أولت دور نشر وطنية في معرض الكتاب في طبعته الـ 26 “سيلا 2023″، إهتماما بالذاكرة الوطنية، من خلال كتب نشرتها، تماشيا مع سياسة الدولة عن صون التاريخ الوطني وترسيخه لدى الأجيال.
اقتربت “الشعب أونلاين” من بعض دور النشر لمعرفة جديد النشر في الكتب التاريخية هذه السنة.
في هذا الصدد، كشف محند إسماعيل، مسير منشورات “الحبر”، ومسير مكتبة الأبيار العامة، عن أهم إصدارات المؤسسة في مجال الذاكرة تتمثل في كتب تاريخية، خاصة الكتب التي تتناول المرحلة الإستعمارية وثورة التحرير الوطني، ودراسات لباحثين. وترافق المؤسسة في بعض الأحيان الجامعيين كما تنشر كتبا أدبية.
وأشار إسماعيل الى ان منشورات الحبر تأسست في 16 أفريل 2006، المصادف ليوم العلم. وتُصدر منشورات الحبر حوالي عشر عناوين في السنة، تتنوع بين الروايات والكتب التاريخية.
“هذا هو خط نشر المؤسسة” مثلما يقول المتحدث، الذي يضيف ان اغلبية الكتب التاريخية تتناول شهادات مجاهدين وكتب لمؤرخين عن المرحلة الإستعمارية وثورة التحرير.
وأشار محدثنا إلى أن بعض الكتب التي تعنى بالذاكرة التاريخية للجزائر لم تكن متوفرة في الجزائر، وقامت منشورات “الحبر” بشراء حقوق التأليف وأعادت طبعها، وكشف عن أهم الكتب المنشورة هذه السنة، وهي كتاب “قصة شهيد وابن شهيد”، للأستاذ مجيد عمراني، من جامعة باتنة، والكتاب عبارة عن شهادة أستاذ جامعي يحكي فيها عن نفسه كإبن شهيد، ويحكي عن والده كشهيد وعن العائلة كلها.
وهناك كتب حول التعذيب، وكتاب لمحمد شايب، عنوانه “جهادي في حرب التحرير الجزائرية” يروي مساره الثوري من 1955 الى 1962، هو مجاهد من الولاية الثالثة كان ضابط في جيش التحرير الوطني، هذا الكتاب نشر باللغة الفرنسية وترجم هذه السنة إلى اللغة العربية.
وكتاب آخر للأستاذ أرزقي فراد، بعنوان “أطفال ثورة نوفمبر يتذكرون”، تضمن الكتاب 24 شهادة لأبناء الشهداء يحكون طفولتهم أثناء الثورة التحريرية، والأشخاص الذين نقل الكاتب شهادتهم أشخاص معروفين حاليا فيهم أساتذة جامعيين نجحوا في حياتهم. الكتاب طبع بدعم من وزارة المجاهدين.
وأشار مسير منشورات “الحبر” إلى ان وزارة المجاهدين طلبت منهم إعادة طبع كتاب لمؤرخ بيار دي ناكي “التعذيب في الجمهورية من 1954-1962،” وكتاب آخر هو شهادة حية للمجاهد محمد دباح، يتناول تأسيس وزارة التسليح والعلاقات العامة “مالغ”، يروي فيه مساره الثوري في سلاح الإشارة، وكتاب آخر بعنوان “خمسون مفتاحا للخمسينية” لعبد المجيد مرداسي، رحمه الله، ترجم الى العربية، وكتاب لكريم يونس بعنوان “60 سنة من الاستقلال، 1962-2022، التاريخ الحكم السياسي والاقتصادي”، إضافة إلى طبع أعمال فرانس فانون، تخليدا لذكراه ودعمه للثورة الجزائرية.
وأضاف محند إسماعيل أن منشورات الحبر تتوفر على ستون عنوانا من الكتب الخاصة بالذاكرة في السنوات السابقة، وأشار إلى أن هناك نوع من التعطش على كتاب الذاكرة والتاريخ وفيه إقبال مستمر، حيث أصبح الجزائري يبحث عن الحقيقة من خلال الكتابات وشهادات حية من مجاهدين ومن عايشوا الفترة الإستعمارية، وهناك مؤرخين شباب يبحثون في هذا الجانب.
واستطرد قائلا إن الإقبال هذه السنة متوسط في الأيام الأولى للمعرض، وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية كشف محدثنا، عن إصدار كتاب للمؤرخ عمار بلخوجة، حول جرائم إسرائيل في فلسطين دير ياسين بغزة نموذجا، هذا الكتاب طبع منذ ثلاث سنوات.
أكدت نعيمة بوجودي، مسؤولة دار النشر “الكلمة” أنهم شاركوا في هذه الطبعة بعمل كبير ومهم جدا هو الجريدة الشخصية لجون سيناك، 1942-1973، على مدة 31 سنة من حياته، في الذكرى الـ50 من وفاته، وهذه الطبعة بالشراكة مع دار النشر Le seuil.
