دخل العدوان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية، اسبوعه الثالث، مخلفا ما لا يقل عن 4.473 شهيدا و15.400 جريحا في حصيلة جديدة مؤقتة، وأزمة انسانية كارثية سببها الحصار الخانق المفروض على القطاع، وسط مساعي حثيثة لإيصال المساعدات للفلسطينيين المتضررين، بعد فتح معبر رفح الحدودي اليوم السبت ودخول 20 شاحنة لأول مرة منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر.
بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، تم تفريغ عدد من الشاحنات المصرية المحملة بالمستلزمات الطبية والأدوية والمواد الغذائية، كما تنتظر المئات من الشاحنات الأخرى أمام معبر رفح، استعدادا لعبورها إلى داخل القطاع وذلك بعد وصول العديد من المساعدات العربية والدولية.
وفي هذا الإطار، قررت الجزائر، وبأمر من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إرسال مساعدات إنسانية هامة واستعجالية، إلى قطاع غزة عبر معبر رفح عن طريق جسر جوي مكون من العديد من الطائرات التابعة للقوات الجوية للجيش الوطني الشعبي، حسب ما أفاد به اليوم السبت بيان لرئاسة الجمهورية.
وجاء في البيان: “قررت الجزائر، بأمر من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إرسال مساعدات إنسانية هامة واستعجالية إلى مطار العريش بجمهورية مصر العربية الشقيقة لإدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، متمثلة في مواد غذائية وطبية وألبسة وخيم، عن طريق جسر جوي مكون من العديد من الطائرات التابعة للقوات الجوية للجيش الوطني الشعبي”.
وتعبر هذه المساعدات العاجلة -حسب المصدر- عن “التزام الجزائر، قيادة وشعبا، بالتضامن اللامشروط واللامحدود مع الشعب الفلسطيني الشقيق الذي يتعرض إلى عدوان متواصل، لاسيما في قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال، في ظل حصار شامل جائر”.
وأعرب منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، السبت، عن ثقته في أن هذه العملية “ستكون بداية لجهد مستدام لتوفير الإمدادات الأساسية – بما في ذلك الغذاء والماء والدواء والوقود – لسكان غزة، بطريقة آمنة يمكن الاعتماد عليها وبدون شروط أوعوائق”.
وقال أن “الوضع الإنساني في غزة -الذي كان صعبا من قبل- قد وصل إلى مستويات كارثية” بعد مرور أسبوعين على بدء الأعمال العدائية الصهيونية، مشددا على أهمية وصول المساعدات إلى المحتاجين أينما كانوا في جميع أنحاء القطاع وعلى النطاق الملائم.
وحذرت السلطات الفلسطينية من أن هذه القافلة “المحدودة لن تستطيع تغيير الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، ومن المهم تدشين ممر آمن يعمل على مدار اللحظة لتوفير الحاجات الإنسانية والخدماتية التي باتت مفقودة بشكل كامل”.
ضرورة تدفق المساعدات إلى غزة
بدوره، أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، على الحاجة الى ادخال المزيد من المساعدات الى قطاع غزة المحاصر بشكل مطبق منذ السابع من أكتوبر، والذي يخضع الى حرب ابادة يشنها الكيان الصهيوني بحق أهالي القطاع.
وقال تيدروس في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي “إكس” (تويتر سابقا) انه على الرغم من دخول مساعدات الى غزة اليوم ولأول مرة منذ 15 يوما، الا ان “الاحتياجات هناك أعلى بكثير”.
ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن غزة بحاجة إلى 100 شاحنة على الأقل يوميا لتوفير الاحتياجات الضرورية، وإن أي إدخال للمساعدات يجب أن يكون مستمرا وعلى نطاق واسع.
وهو ما ذهب إليه مارتن غريفيث الذي شدد على أن قافلة المساعدات الإنسانية التي دخلت قطاع غزة عبر معبر رفح “يجب ألا تكون الأخيرة”، مضيفا : “لقد تحمل شعب غزة عقودا من المعاناة، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يستمر في خذلانه”.
بدوره، قال المسؤول اللوجستي في منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني، محمود أبو العطا، أن هذه الخطوة “لا تكفي لتلبية الطلب الكبير من قبل السكان المحليين الذين يعيشون تحت الحصار منذ أكثر من أسبوعين”.
