يرى الخبراء في مجال القانون بالجزائر، أن المجلس الأعلى للقضاء، باعتباره الهرم الأعلى في السلطة القضائية، تنتظره تحديّات كبيرة، مع القفزة النوعية في مجال القوانين المستحدثة لمكافحة الجريمة بكل أنواعها، والتي تشكل حصنا منيعا لحماية المواطن والأمن العام، في انتظار تعزيزها بقوانين تستكمل التعديلات الخاصة بمطابقة منظومة قوانين الجمهورية مع أحكام الدستور الجديد.
تعزيز المنظومة التشريعية بمطابقة كل القوانين مع أحكام الدستور الجديد
أوضح أستاذ القانون الدستوري بجامعة قسنطينةـ01 والمحامي المعتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة البروفيسور نذير عميرش، أن ما يحدث من تعديلات ضمن منظومة قوانين الجمهورية هو تكريس حقيقي للدستور الجديد، مشيرا إلى أنّ هذا الدستور جاء بعدّة أحكام بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون، لاسيما فيما يتعلق بالخدمة العمومية للمواطن.
وأشار محدثنا، إلى أن هذه الأحكام تتعلق بمستوى الخدمة العمومية من قبل الإدارة العمومية والتي تندرج ضمن المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، من حياد الإدارة ومرونتها في التعامل مع الطلبات والتماسات المواطنين وغيرها من الأحكام، بالإضافة إلى المجال المتعلق بالحقوق والحريّات.
يرى أستاذ القانون نذير عميرش، أنّ العديد من هذه الأحكام رسخت لحقوق أساسية وحريّات جديدة لها صلة بالمواطنين وبالعمل الإداري، وقال: “عندما نتحدث عن العمل الإداري، فنحن نعلم أنّه حتى على مستوى تنظيم السلطات العامة في الدولة، ومن ضمنها السلطة القضائية، النيابة العامة تقوم بعديد الأعمال الإدارية وهي تعمل تحت سلطة وزير العدل حافظ الأختام، من هذه الزاوية، هناك العديد من
التحديّات التي تنتظر النيابة العامة على مستوى العمل الإداري داخل السلطة القضائية”.
وقال محدثنا، إن معالجة الملفات المطروحة أمام القضاء، ستكون أكثر فعّالية وسلاسة، خاصّة فيما يتعلق برقمنة التعاملات القضائية، سواء فيما يتعلق بالجلسات المدنية والإدارية، أو على عملية استخراج الأحكام القضائية والسوابق العدلية وكل التعاملات مع مرفق العدالة.
وفيما يخص التعديلات التي طرأت على المجلس الأعلى للقضاء، قال عميرش إننا ننتظر أن تجسّد هذه التعديلات. وأوضح، أن هناك عمل تنسيقي كبير ينتظر كل الجهات المتدخلة أمام القضاء، لاسيما بين المجلس الأعلى للقضاء والمفتشية العامة لوزارة العدل، ومع نقابة القضاة والاتحاد الوطني لمنظمات المحامين باعتبارهم أعوان القضاء، ومع الغرف الوطنية للمحضرين القضائيين والموثقين، ومع كل هؤلاء ننتظر تنسيقا أكبر وهو ما يندرج في خدمة المواطن والمتقاضي وكل من يتعامل مع القضاء”.
في السياق، قال محدثنا: “شهدنا خلال السنوات الأخيرة عدّة مشاريع قوانين بادرت بها الحكومة وتمت المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء والسلطة التشريعية وصدرت بالجريدة الرسمية، مثل القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، وقانون مكافحة جريمة المضاربة غير المشروعة وعدة قوانين سواء ذات الصلة بالنظام العام في مختلف صوره: الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامّة وحتى القوانين الأخرى ذات الصلة بالاقتصاد”.
وأشار عميرش، هذا رهان دخله القضاء، ولأول مرّة نجد أن السلطة القضائية متفاعلة مع التطور الحالي على مستوى حماية الاقتصاد الوطني من كل أشكال الفساد والرشوة والاحتكار والمضاربة غير المشروعة، وغيرها من الأعمال التي ألحقت ضررا بليغا بالاقتصاد الوطني.
وقال المحامي عميرش، “نحن نشهد بأن هناك عدّة قوانين صدرت بالجريدة الرسمية بمبادرة من رئيس الجمهورية، كما نتطلع إلى تكملة مسار التعديلات القانونية بصدور قوانين أخرى، من بينها قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية، والتي من المرتقب أن تستكمل التعديلات الخاصة بمطابقة منظومة قوانين الجمهورية مع أحكام الدستور الجديد قبل نهاية هذا العام”.
من جهته يرى المحامي بن تيفور، أن المجلس الأعلى القضاء هو بمثابة أعلى هرم في السلطة القضائية. وكما قال وزير العدل، فمن المنتظر من هذه الهيئة أن تعطي “دفعا جديدا لترقية الأداء القضائي، من خلال التوجيه والمرافقة والتصدي بحزم لمختلف التجاوزات والممارسات التي تسيئ إلى سمعة القضاء وهيبته”.
ويرى بن تيفور، أن المراد من المجلس الأعلى للقضاء، هو العمل أكثر على تهذيب الممارسات والالتزام بالواجبات التي تفرضها مكانة القاضي في المجتمع والتقيد بواجب التحفظ والحرص على احترام أخلاقيات المهنة، بما يليق ومقام القضاء في المجتمع، مثلما أشار إليه الوزير.