أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، إدريس عطية، أن قوة الطرح الجزائري المتعلق بالقضية الفلسطينية، يتجسد في تصريحات رئيس الجمهورية التي تعبر عن ثبات موقف الدولة في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة، وتبرز المكانة الكبيرة التي تحظى بها القضية الفلسطينية لدى الجزائريين حكومة وشعبا.
التضييق الإعلامي لم يمنع وصول صـوت المقاومة
الشعب: الجزائر تحافظ دائما على خطها الداعم للقضية الفلسطينية وتبقى في موقع الصدارة في تمسكها بالدفاع عن حق الشعب الفلسطيني.. كيف ترى موقف الجزائر الثابت تجاه القضية حكومة وشعبا؟
الأستاذ إدريس عطية: موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية واضح وثابت، خاصة مع ما يحدث من مجازر وانتهاكات ضد الإنسانية يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة. والدليل على ثبات مواقف الحكومة الجزائرية تجاه القضية الفلسطينية، تأكيد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، على التمسك بدعم نصرة فلسطين قولا وفعلا، ومطالبته بضرورة تحقيق العدالة الدولية التي تساهم في إعطاء متنفس جديد للتحرك على أعلى مستوى من أجل إنصاف القضية والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني الذي يعاني من أبشع الانتهاكات والجرائم التي دخلت شهرها الثاني في ظلّ صمت دولي رهيب.
كما أن مساندة الدولة الجزائرية لفلسطين والتمسك بدعم الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة، يبرز المكانة الكبيرة التي تحظى بها القضية الفلسطينية لدى الجزائريين حكومة وشعبا، ومواقف الجزائر المشرفة والخالدة دائما عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، حيث كانت وستظل وفيّة لمبادئها المنادية بالحرص على مضاعفة الجهود لحماية الشعب الفلسطيني من الانتهاكات الجسيمة للعدوان الصهيوني على فلسطين، ولن تتخلى عن القضية التي تعتبرها قضية مركزية والدليل على ذلك وقوفها القوي والثابت ضد كل محاولات جرها للتطبيع بل بقيت متمسكة بمبادئها في الدفاع عن عدالة القضية.
ما مدى أهمية ممارسة الضغط على الرأي العام الدولي من أجل إحقاق الحق الفلسطيني؟ هل سيكون لها تأثير في التخلص مما يجري من إرهاب صهيوني على فلسطين؟
إن الرأي العام الدولي بات يفهم قواعد اللعبة في غزة، والحقائق التي يسعى الإعلام الغربي الى إخفائها والترويج للكيان الصهيوني بأنه المظلوم ويعاني من كثير من المضايقات في منطقة الشرق الأوسط، لكن طوفان الأقصى ساهم في فضح جرائم الصهيونية، واستخدامها لأبشع أساليب العنف والإرهاب والانتهاكات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني.
ورغم محاولات التضييق الإعلامي والسيبراني والتعتيم على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الكيان الصهيوني فشل في إخفاء جرائمه في غزة التي تعدت الخطوط الحمراء، وبات مفضوحا أمام كل دول العالم والرأي العام الدولي، إلى جانب الصدمة التي تلقاها الكيان جراء عملية طوفان الأقصى المفاجئة، من حيث التوقيت والعمليات العسكرية التي قام بها الغزاويون. هو أيضا يعاني من صدمات أخرى على المستويين الإعلامي والدبلوماسي، مما يفسر ردة الفعل العنيفة لقوات الاحتلال الصهيوني والتحرك الصهيوني الأهوج على القطاع، واستهداف المدنيين العزل ومحاولة إفراغ غزة من إطارها الديمغرافي بضرب القوانين والأعراف الدولية عرض الحائط، وهو ما يعبر عن ضعف الكيان الصهيوني وعلى انتكاساته وفشله العسكري والاستخباراتي والإعلامي. كما أن الكيان الصهيوني يتحرك ضمن أطر غير منطقية وغير واقعية وأثبت أن أطروحة الدولة الآمنة للكيان الصهيوني زائفة ولا يمكن لها الصمود.
