يحل الفاتح من نوفمبر هذا العام، وأشقاؤنا في فلسطين المحتلة يعانون أشدّ العناء تحت قصف صهيوني جائر، أتى على الأخضر واليابس، ولم يُعفِ الأطفال ولا النّساء من نيران حقده الآثم، وسط صمت دولي مهين للقيم الإنسانية النبيلة، وتواطؤ مفضوح لقدماء الكولونياليين الذين أسسوا للعنصرية المقيتة، وبنوا ما يصفونه بـ(أمجادهم) على جماجم المقهورين من بني البشر..
يحلّ الفاتح من نوفمبر، ليستعيد المبادئ العليا للكرامة الإنسانية، ويستعيد شموخ أولئك الذين صبروا وصابروا، وناضلوا وكافحوا في سبيل إعلاء كلمة الحق، ولم يتردّدوا لحظة في مجابهة الموت بصدور عارية، ردّا لكيد المعتدين المتغطرسين، وكذلك يفعل اليوم أبناء فلسطين الأشاوس، وهم يقفون صفّا واحدا في وجه آلة الدمار الصهيونية، ليجعلوا من «طوفان الأقصى» نوفمبرا جديدا يعبّد الطريق نحو الخلاص من الاحتلال الصهيوني البائس، ويكون عنوانا صارخا على أن الحديد لا يفلحه إلا الحديد، فيحرّر الأقصى المبارك من أساطير الأفاكين الكاذبين..
إن ثورة التحرير الجزائرية المباركة، تأسست منذ بيان نوفمبر المجيد، على «الإخلاص للحق»، والإذعان لـ»العدل»، والإيمان بـ»السلام»، والاحترام الكامل لـ»القيم الإنسانية»؛ لهذا لم تنل منها الوحشية الفرنسية رغما عمّا انتهجت من تعذيب همجي، ومحارق مخزية، وتقتيل وتهجير وإبادات جماعية، واضطر المستعمر – في الأخير – للتسليم، والجلوس إلى طاولة التفاوض، ليجد الحق أقوى حجة وأعلى صوتا وأهدى سبيلا، فيذعن لمطالب الأحرار (مرغما لا بطلا)، وينسحب من الأراضي الجزائرية مذموما مدحورا..
إن ثقتنا في الأشقاء الفلسطينيين تتجدد ولا تتبدّد، ونعلم أنهم لا يجابهون الصهاينة فقط، وإنما يصدّون الكولونيالية العالمية كاملة، ويصوغون ملحمة كبرى فداء للإنسانية.. والنصر آت آت.. مهما طال الزمن..
ولا نامت أعين الجبناء..