وأضافت ان هذه السنة منشورات الكلمة، تحدثت عن الثورة من خلال الثقافة وكتاب جون سيناك، لأنه كان مناضل ويسمي نفسه يحيي الوهراني، وكان من أوائل المفكرين والمثقفين الجزائريين من أصل أوروبي وقفوا مع استقلال الجزائر، وكان ثوريا يحب الجزائر ويسأل ماذا يفعل ليصبح جزائريا.
وأشارت إلى أن سيناك، بغض النظر عن نضاله ودفاعه عن الجزائر فقط، كان مثقفا وشاعرا من الطراز العالي لا يضاهيه أحد. شعره يتناول الثورة والحياة بحكم ان حياته كانت مأساوية.
ودعت مسؤولة دار النشر الكلمة إلى قراءة كتابه الذي فاق 800 صفحة، ومهم للباحثين والمهتمين بالتاريخ.
وكشفت محدثتنا عن إصدارات جديدة تتمثل في سلسلة سميت “أطياف” بإشراف المترجم حكيم ميلود، وهي عبارة عن نصوص قصيرة لمبدعين وفنانين رحلوا عن هذا العالم من الجزائر والمغرب العربي.
وقالت إن هذه السلسلة الجديدة هي أحسن طريقة للإحتفاء وتخليد حضورهم وتعريف الأجيال الجديدة بإبداعهم وترسيخ أثرهم وحماية أعمالهم من النسيان.
وأشارت إلى أن هذه المبادرة تندرج في المسعى الذي ينتصر لعمل الذاكرة، حيث تقدم هذه الأعمال بمقدمات توضيحية من طرف نقاد معروفين جدا.
في هذا السياق، أصدرت منشورات الكلمة، نصا مهما جدا للأديبة الكبيرة الراحلة سمينة مشاكرة، ترجمته
لميس سعيدي، وكتاب آخر تخليد للتراث الجزائري حول الكسكس الجزائري، الذي صنف كتراث لامادي من طرف اليونسكو، إضافة إلى ترجمة الأعمال الشعرية الكاملة لمحمد ديب، وهو عمل جيد.
وبالنسبة لإقبال الزوار، قالت مسؤولة دار النشر الكلمة ان الزوار يقبلون على كتب لها علاقة بالذاكرة، لأن المؤسسة تتوفر على مذكرات وشهادات للمجاهدة يمينة شراد، التي كانت من أوائل الممرضات التي إلتحقت بصفوف جيش التحرير الوطني في الولاية التاريخية الثانية، وكتاب لفليكس كولوزي، صديق الثورة الجزائرية، الذي عذب في السجون الفرنسية مدة ست سنوات، و فيرنوند إيفتون أول أوروبي أعدم بالمقصلة.
واقتنت منشورات الكلمة حقوق طبع كتاب حول فيلا سوزيني، وهي شهادة في غاية الأهمية حول ما كان يجري فيها من تعذيب في شدة القسوة من طرف المنظمة السرية للجيش الفرنسي “أوآس” بين 1960 و1962، انري كيو، كان شاهدا وكتب شهادة حية.
وهناك كتب عمار بلخوجة، تتحدث على مجازر 8 ماي 1945، ومأساة الجزائريين والفقر والتعذيب والتهجير إبان الاحتلال الفرنسي خاصة سنوات الثورة، ورغم ذلك قاموا بإيواء المجاهدين وتوفير الأكل والقليل من يتكلم عن هذه الفترة، مثلما قالت المتحدثة.
وكشفت محدثتنا عن إصدار كتاب للمؤرخ عمار بلخوجة، حول فلسطين وجرائم الإبادة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني ضد أشقاءنا في فلسطين.
وأصدرت منشورات الكلمة أيضا كتابا حول إفريقيا، لجايدي امادوأيمان، ودافيد ديوب، هذا الأخير ترجم عمله “شقيق الروح”، المؤلف الأول ل
لكاتبة جايدي أمادو، حول وضعية المرأة الأفريقية والزواج المبكر، ودافيد ديوب، تحدث عن قصة القناصين الذين يؤخذون إلى إفريقيا للمشاركة في حرب هم غير معنيين بها، وهم صديقين في زمن الحرب.
حسان غراب: الذاكرة الوطنية تحتل حصة الأسد في “آنيب”
أكد حسان غراب، مستشار بمديرية النشر بالمؤسسة الوطنية للنشر والإشهار والإتصال، Anep، أن التاريخ والذاكرة الوطنية تحتل حصة الأسد لدى المؤسسة منذ تأسيس هذه الأخيرة.
وكشف في هذا الصدد إصدارين جديدين يتعلقان بالتاريخ، في الطبعة الـ26 لسيلا 2023، وفاءا لسياسة المؤسسة في تثمين الذاكرة الوطنية.
يتحدث الكتاب الأول عن السينما الثورية، أي صورة الثائر والمجاهد في السينما يتذكر الكتاب المخرجين، الذين ناضلوا من أجل القضية الجزائرية، للمؤلف عبد الكريم تزاغوت.
وفي هذا الصدد، يقول غراب: “الكتاب مهم جدا وأنصح باقتناءه، هناك الكثير من الجزائريين يجهلون دور الفنانين والمخرجين مثل شندرالي وروني فوتيه، يتذكرون فقط الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، يغفلون دور هؤلاء المخرجين البارز في الثورة”.