والى جانب المساعدات الانسانية التي قطعها الكيان الصهيوني على الغزاويين، منع الاحتلال تزويد المستشفيات بالوقود، في خطوة اجرامية تعرض آلاف المرضى للموت المحقق.
وفي السياق، حذرت السلطات الصحية الفلسطينية من خطورة عدم إدخال الوقود إلى المستشفيات في القطاع على حياة الجرحى والمرضى، كونها تعتمد على المولدات الكهربائية التي تعمل بالوقود، بعد قطع الكهرباء بشكل كامل عن غزة وتوقف المولد الوحيد في محطة تشغيل الكهرباء عن العمل بعد نفاد الوقود.
ويأتي فتح معبر رفح، في وقت يواصل فيه الاحتلال الصهيوني شن غارات مكثفة على غزة لليوم الخامس عشر على التوالي، موازاة مع سلسلة المداهمات والاعتقالات في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة.
قصف مسجد في جنين
واستشهد شاب فلسطيني وأصيب ثلاثة آخرون بجروح متفاوتة، فجر اليوم الأحد، بعد استهداف طائرات الاحتلال مسجدا في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، باستشهاد شاب ووقوع عدة إصابات بعد استهداف طيران الاحتلال الصهيوني مسجد الأنصار في حارة الدمج بالمخيم.
وكان قد سمع دوي انفجار وتصاعدت أعمدة الدخان في سماء جنين عقب القصف الصهيوني الذي استهدف الطابق السفلي من مسجد الأنصار في حارة الدمج بالمخيم.
ودوت صافرات الإنذار في أنحاء جنين تحسبا لاقتحام قوات الاحتلال في أعقاب القصف.
اعتقالات واسعة بالضفة الغربية
استشهد شاب فلسطيني متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال الصهيوني في مدينة طولكرم بالضفة الغربية المحتلة، حسب ما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية السبت.
واوضحت الوزارة، في بيان لها أمس ، أن الشاب قسام فاروق محمد حج أحمد، البالغ من العمر 19 عاما، استشهد متأثرا بجروح حرجة أصيب بها برصاص الاحتلال الحي في الرأس قبل نحوأسبوع في طولكرم.
وذكرت وكالة الانباء الفلسطينية (وفا) أن باستشهاد الشاب حج احمد، يرتفع عدد الشهداء في الضفة الغربية منذ بداية العدوان الصهيوني الشامال على الفلسطينيين في 7 اكتوبر الجاري الى 85 شهيدا منهم 23 من محافظة طولكرم.
من ناحية أخرى، أصيب عشرات المواطنين الفلسطينيين جراء اطلاق قوات الاحتلال الرصاص الحي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع في مناطق متفرقة بالضفة الغربية المحتلة.
وأفادت مصادر محلية بأن العشرات أصيبوا بالاختناق خلال مواجهات بين عدد من الشباب الفلسطينيين وقوات الاحتلال في مخيم العروب شمالي مدينة الخليل، حيث اندلعت المواجهات بين المواطنين العزل وجنود الاحتلال المتمركزين على مدخل المخيم، والذين أطلقوا الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز السام صوب المواطنين.
من ناحية أخرى، أصيب شاب برصاص الاحتلال قرب قرية دير السودان شمال غربي رام الله، حيث أطلقت قوات الاحتلال النار صوب الشاب عندما كان يقود مركبته، ما أدى إلى إصابته بالرصاص الحي في ظهره وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وأصيب شاب برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال مواجهات اندلعت في بلدة بيتا جنوبي نابلس، حيث احتجزت قوات الاحتلال الشاب ومنعت طواقم الإسعاف من الوصول إليه، واعتدى مستعمرون كذلك على شاب آخر وأصابوه بجروح نقل اثرها إلى المستشفى.
وفي رام الله، اندلعت مواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال عند مفترق معتقل عوفر العسكري قرب بلدة /بيتونيا/، دون الإشارة إلى وقوع إصابات خلال المواجهات.
