عبّر الشعب الجزائري عن تضامنه المطلق والدائم مع الشعب الفلسطيني في مسيرات حاشدة عمت كل أرجاء الوطن بولاياته 58، وذلك على إثر العدوان المتواصل على غزة التي شهدت إحدى أكبر المجازر الوحشية في العصر الحديث، بعد القصف الصهيوني الذي استهدف مستشفى المعمداني، في جريمة مكتملة الأركان ارتكبت مع سبق الإصرار والترصد في حق مئات المرضى والمصابين والناس العزل، متجاوزاً بذلك كل حدود الوحشية التي لم يشهدها العالم في أشد الحروب ضراوة في التاريخ.
يقول عضو المجلس الثوري في حركة “فتح” والكاتب الصحفي والمحلل السياسي موفق مطر، في تصريح لـ”الشعب”: تابعت باهتمام مسيرات الجزائر، ولابد من تأكيد اعتقادنا أن الأشقاء في الجزائر هم عمقنا الاستراتيجي في شمال إفريقيا، وإذا قلنا إن الفلسطيني لا يتضامن مع أخيه وإنما يشاركه النضال الوطني، فإن إخوتنا في العروبة في الجمهورية الجزائرية هم في الحقيقة فلسطينيون ولكن بهوية وطنية عربية جزائرية، وقد نخطئ إذا أطلنا المديح لأشقائنا، لاعتقادنا أنهم قاموا بواجبهم نحو مقدساتهم في فلسطين ونحو قضيتهم العربية المركزية فلسطين، وهذا نابع من إيمانهم بالحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني في أرض وطنه، وبحتمية انتصار الثورة الفلسطينية المعاصرة التي كانت الجزائر إحدى قواعد ارتكاز انطلاقتها.
ويوضح الكاتب والمحلل السياسي، أن الشعب الفلسطيني يعتقد جازماً أن كفاحه ونضاله السياسي متلازمان، وبالتالي فإن هذه اللحظة المصيرية في تاريخه تجعله أكثر تصميما على الوفاء لأرواح الشهداء، وذلك عبر دفع العالم إلى تبني الرواية الفلسطينية وملخصها، أنْ لا أمن ولا استقرار ولا سلام في المنطقة ما لم ينعم الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال والسيادة في دولة فلسطينية أجازتها قرارات الشرعية الدولية. وعليه، فالعالم سيتوصل إلى قناعة بعد صمود أسطوري، باستحالة إخضاع الشعب الفلسطيني أو فرض الاستسلام عليه أو الحلول التصفوية للحق الفلسطيني. وبناءً على مراحل سابقة مر بها الشعب الفلسطيني، وبفضل حكمة قيادته وعلى رأسها الرئيس أبو مازن، سيتمكن من تجاوز حرب الإبادة هذه ليعود بفضل وحدته الوطنية أقوى، الأمر الذي سيجبر الدول الاستعمارية الغربية التي أنشأت الكيان الصهيوني على الاقتناع بضرورة التسليم بحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ويضيف المتحدث: “إرادة الشعوب أقوى من المستعمرين، ونحن نستلهم تجربة كفاح الشعب الجزائري الشقيق. كما نعتقد أن يقظة الشعوب العربية في هذه اللحظة التاريخية، ستؤكد استحالة التطبيع مع كيان إرهابي همجي عنصري فاشي فاق النازية بجرائمه ضد الإنسانية، وسنشهد تحولات شعبية دولية لصالح الحق الفلسطيني، فالعالم اليوم يشاهد المنظومة الصهيونية الاستعمارية على حقيقتها وبدون أقنعة، فالديمقراطية والحرية وغيرها من أقنعة غطت على حقيقة الصهاينة ككيان قائم على الجريمة والإرهاب بحق الإنسانية عموما، والإبادة بحق الشعب الفلسطيني.
ويردف عضو المجلس الثوري في حركة “فتح” بالقول: مازلنا على اعتقادنا الذي كرسناه في أدبيات حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، بأن ثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة عربية القلب فلسطينية الوجه، وبأن الأمة العربية عمقنا الاستراتيجي، وبأن تحرير فلسطين يتطلب عملاً عربياً وحدويا أو موحدا على الأقل، وزاد على اعتقادنا أن الشعوب العربية مازالت تعتبر فلسطين قضيتها المركزية، رغم كل انشغالاتها بقضاياها الوطنية. وبهذا الصدد، فإني أهيب بالإخوة في الجزائر، بالدعوة إلى مؤتمر أو لقاء لكل القوى العربية المنظمة لإقرار خط برنامج سياسي عملي، تنخرط في تنفيذه وتطبيقه القوى الشعبية والحزبية ذات المرجعيات الوطنية والعروبية والإنسانية، فنحن بحاجة ماسة إلى تنظيم عمل هذه القوى العربية وفق منهج واقعي يؤدي إلى ضغط حقيقي على مصالح الدول الاستعمارية التي أنشأت الكيان الصهيوني، ومازالت تمده بأسباب القوة، وكذلك الدول التي مازالت مترددة أو خاضعة للنفوذ الصهيوني، لتبيان الحق الفلسطيني وإظهار الكيان على حقيقته الإجرامية، فهذا الأمر مهم للغاية في ظل ثورة تكنولوجيا الاتصال والتواصل التي يجب توظيفها وفق خطة مرسومة سلفا”.
بدوره، وجه يوسف أبوبكر حمدان، ممثل حركة “حماس” الفلسطينية في الجزائر، في تصريح لـ«الشعب”، رسالة إلى الجزائريين قال فيها: “لا تنزلوا من الجبال، فالمقاومة لم تلق السلاح بعد، والعدو لم يتوقف قصفه ولم تنته جرائمه، فلا تبرحوا مواطن إظهار القوة، شعبنا مازال يذبح في غزة.. يجب أن يتواصل تضامنكم مع أهلنا الذين لا تزال دماؤهم تسيل، ولا يزال العدو يقتلهم، رسائل القوة الجماهيرية مضمونة الوصول إلى العدو الصهيوني الذي يرقب جموعكم”.