يشرح المهندس في المعلوماتية الناشط فريد فرحاتي ومدير مركز العقل الجميل للدراسات والاستشارات بخنشلة لـ “الشعب أونلاين”خلفيات الحرب الرقمية ضد الفلسطينيين وتحيز مواقع التواصل الاجتماعي وكيفية التعامل معها.
“الشعب أونلاين”: ما دور مواقع التواصل الاجتماعي ميديا في الحروب الحديثة، ومدى تأثيرها على الرأي العالمي اتجاه ما يرتكب من جرائم إبادة وتقتيل للفلسطينيين؟
فريد فرحاتي: بداية، نترحم على شهدائنا في فلسطين، وفي غزة تحديدا، وندعو الله أن يشفي مرضاهم ويربط على قلوبهم وينصرهم نصرا عزيزا.
بشكل عام، نحن نعلم أن وسائل التواصل الاجتماعي أنشئت في الأصل لتشكل مكانًا لتبادل وجهات النظر والمعلومات بحيث يتاح للجميع الفرصة للتعبير والاستماع، وإذا لم تكن محايدة، يمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي على التواصل والفهم المشترك.
تواطؤ “السوشال ميديا” مفضوح ويسعى إلى تقديم رأي عام زائف لصالح الكيان الصهيوني
إذا تدخلت منصات التواصل الاجتماعي لصالح طرف على حساب طرف آخر، بمنع الوصول إلى المعلومات والأخبار أو السماح بالمحتوى المضلِّل لنشر الإرباك، أو حضر وحذف حسابات تابعة أو موالية لطرف من أطراف الصراع لتعزيز الصوت الواحدة، فإنها تتحول من وسيلة تواصل مفتوحة ومحايدة إلى سلاح هام وفتاك في الحروب الحديثة.
كما تقوم به على سبيل المثال شركة “ميتا” المالكة لمنصتي فيسبوك وإنستغرام، وهذا ليس مجرد اتهام عاطفي، بل إن منظمة “هيومن رايتس ووتش” ذاتها قالت: “إن شركة فيسبوك أزالت وقمعت بشكل غير جائز محتوى نشره فلسطينيون ومناصروهم، يتضمن الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الأعمال العدائية في شهر ماي 2021 الأمر الذي بررته شركة فيسبوك بوجود “خطأ ما”، وستسعى إلى إصلاحه!
لكن الأمر أصبح مفضوحا بعد اندلاع عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي، أين تحولت شركة “ميتا” إلى طرف في الصراع موال للكيان الصهيوني بشكل فاضح، وأصبح مجرد إدراج كلمة فلسطين يعرض المنشور أو الصورة مباشرة للحذف أو معاقبة الناشر بالحضر المؤقت أو النهائي.
وذلك من شأنه تسويق صورة واحدة عن الصراع، وهي صورة يسوقها الكيان من أجل التأثير في الرأي العام العالمي أو صناعة رأي عام زائف ومنحاز، والذي يؤثر إلى حد كبير على الشعوب والحكومات وصناع القرار عبر العالم.
ويجعل المحتل ضحية، والمقاوم معتديا أو “إرهابيا”، كما كان يقال على المجاهدين في ثورة التحرير في بلادنا وذلك ما يسمى بـ”القمع الرقمي” للرأي المخالف.
ماذا عن خلفيات تواطؤ شركات عالمية بمواقع التواصل الاجتماعي، مع الكيان الصهيوني وهل هناك لوبي يتحكم في تسييرها وتوجهاتها ؟
لم يعد تواطؤ شركات شبكات التواصل الكبرى في العالم مع الكيان أمرا مخفيا، بصرف النظر عن ديانات أو معتقدات مالكي ومسيري هذه الشركات، فهذه الشبكات كما قلنا انتقلت إلى مستوى جديد في دعمها للكيان، حتى تحولت إلى سلاح رقمي فتاك.
وفي الواقع تم توثيق هذه الانتهاكات للحقوق الرقمية والتواطؤ السافر مع الاحتلال في أكثر من مناسبة، كما حدث -على سبيل المثال لا الحصر- مع مجموعة من الصحفيين الأستراليين الذين وقعوا رسالة مفتوحة في 14 ماي يدعون فيها وسائل الإعلام إلى “القيام بتغطية أفضل” للصراع بين الكيان الصهيوتي والفلسطينين من خلال تضمين وجهات النظر الفلسطينية في التغطية والامتناع عن “التحيز الذي يساوي بين ضحايا الاحتلال العسكري والمحرضين عليه”، حيث تعرض الصحفيون لضغوط وتهديدات، ومنهم من أقدموا على استقالات جماعية.
وقد أكد الصحفي أنتوني لوينشتاين، وهو صحفي أسترالي يهودي أن وسائل الإعلام عموما ووسائل التواصل الاجتماعي خاصة، تخضع لسيطرة كاملة للوبي الصهيوني، حيث يتعرض الناشرون والعاملون من غير اليهود إلى ضغوط كبيرة إذا ما تعلق الأمر ولو بالحياد في موضوع جرائم الاحتلال.
