قال سفير دولة فلسطين لدى الجزائر فايز أبو عيطة – في حوار خص به “الشعب”، في الذكرى الخامسة والثلاثين لإعلان قيام دولة فلسطين، إن الجزائر كانت وما تزال الشريك الحقيقي للثورة الفلسطينية وصاحبة المواقف الراسخة تجاه القضية العادلة.
ثمّن أبو عيطة المواقف الشجاعة للرئيس تبون تجاه القضية المحورية للأمة العربية والإسلامية واصفا إياها بالخرجات التي شكلت دعما وإسنادا حقيقيا للشعب الفلسطيني الصامد أمام العدوان الغاشم خصوصا هذه الأيام.
الشّعب: في الـ15 نوفمبر 1988 بالجزائر العاصمة، أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات، إنشاء دولة فلسطين، وبعد خمس ثلاثين سنة ما يزال أحرار فلسطين والأحرار من كل دول العالم يكافحون من أجل القضية الفلسطينية، كل من مكانه وعلى مستوى نشاطه.. كيف ترون القضية الفلسطينية اليوم؟
السفير فايز محمد محمود أبو عيطة: الثورة الفلسطينية التي كانت بقيادة الزعيم الراحل ياسر عرفات في عام 1965، وقد عرفت محطات مهمّة، منها إعلان الاستقلال عام 1988 بالجزائر، وهي إحدى المحطات الرئيسية للثورة الفلسطينية، بل إحدى أهم الانجازات التي جاءت بعد نضال وتضحيات جسام من الشعب الفلسطيني، فجاء إعلان الاستقلال كخطوة على طريق الاستمرار في تحرير فلسطين، وتجسيد وترسيخ دولة فلسطين واقعا ملموسا على المستوى الجغرافي والمستوى السياسي، ولذلك، هذه المحطّة التي أعلن عنها الرئيس ياسر عرفات من خلال المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 في دورته التاسعة عشرة، عن قيام دولة فلسطين، وحظيت بأول اعتراف من دولة الجزائر.. كانت الجزائر أول دولة اعترفت بفلسطين بعد الإعلان من طرف الرئيس الراحل أبو عمار، وفي اليوم التالي، تم تحويل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر إلى سفارة دولة فلسطين، ومن ذلك التاريخ، وحتى اليوم، تحظى دولة فلسطين باعتراف كامل من الدولة الجزائرية باعتبارها سفارة لدولة مستقلة.. نحن نقدّر ونثمّن عاليا هذه المواقف الجزائرية مع فلسطين، وهذا التاريخ النضالي المشترك الذي جمع بين فلسطين والجزائر، وهو ما يدفعني لأن أقول إن الجزائر كانت شريكا حقيقيا للشهيد الراحل ياسر عرفات وللثورة الفلسطينية في مرحلة التحرّر وفي إنجاز الاعتراف بدولة فلسطين.
احتضنت الجزائر إعلان دولة فلسطين، وما تزال وفية لسياستها تجاه القضية الفلسطينية رغم حملات التطبيع والخذلان من البعض.. إلى أي مدى يشكل دعم الجزائر والدول الصديقة للقضية الفلسطينية سندا للشعب الفلسطيني؟
لا شك أنّ الجزائر كانت – مثلما ذكرت – شريكا لدولة فلسطين في مرحلة التحرر، وما زالت تقوم بهذا الدور الهّام، ولم تنفك عن دعم وإسناد القضية الفلسطينية، ويجب الإشارة هنا بوضوح إلى تصريحات السيد الرئيس عبد المجيد تبّون، ومواقفه الشجاعة التي شكلّت خلال الفترة الأخيرة دعما سياسيا كبيرا للقضية الفلسطينية، ففي الأمم المتحدّة، دعا الرئيس تبّون إلى عقد جمعية عامة استثنائية لهذه الهيئة الأممية لتحصيل الاعتراف الكامل بدولة فلسطين، وقبل أيام، من ولاية الجلفة، قال السيّد الرئيس تبّون إن الشعب الفلسطيني ليس إرهابيا، ولن يكون كذلك، وبعدها، وعلى هامش إعطائه إشارة انطلاق السنة القضائية بالجزائر، ومع حضور نوعي للحقوقيين وأهل القانون، دعا الرئيس تبّون هؤلاء وزملاءهم من شتى أقطار العالم لمقاضاة الاحتلال الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية، جرّاء جرائم الإبادة وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين، لذلك اسمح لي أن أثّمن وأحيّي المواقف الشجاعة للرئيس عبد المجيد تبّون التي شكلت دعما وإسنادا عمليا وحقيقيا للقضية الفلسطينية، لاسيما أثناء العدوان الغاشم على أهلنا وشعبنا في قطاع غزّة بشكل خاص وفلسطين بشكل عام.
الذكرى الخامسة والثلاثين لإعلان قيام الدولة الفلسطينية، تصادف هذا العام فلسطين وهي تشهد واحدة من أكبر المجازر التي عرفتها طيلة فترة الاحتلال، وهو ما يبيّن أن سياسة العدو لن تتغير رغم مرور الزمن..
