ليس من ينكر أن «الرقمنة» حققت طفرات غاية في الأهمية ببلادنا، فقد رفعت الغبن عن الناس، وأعفتهم من طوابير كانوا يقضون فيها الساعات الطوال من أجل تخليص حاجة لا تساوي قيمة ربع دقيقة من الوقت المهدر عليها.
لنا في «الدّاخلية» و»التعليم العالي» و»التربية» و»سونلغاز» و»سيال» ومتعاملي الهاتف النقال، وحتى التّجار الخواص الذين أتقنوا التعامل الرقمي، خير نماذج عن الخطوة الجبارة التي تحققت للجزائر في حقل «الرقمنة».. غير أن هناك مؤسسات (يفترض أنها كبيرة) لا تزال تراوح مكانها، ولم تتمكن من مسايرة مناهج العمل الجديدة، وهذه – بصراحة – تعطل مسار البناء كاملا (بقصد أو بغير قصد)..
ولقد لاحظنا أن هناك مؤسسات سارعت إلى الإعلان عن تقديم خدمات رقمية (راقية)، غير أن جهودها (المباركة جدّا جدّا) بقيت وقْفًا على الإعلان، ولم يتحقق منها شيء على أرض الواقع، وظلت المؤسسات إياها تتذرع بالحجج المعتادة، مثل تلك التي اشتهرت بـ(الريزو ما كانش)، أو تلك المضحكة التي صارت تسمى (سرقولنا الماشينة)، مع أن (الماشينة) توزع بالمجّان، ولا يفكر في سرقتها إنس ولا جان..
أما آخر المبتكرات في حقل (الرقمنة)، فقد جاءت بها مؤسسة عظيمة الجانب، مهابة المقام، وهذه تتخيّر من زبائنها أولئك الذين يدفعون مستحقات «الإيجار» عبر أنترنيت، فتخلط عليهم فاتورة شهر مضى، بفاتورة شهر آت، وتتنزّل عليهم بـ(حسابات خيالية)، فيضطرون إلى تقديم الأدلة والشواهد والمراجع، ولا يتلقّون في الأخير سوى جملة لطيفة مشفوعة بابتسامة.. (خلّطوهالنا بهذا الأنترنيت).. ولا تلبث إلا قليلا، ثم تختلط في الشهر الموالي بنفس الشّكل، لتكون الخلاصة بـ(نصيحة ذهبية) مفادها: «الأفضل.. تجنّب الدفع الرّقمي»..
السؤال الآن.. لماذا لا يكون الأفضلُ.. تجنّب العاجزين؟!