت الحاشدة نصرة لفلسطين، واختتم درويش بالقول “النصر لفلسطين، الثبات لغزة، والحرية قادمة لا محالة”.
الصحفية سهيلة دغموم: يجب استغلال كل ما تتيحه الجزائر اليوم للوقوف إلى جنب إخواننا في فلسطين
وترى سهيلة دغموم، صحفية بالتلفزيون الجزائري، أنه مع تزامن اليوم الوطني للصحافة مع الاعتداء الصهيوني الغاشم في حق الشعب الفلسطيني الاعزل في غزة والضفة الغربية، يجد الصحفي الجزائري نفسه مجبرا على مواصلة الكفاح لاسماع صوت الحق وفضح همجية الاحتلال، وسط التعتيم الاعلامي الذي تتعرض له القضية الفلسطينية من أكبر الوسائل الاعلامية في العالم.
وترى الصحفية ان موقف الاعلاميين الجزائريين واضح تجاه القضية الفلسطينية لأنه من حق الشعب الفلسطيني بناء دولة مستقلة عاصمتها القدس.
ودعت دغموم الزملاء بوسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرىية والالكترونية الى “استغلال كل ما تتيحه الجزائر اليوم للوقوف الى جنب إخواننا في فلسطين ومواصلة الرسالة النبيلة لاسماع صوت الحق”.
سامي قايدي: العدوان على فلسطين يذكّرنا بالحروب الصليبية
وعبّر الصحفي سامي قايدي، من جريدة “المجاهد”، عن خالص دعمه للشعب الفلسطيني الذي يعيش أوقاتا صعبة، مؤكدا ان الجزائري يتقاسم معه محنته.
“فرؤية مظاهر الدمار والتقتيل في مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر شاشات التلفزيون والتي تذكرنا بالحروب الصليبية، تدمي قلب كل جزائري وكل ضمير حي”، يضيف الاعلامي، الذي يرى في فلسطين “السد المنيع للعالم العربي وامتدادا لأمنه القومي”.
ويختم الاعلامي مردّدا الجملة الشهيرة للزعيم الراحل هواري بومدين، المنحوتة في ذهن كل جزائري والتي يحفظها كل كبير وصغير عن ظهر قلب: “الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.
عبد الحكيم أسابع: أصطف إلى جانب الاعلاميين الفلسطينيين لاعلاء كلمة الحق
ويؤكد الكاتب الصحفي عبد الحكيم أسابع من جريدة “النصر”، اصطفافه وتخندقه مع إخوانه الإعلاميين الفلسطينيين كمناضل بالكلمة وبالصوت والصورة وبأعلاء صوته كمناضل “لأن القضية الفلسطينية العادلة قضيتنا جميعا”.
ويقول في السياق ذاته: “لقد كنت وما زلت أحرص على المشاركة في كل التظاهرات الداعمة لشعبنا العربي الفلسطيني وضمان التغطية الإعلامية لها. سبق لي أنا بادرت بتنظيم بعض هذه التظاهرات على مستوى سفارة دولة فلسطين بالجزائر، لأعبر رفقة زملاء المهنة المناضلين عن دعمنا اللامشروط للقضية الفلسطينية، والتعبير عن إدانتي واستنكاري الشديدين للعدوان الصهيوني المتكرر على شعبنا الفلسطيني، وحرب الإرادة الممنهجة والجرائم الوحشية في حق الشعب الفلسطيني”.
وأشار الاعلامي إلى وقوفه دائما في صف الإخوان الإعلاميين لمطالبة الضمير الإنساني، لفضح هذه المجازر في كل المنابر الدولية والدعوة لتوقيفها وفتح ممرات إنسانية تسمح بمباشرة عمليات إغاثة عاجلة وإدخال المساعدات واجبار الاحتلال الصهيوني على توقيف قصفه للأهداف المدنية والبنى التحتية والمستشفيات والأطقم الطبية ودور العبادة.
ويرفع الصحفي بجريدة “النصر” صوته عاليا من خلال كتاباته لمواصلة التحرك في اتجاه أحرار العالم من أجل إرغام الاحتلال الصهيوني رفع حصاره على قطاع غزة ووقف العدوان المستمر ونصرة القضية الفلسطينية.
وفي الختام عبّر الاستاذ أسابع عن “دعمه المطلق لموقف الدولة الجزائرية الثابت في نصرة القضية الفلسطينية، وللفلسطينيين في مقاومتهم ونضالهم من أجل افتكاك حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس”.
وختم قائلا: “من هذا المنبر أُحيي عاليا قرار السلطات العمومية إلغاء الاحتفالات الخاصة بذكرى أول نوفمبر، كما احيي وزارة الاتصال على إلغاء النشاطات الاحتفالية المبرمجة إحياء لليوم الوطني للصحافة”.