وكما أشرنا إليه سابقا، فإن منظمة “هيومن رايتس ووتش” نفسها وثقت تلك الانتهاكات، ونرى حاليا كثيرا من حملات الاحتجاج ضد منصات التواصل الاجتماعي بسبب انخراطها الفاضح في الحرب الرقمية لصالح الاحتلال.
ثم إن كل مستخدم عادي لوسائل التواصل الاجتماعي يمكنه أن يلمس هذا التواطؤ بنفسه، بمجرد محاولة نشر شيء عن فلسطين، نصا كان أو أي وسائط رقمية أخرى.
لذلك، فإن اللوبي الصهيوني لا يتمثل في إتباع الديانة اليهودية تحديدا، بل هو شبكة مصالح وعلاقات معقدة، وإيديولوجيات مطابقة للطرح الصهيوني.
الحرب الرقمية أضحت ضرورة
كيف لمسلمي العالم والشعوب المتضامنة مع القضايا العادلة أن يفرضوا وجودهم ويبرزون آراءهم عبر هذه الشبكات ما دامت حتمية اتصالية تلازم كافة أرجاء المعمورة وتتصف بتأثيرها البالغ في الشعوب والقرارات؟
نحن نعيش عصرا رقميا بامتياز، وبما أننا نتحدث عن الحقوق الرقمية، فمن الطبيعي أن يواجه الاعتداء عليها بمقاومة رقمية أيضا، أعتقد أنه يجب على كل فرد يمكنه الوصول إلى الإنترنت أن يشارك في دعم القضية الفلسطينية ولا يحتقر تلك الكلمات البسيطة والصور والفيديوهات التي ينشرها ويشاركها، فلو لم تكن ذات أهمية وتأثير، ما كانت شبكات التواصل المنحازة تبذل كل ذلك الجهد الذي يكلف كثيرا من الوقت والجهد والمال للتضييق عليها وحذفها.
كما يجب ربط الفعاليات الرقمية بفعاليات على أرض الواقع من خلال مختلف النشاطات المدنية والإعلامية، تعزيزا للتأثير على صناع القرار عبر العالم، وذلك أضعف الإيمان.
بصفتك خبيرا في المجال، ما نصائحك من الناحية التقنية لاستعمال هذه الفضاءات الافتراضية لكل من يريد التضامن مع الشعب الفلسطيني في هذه المحنة ولا يملك سوى فضاء افتراضي متحايل للتعبير عن مواقفه؟
بالطبع، يمكننا تقديم بعض النصائح التقنية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بفعالية وذكاء للتعبير عن الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني والغزاويين في هذه المحنة، سواء كنت مسلمًا أو عربيًا أو من أي دولة أخرى كالتالي:
1- استخدم وسائل التواصل الاجتماعي بحذر: تحقق من مصداقية المعلومات قبل مشاركتها والتأكد من أنها تأتي من مصادر موثوقة.
2- استخدم الوسوم (Hashtags) المناسبة: استخدم وسم (هاشتاغ) ذو صلة مثل #FreePalestine أو #GazaSolidarity لتكوين جزء من المحادثة العالمية حول هذا الموضوع وابحث عن الوسوم الأكثر تداولا واستعملها.
3- شارك الأخبار والأحداث الهامة: شارك الأخبار والتطورات الجارية في فلسطين وغزة على منصات التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي.
4- قم بمشاركة المعلومات والموارد: قدم معلومات وموارد تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، مثل مقالات وأشرطة فيديو وتقارير.
5- قم بتوجيه المزيد من الانتباه إلى القضية من خلال اختيار التوقيت الجيد ومشاركة المحتوى بانتظام، يمكنك زيادة الوعي بشكل فعال.
6- قم بالتواصل مع المنظمات غير الحكومية والجهات المعنية: تواصل مع المنظمات غير الحكومية والمجموعات المحلية والدولية التي تعمل على دعم القضية الفلسطينية.
7 -عرّف بالقضية: تعاون مع أصدقائك وشبكتك على وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي والتضامن، وانشر عن تاريخ فلسطين، وثقافتها وتقاليدها، انشر كل ما يوثق الحق الفلسطيني التاريخي، وعكس ذلك مما ينفي الادعاءات الصهيونية ويكشف زيفها وكذبها.
8- ابق على اتصال مع المصادر الإخبارية الموثوقة: تابع الأخبار والمستجدات من مصادر إخبارية موثوقة للبقاء على اطلاع دائم.
باستخدام هذه النصائح بذكاء، أعتقد أنه يمكن للأفراد أن يكونوا جزءًا فعّالا من جهود التضامن مع الشعب الفلسطيني والغزاويين وزيادة الوعي حول القضية الفلسطينية.