أكد أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر محمد لحسن زغيدي، أن دعم الجزائر للقضية الفلسطينية تاريخي منذ الاستقلال إلى غاية يومنا هذا.
يتجسد التضامن اللامشروط مع فلسطين من خلال مواقف تاريخية بارزة تحسب للجزائر، على رأسها إعلان قيام دولة فلسطين من الجزائر في 15 نوفمبر 1988، الحدث الذي شكل منعطفا هاما في تاريخ القضية، مشيرا الى استمرار الدولة الجزائرية في التمسك بخطها الداعم والمساند لكفاح الشعب الفلسطيني قولا وفعلا.
قال الأستاذ في التاريخ بجامعة الجزائر في تصريح لـ “الشعب”، إن ذكرى إعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر، يعكس عمق العلاقات والروابط التاريخية التي تجمع البلدين والمكانة المميزة والهامة التي تحظى بها الجزائر بالنسبة لفلسطين، التي تعتبرها بلد الثوار والنضال ونموذجا لمواصلة الكفاح في سبيل الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية والثمن غير المسبوق الذي دفعه الشعب الجزائري من أجل نيل حريته.
وأضاف زغيدي، أن الجزائر في جميع مراحلها، قبل الاستقلال وبعده، كان وفاءها للقضية الفلسطينية ثابتاً وغير متغير، مذكرا بمشاركتها في جميع الحروب التي خاضتها فلسطين ضد الكيان الصهيوني المحتل منذ عشرينيات القرن الماضي، وبأنها واصلت في نفس النهج بعد استقلالها وكانت الدولة الوحيدة التي صرحت علنا بأن استقلالها يبقى ناقصا دون التحاق فلسطين بركب الدول المستقلة، التي جاءت في تصريحات رؤساء وقادة الجزائر منذ سنة 1962، مشيرا الى المقولة الخالدة للرئيس الراحل هواري بومدين “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.
وأفاد أستاذ التاريخ، أنه بالتزامن مع ثبات موقف الجزائر الداعم للقضية الفلسطينية ومساندة كفاح الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقه ونصرته في مختلف الظروف والأزمنة، فقد حافظت دائما على مبادئها في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة فلسطين التي تندرج في إطار سياستها الخارجية التي تستمد قيمتها ومبادئها من الثورة التحريرية المجيدة.
وقال في ذات السياق، إن التاريخ الفلسطيني سجل التزام الجزائر بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لفلسطين، وهو ما يجسد الثوابت الأساسية للدبلوماسية الجزائرية الموروثة عن مبادئ ثورة نوفمبر، انطلاقًا من رفضها التام لأي تدخل خارجي في الثورة، مع الحفاظ على استقلالها التام. مضيفا، أن الجزائر تعد الدولة الوحيدة التي كانت ولا تزال واقفة إلى جانب فلسطين قولا وفعلا وتدعم القضية دعما لامشروطا ولا محدودا.
وأوضح زغيدي، أن اختيار فلسطين، أرض الثوار، من أجل إعلان قيام دولتها في رحاب بلد الشهداء، يأتي انطلاقًا من تقديرها لدولة الجزائر والمكانة التي تحظى بها الثورة التحريرية العظيمة لدى القادة الفلسطينيين ومنظمة التحرير الفلسطينية، مشيرا إلى أن ذلك يعود للروابط المشتركة والمتشابهة في مقاومة عدو استيطاني عنصري، يعتبر نموذجا سيئا في الإجرام ضد الإنسانية ويعتبر الأرض المحتلة ملكا له ويعتمد أسلوب الإبادة الجماعية ولا يعرف للإنسانية معنى في ضرب المقاومة والثورة.
وفي حديثه عن ما تعيشه غزة من أحداث مأساوية جراء العدوان الصهيوني الغاشم، أفاد أستاذ التاريخ أنها صورة مصغرة ومتطابقة مع ما عرفته الجزائر خلال 132 سنة من حرق وتدمير ومحو القرى والمساكن من الجغرافيا نهائيا والإبادة الجماعية واستهداف الأطفال والنساء دون تمييز، مع استعمال كل وسائل الإبادة والإجرام من أسلحة جوية وبرية وبحرية والمليشيات وأسلحة محرمة دوليًا وارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الإنسانية أمام مرأى ومسمع العالم.