كما اعتدت قوات الاحتلال على مزارعين أثناء قطفهم ثمار الزيتون في أراضيهم المحاذية لجدار الفصل والتوسع العنصري المقام على أراضي المواطنين غربي جنين، حيث تواصل قوات الاحتلال منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم عبر الاعتداء عليهم وإطلاق الرصاص صوبهم واحتجازهم ساعات طويلة.
في السياق، اعتقلت قوات الاحتلال 8 مواطنين فلسطينيين من مناطق متفرقة من محافظة القدس، كما اعتقلت رئيس مجلس قروي /أم صفا/ شمال غربي رام الله أثناء مروره على حاجز عسكري.
واعتقلت قوات الاحتلال مواطنين اثنين في مدينة نابلس، حيث اقتحم جنود الاحتلال البلدتين وأطلقوا قنابل الغاز السام والرصاص الحي باتجاه المواطنين، دون الإشارة إلى وقوع شهداء أومصابين جراء الاعتداءات، واعتقلت قوات الاحتلال كذلك شابين من مخيم جنين، كما كثفت من تواجدها العسكري في محيط مدينة أريحا.
طيران الاحتلال يقصف مقهى بخان يونس.. وعشرات الشهداء
واستشهد عشرة مواطنين فلسطينيين على الاقل، وأصيب العشرات مساء السبت جراء قصف طائرات الاحتلال الصهيوني استهدف مقهى وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بحسب وكالة الانباء الفلسطينية (وفا).
وأوضحت الوكالة أن عشرة فلسطينيين استشهدوا، وأصيب آخرون جراء قصف طيران الاحتلال مقهى في شارع جلال وسط خان يونس، والذي لجأ إليه عدد من النازحين بعد أن دمرت منازلهم ن مشيرة إلى أن طواقم الإنقاذ والمواطنين مازالت تعمل على انتشال الضحايا من المكان . وأضافت أن طائرات الاحتلال قصفت أيضا مسجدين في مخيم جباليا شمال قطاع غزة ،دون ان تبلغ عن وقوع إصابات.
أزمة مياه كارثية
وتسبب قرار الكيان الصهيوني بقطع الكهرباء وامدادات الوقود على قطاع غزة، في ازمة مياه خانقة للفلسطينيين، حيث تعمل الابار الجوفية التي تعتبر المصدر الرئيسي للمياه بمولدات الطاقة، الامر الذي حال دون القدرة على استخراج المياه وتلبية حاجة سكان القطاع.
وقال مدير عام مصلحة مياه الساحل في غزة، ومسؤول لجنة الطوارئ لقطاع المياه المهندس، منذر شبلاق، في تصريح لوسائل الاعلام اليوم السبت، “إن الأزمة تفاقمت حين قررت سلطات الاحتلال، قطع الكهرباء عن قطاع غزة مع بداية الحرب”.
وأشار المهندس شبلاق إلى أن محطتي تحلية مياه تعملان فقط حاليا بينما المحطة الثالثة يصعب استخدامها كونها تقع في نطاق العمليات العسكرية الصهيونية.
واوضح المهندس أن “الأزمة خانقة فعلا “، محذرا من أنه إذا استمر الحال في ضوء نقص إمدادات الوقود فلن تكون السلطات المحلية قادرة على توفير إمدادات المياه للسكان. واكد: “اننا الآن نعمل بكل الإمكانات المتاحة لتفادي موت الناس من العطش”، مضيفاً أن “بعض المناطق لم تصلها المياه منذ السابع من أكتوبر الحالي، وأخرى وصلتها المياه مرة واحدة في أحسن الأحوال، وكلها إمدادات إما نُقلت بالشاحنات وإما حُملت من السكان أنفسهم”.
ولجأت سلطات المياه في غزة إلى استخدام صهاريج المياه في محاولة للتعاطي مع الأزمة، وإيصال المياه للمناطق التي تعاني من النقص، لا سيما المدارس التي باتت تضم مئات آلاف النازحين.
وتفرض سلطات الاحتلال حصارا خانقا على قطاع غزة، فيما تمنع أي مساعدات إنسانية وطبية وكذا الوقود والمواد البترولية من الدخول للقطاع باستثناء التي عبرت اليوم عبر معبر رفح بجهود دولية حثيثة.