في حين يتناول المؤلف الثاني دور الدبلوماسية الجزائرية أثناء الثورة في التعريف بالقضية الجزائرية، والأشخاص الذين كانوا يعملون في الخفاء قبل الثورة لإيصال معاناة الجزائريين إلى مؤتمر باندونغ، والأمم المتحدة، للمجاهد محمد طاهر أزقار، سفير سابق ودبلوماسي، بحكم أنه عايش تلك المرحلة وكانت له علاقات مع بعض المناضلين، وهو كتاب أيضا جدير بالقراءة.
وتسأل محدثنا، ما الجدوى من نشر كتاب إذا لم تكن هناك سياسة تستهدف المواطن وتجعله يقتني الكتاب ويطلع على فحواه خاصة فئة الشباب ونحن في عصر العولمة والتكنولوجيا، التي تغزو فيها شبكات التواصل الاجتماعي هواتفنا.
وقال: “الهدف هو قراءة الكتاب كي لا يبقى حبيس الرفوف المكتبية، كتاب نشر دون قراءة هو كتاب يتيم، علينا التفكير في كيفية إعادة بناء القراء، يجب التوجه نحو الجيل الجديد جيل فايسبوك وتويتر برقمنة الكتب وجلب الشباب لقراءته”.
وأضاف غراب أن أحسن طريقة لقراءة كتب التاريخ هو الرسم الكاريكاتوري لأحداث تاريخية وشخصيات ناضلت من أجل استقلال الجزائر كي يجلب القارئ، هذه سياسة كاملة يشارك فيها الجميع.
وبالنسبة للكتب، التي تشهد إقبالا من طرف الزوار، أشار مستشار بمديرية النشر بالمؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، إلى أن الزوار يقبلون على كتب في مجالات عديدة، وهناك من يأتي للإطلاع فقط، وهناك من يبحث عن كتاب محدد لإقتناءه، وهذا يخص فئة المثقفين والباحثين وبعد الطلبة، وهناك من يبحث عن كتب الطبخ او كتب الأطفال كل بحسب ميولاته.
وقال: “بالنسبة لنا هو كيفية استهداف الزوار، الذين يأتون للمشاهدة دون شراء الكتاب وتحفيزهم على قراءة الكتب المهمة المتعلقة بالتاريخ أو مجالات أخرى”.
وزارة المجاهدين أصدرت 150 عنوانا
شاركت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، في الطبعة السادسة والعشرون في المعرض الدولي للكتاب ممثلة في المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة اول نوفمبر 1954، والمتحف الوطني للمجاهد، حيث ضم جناح الوزارة مجموعة من الكتب تقدر بحوالي 150 عنوانا، هذا ما كشفته ممثلة عن المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، نصيرة برجم، لـ”الشعب أونلاين”.
وأضافت محدثتنا أن المواضيع التي تناولتها هذه الكتب نجد مواضيع خاصة بمذكرات مجاهدين مثل مذكرات المجاهد غزالة، ومذكرات سي عبد الحميد سيد علي، وغيرها، إضافة إلى دراسات أكاديمية تناولت تاريخ الجزائر من 1830 إلى 1962.
وأشارت إلى أن هناك إقبال كبير من القراء على جناح وزارة المجاهدين وذوي الحقوق.
طبعة خاصة للمكفوفين
وكشفت نصيرة برجم ان وزارة المجاهدين أعدت طبعة خاصة لسلسلة أمجاد الجزائر، للمكفوفين حتى يكون لهم نصيب للإطلاع على تاريخ
الجزائر والتعرف على الشخصيات والشهداء،الذين كان لهم دور في استقلال الجزائر.
وأشارت الى نشر سلسلة خاصة بمعالم الثورة وأهم المحطات التاريخية في التاريخ الوطني مثل مجازر 8 ماي 1945، إضراب الثامنة أيام، مظاهرات 11 ديسمبر1960، تأسيس الحكومة المؤقتة، حيث أعدت كتيبات صغيرة موجهة خاصة للأطفال أشرف على انجازها أساتذة مختصين في تاريخ الجزائر، وهم الدكتور لزهر بديدة، والدكتور قنديل.
من جهتها تحدثت اكلي بور سناء، عارضة في جناح الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، التي مقرها في فيلا عبد اللطيف، عن نشاطات الوكالة المتمثلة في الكتاب والتوثيق في الفنون البصرية والتراث والسينما والسمعي البصري، وفي الموسيقى والعروض الحية.
قالت سناء: “نحن موجودون في الصالون الدولي للكتاب من أجل التعريف بوكالتنا ونشاطاتها الدورية، هناك بعض الكتب التي تهتم بالفن المعاصر والتاريخ الجزائري للتعريف بهوية الجزائر،تنشط الوكالة داخل وخارج الجزائر للتعريف بالثقافة والهوية الجزائرية”.
وأضافت: “هناك مجلة دورية صادرة عن الوكالة بالتنسيق مع وزارة الثقافة، نهتم في كل عدد بتحليل ونقاش كاتب من كتاب الجزائر”.