يمر أكثر من شهر على العدوان الصهيوني على غزة، أين هو القانون الدولي مما يحدث من مجازر وانتهاكات ضد الإنسانية وحقوق الإنسان في غزة؟
إن الحرب على غزة دخلت شهرها الثاني أمام تغييب كامل للهيئات الدولية، ودورها الفاعل في هذا الإطار، خاصة الهيئات المعنية بتطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، على رأسها المحكمة الجنائية، وهو ما يؤكد بأن شعارات حقوق الإنسان التي تنادي بها الدول الغربية مزيفة والغرض منها توظيفها لابتزاز دول الجنوب، ولممارسة أساليب القوة على الدول الضعيفة والمستضعفة، بما يتجاوز حقوق الإنسان، ويقدم الحقيقة والدليل على ما يحدث من انتهاكات جسيمة ضد الإنسانية في حق الشعب الفلسطيني.
تجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي أمام فرصة لإعطاء التصور السليم، خاصة عندما نقارن بين الدول التي تفرض هيمنتها على المنظومة الدولية، وبقية دول العالم، وكأنها أسست القانون الدولي لحماية الدول الغربية فقط، على حساب دول أخرى مستضعفة مثل فلسطين، التي يمارس في حقها الاحتلال الصهيوني أبشع الجرائم أمام مرأى العالم، بارتكاب حرب كاملة الأركان، وانتهاكات تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان، من خلال استخدام أسلحة محظورة دوليا كقنابل الفسفور التي يطلقها الاحتلال على غزة واستعمال القنابل الفراغية والتي تؤثر على صمود الفلسطينيين.
الكيـان الصهيوني يشهد انقساما داخليا كبيرا..
في ضوء المعطيات الجديدة والوضع الحالي في غزة، ما هي توقعاتكم؟ وهل ستساهم التحركات الدبلوماسية والضغط الممارس على الكيان الصهيوني في وقف إطلاق النار بغزة؟
في خضم الوضع الحالي في غزة، فإن المعطيات لا توحي أن هناك إنهاء وشيك للعدوان الصهيوني، وإنما يحاول ضرب البنية التحتية في غزة بطريقة غير مسبوقة، مع محاولة نتنياهو التهرب من مسؤوليته السياسية من عملية “طوفان الأقصى” واستعمال الضربات الجوية الصهيونية المكثفة، بديلا عن الاجتياح البري، خاصة في ضوء الانقسام الصهيوني نتيجة جغرافية غزة التي قد تتحول إلى مستنقع للجيش الصهيوني. ولكن كتائب عزالدين القسام قادرة على إرباك الكيان الصهيوني وخلط حساباته، باعتبار أنه لا يجيد تسيير وإدارة حرب المدن، لاسيما شبكة الأنفاق في القطاع، وهي لا تزال غير مكشوفة للكيان.
وبالتالي فإن الكيان الصهيوني أمام سيناريو، خاصة وأن مؤشرات الشرخ على مستوى السياسي والعسكري قد تخضع الكيان الصهيوني وتجعله يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار وذلك يعود الى الانقسامات الداخلية في الكيان الصهيوني التي وصلت الى أشدها، خاصة في منطقة تل أبيب التي تشهد انقساما كبيرا في ظل إصرار حكومة نتنياهو على فرض إصلاحات قضائية ومع الإصرار السياسي على مواصلة العمليات العسكرية، مما أدى الى امتناع مئات الجنود والضباط والطيارين عن أداء خدمة الاحتياط اعتراضا على سياسته. في حين أن الكيان الصهيوني في سيناريو آخر يتعلق بالبجعة السوداء، قد يمس بعض المصالح الخاصة بحزب الله، مما يدفع الى تدخل الأطراف الداعمة لفلسطين وأن تتحول الى حرب إقليمية وتجد الولايات المتحدة الأمريكية مجبرة على الدفاع عن الكيان الصهيوني وحمايته، مما قد يؤدي إلى خلق حرب عالمية مصغرة في غزة تكون لها تداعيات دولية تسمح لكثير من الأطراف والدولية التحرك على نطاق أوسع.