شعبنا صامد على أرضه، ولكنه يتعرض لحرب إبادة جماعية، ونحن نسعى لحماية شعبنا من هذا العدوان الآثم حيث أن دولة الاحتلال تحولت إلى وحش بشري يلتهم أجساد الأطفال والنساء، وللأسف الشديد ترتكب هذه المجازر بدعم وغطاء من الولايات المتحدّة الأمريكية ومن ربيبتها بريطانيا، فهذا عدوان آثم على شعبنا، على أطفالنا، على نسائنا، وهو حصار ظالم طال كل نواحي الحياة، حيث تم قطع الماء والدواء والكهرباء والطعام والكساء وكل أشكال الحياة منعت وحرم منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، ورغم هذا الشعب الفلسطيني صامد إن شاء الله.
الوضع الصحي في غزّة صعب جدا وعدم السماح بدخول المساعدات يزيد الوضع سوءا هل هناك أي جديد لدخول المساعدات من معبر رفح؟
نسعى مع الأشقاء في جمهورية مصر العربية أن يضغطوا من أجل توصيل المساعدات التي تصل إلى مطار العريش، وجدير بالذكر أنه وصل عديد المساعدات لكن للأسف الشديد أقل بكثير ممّا يحتاجه الشعب الفلسطيني وتكاد لا تذكر أمام الاحتياجات الحقيقية للشعب الفلسطيني، لذلك نأمل من كل الدول الشقيقة أن تمارس ضغطها على الكيان الصهيوني الغاشم من أجل إدخال المساعدات.
الرئيس الفلسطينى محمود عباس، أكد أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض فلسطين، وأي حل مستقبلي يجب أن يتضمن الضفة الغربية والقطاع.. ما هي سياسة السلطة لضمان عدم تفريغ القطاع من أهله وتهجير أهلنا في غزة؟
الرئيس محمود عباس منذ اليوم الأول للعدوان، قال إن الشعب الفلسطيني موّحد وأن شعبنا يدافع عن نفسه وأن مقاومتنا مشروعة، ولن يسمح لهذا الاحتلال الغاشم بالاستفراد بقطاع غزّة، وأكد أن القطاع جزء لا يتجزأ من أرض فلسطين وأننا لا يمكن أن نقبل بأي حل بدون قطاع غزّة، وأن تكون غزّة ضمن حل شامل يستند إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.
التصعيد يزداد في الضفة الغربية وعدد الشهداء في ارتفاع متواصل منذ السابع أكتوبر وإحداث الليلة الماضية في طول كرم توحي بأن الاحتلال يمارس حملة إبادة لكل الشعب الفلسطيني ولا يفرق بين الشعب في الضفة أو في القطاع ..
شعبنا شعب واحد والاحتلال يعمل على توسيع حملاته الهمجية ضد الشعب الفلسطيني، وهنالك حرب على مخيم جنين وعلى مخيم بلاطة، ومدينة نابلس وعلى كل أنحاء الضفة الغربية، وعلى القدس وعلى الأسرى في سجون الاحتلال ولكن دولة فلسطين تعمل بكل جهد من أجل تجنيب شعبنا الفلسطيني كوارث هذا العدوان الآثم، ومحاولة التأثير من خلال العمل مع أصدقاء دولة فلسطين في العالم لوقف هذا العدوان الآثم على شعبنا، والأساس أن الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية اليوم في مواجهة مع هذا الاحتلال الغاشم دفاعا عن شعبنا ومقدرّاتنا.
ينتهج الاحتلال منذ بدء الحرب على غزة سياسة التنكيل والتعذيب بحق الأسرى بالسجون كما يشن حملة اعتقال واسعة وبطريقة هستيرية تدل على نفسية منهزم أمام القضية، وبلغت أزيد من 2500 معتقل منذ السابع أكتوبر، هل هناك تحرك على المستوى القانوني أو الدولي لإيقاف حملة الاعتقال العشوائي التي يعيشها أهلنا في فلسطين؟
نحن نتواصل مع كل الجهات ذات العلاقة، ومنذ أن بدأ العدوان الأخير على قطاع غزّة شنت إدارة السجون لدى الاحتلال الصهيوني هجمة غير مسبوقة على المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وهم يتعرضون لمجزرة حقيقية تنال منهم ومن كرامتهم ومن معيشتهم، ويعيشون في أصعب ظروف يمكن للعقل البشري أن يتصورها، ولذلك وصمة عار على هذا العالم أن يستمر في صمته وسكوته باتجاه ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
القضية الفلسطينية أخذت منحى آخر على مستوى الدعم الدولي وخاصة على مستوى الشعوب هل بهذا سيشكل محور ضغط على مجلس الأمن بإقرار حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة لدى هيئة الأمم المتحدة؟
نسأل الله أن تكون هذه الدماء الزكيّة التي تسيل من الشعب الفلسطيني وهذه التضحيات الجسام أن توقظ ضمير البشرية تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم تاريخي وأن يقف المجتمع الدولي وقفة مسؤولة باتجاه الاحتياجات الحقيقية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حاجته لإقامة دولة فلسطينية مستقلّة وعاصمتها القدس.