أوضح مدير الوكالة الوطنية للنفايات كريم ومان في حوار خص به “الشّعب”، أن تسيير وإدارة النفايات أصبح علما قائما بذاته وأن لا مجال اليوم للطرق التقليدية والاعتباطية في تسيير وإدارة النفايات، مشيرا إلى أن الوكالة ترافق الجماعات المحليّة في تسيير النفايات المنزلية، داعيا في نفس الوقت إلى تبنّي مقاربات ومخططات على الأمد المتوسط والبعيد لبلوغ الأهداف المرجوة في هذا المجال.
الحوار كاملا
يرى الكثير من المهتمّين بعالم الرسكلة وتثمين النفايات أن كمية النفايات المنتجة في الجزائر كبيرة، هل بالمكان إطلاعنا على آخر الإحصائيات المتعلقة بكمية النفايات التي ينتجها الفرد يوميا في الجزائر؟
شكرا على هذا السؤال وانتم تطرقتم لأهم مؤشر في موضوع إدارة النفايات، دعني أذكر الجميع أن الوكالة الوطنية للنفايات قامت بعمل كبير ميدانيا امتد لجل مناطق الوطن وهذا لاستخراج مؤشر كمية النفايات المنتجة في الجزائر، ومسّت المنطقة الشمالية والهضاب العليا وجنوبنا الكبير وعلى مدار الفصول الأربعة بهدف استخراج مؤشر يمثل معدّل إنتاج الفرد الجزائري للنفايات، كما أذكر أن العمل تم ولأول مرة وبخبرة جزائرية خالصة، وهو ما حدّد لنا معدل إنتاج بلغ 0.76 كلغ للفرد في اليوم، وهو رقم يختلف من منطقة إلى أخرى ومن نفصل إلى فصل.
كما أذكر أن هذا المعدل يدخل في ثقافة التخطيط في مجال تسيير النفايات، وهو ما يسمح لنا بوضع مخططات تسيير تتضمن نقل وجمع كما يوجد ما هو إعادة تدوير وهناك أيضا التخلص النهائي، لكن دعني أشير انه إذا أردنا التخطيط لتسيير النفايات في منطقة معينة ينبغي دراسة وتحديد حجم إنتاج الفرد محليّا.
كيف ترون هذه الكمية؟ هل هي كبيرة أم متوسطة، مقارنة بنمط الاستهلاك وحجم السكان والمؤشرات الدولية؟
مقارنة بالمؤشرات الدولية يبقى هذا المعدل متوسط، ولكن بعيد عن المعدلات التي كنا نستعملها من قبل وكل هذه المعدلات السابقة استخرجت من قبل هيئات أجنبية، واليوم لدينا دراسة محليّة سمحت لنا بالوقوف على المعدل الحقيقي لكمية إنتاج النفايات في الجزائر، فالأرقام السابقة كانت تشير إلى معدل 1كلغ للفرد في اليوم والفارق يظهر أكثر حينما يتم حساب المعدل الجماعي لإنتاج النفايات في أي منطقة في الوطن، كما يبقى هذا المعدل مهم ويدل على النشاط الاقتصادي الذي يميز كل منطقة.
بلغة الأرقام ما هي كمية النفايات المثمنة في الجزائر وكم تقدر قيمتها الاقتصادية؟
كذلك قامت الوكالة الوطنية للنفايات لأول مرة بهذا العمل في الجزائر واستغرق مدة إعداد هذه الإحصائيات سنة كاملة، وكان من الضروري القيام بالدراسة طيلة فصول السنة، وهو ما أتاح لنا الوصول إلى أن نسبة تثمين النفايات بالجزائر بلغ 9.83 في المئة من كمية النفايات التي تنتج، وهو رقم نسهر على متابعته لأنه يتغير من فصل الى فصل ومن سنة إلى سنة، كما سمح لنا بمعرفة نوعية النشاطات لإعادة استرجاع النفايات في الجزائر بالإضافة إلى مناصب الشغل التي يوفرها هذا النشاط، ووضع تخطيط على الأمدين المتوسط والبعيد لتسيير النفايات بالجزائر، وأشير إلى ان كمية النفايات المنتجة في الجزائر بلغت 12 مليون طن سنويا في عام 2022، كما نعمل حاليا على إعداد تقرير حول كمية إنتاج النفايات للعام الجاري والذي سيكون جاهزا بداية من السنة المقبلة، وبالنسبة للقيمة الاقتصادية حسب الدراسات المعدّة والتي زودني بها الزملاء في الوكالة فلقد بلغنا رقم 66 مليار دينار جزائري سنويا، وهو ما يعادل حركية النشاط في النسبة التي ذكرتها سلفا والتي بلغت 9.83 بالمئة من حجم النفايات المنتجة بالجزائر، ولكن إذا قارنتها مع القيمة السوقية لإجمالي ما يتم إنتاجه من نفايات في الجزائر والتي تعادل 250 مليار دينار سنويا يظهر لنا أننا لا نزال بعيدين عن الرقم المطلوب بالرغم من أن هذا يظهر انه فيه إمكانية كبيرة لجعل من النفايات مصدر لاقتصاد مهم.
عملية تسيير وتثمين النفايات المنزلية موكلة للبلديات، ما هو دورها في تثمين هذه النفايات؟ وكيف تساهم الوكالة في مرافقة البلديات لتسيير أنجع للنفايات؟
كل التشريعات في الجزائر تؤكد بأن مهمة إدارة النفايات المنزلية هي من صلاحية المجالس الشعبية البلدية، وفي هذا السياق وفي نفس القوانين أكدت أن الوكالة الوطنية للنفايات التي هي تابعة لوزارة البيئة هي المكلّفة رسميا لمرافقة الجماعات المحلية لتأطير الأداء بما يسمى إدارة النفايات المنزلية، في هذا الإطار أعطى المشرع الجزائري الوكالة صلاحيات في هذا الموضوع، وهي صلاحية مرافقة وتنفيذ المخططات، وعن كيف تكون هذه المرافقة دعني أشرح لك كيف أنها تبدأ من التخطيط لأننا لا يمكن تسيير أو إدارة النفايات دون نظرة أو وثيقة أو دراسة عن طريقة تسيير النفايات على أمد 10 سنوات على الأقل. وأضيف أن تسيير النفايات ليست بأمور ارتجالية فقد أصبحت علما قائما بحد ذاته يرتكز على جوانب علمية وتقنية وجوانب سوسيولوجية، حتى وضع الحاويات التي تجمع فيها النفايات يجب أن لا توضع بطريقة اعتباطية. كذلك البلدية مطالبة بوضع مقاربة لفرز النفايات وعملية الفرز ستسمح لها لإضفاء حركية على إدارة النفايات كما ستنشأ سوق محلي للنفايات المسترجعة.
ما هو دوركم كوكالة وطنية للنفايات في تشجيع الشباب نحو فرص الاستثمار في مجال تثمين النفايات؟
لا يمكن التكلم عن تسيير النفايات دون التطرق للجانب الاقتصادي والاجتماعي والجزائر تكلك عنصر كبير من فئة الشباب، ونحن كوكالة انخرطنا في التوجه العام للدولة الجزائرية، والذي ينبني اليوم على تحفيز الشباب على الاستثمار في كل الميادين، لذلك نعمل كثيرا مع الشباب من اجل إقناعهم بالفرص الكبيرة المتواجدة في عالم تسيير النفايات وحتى في التوجه نحو الشباب هناك توجه عام وتوجه خاص، فلدينا الشباب الجامعيين والمهتمين بالجانب العلمي والراغبين في إنشاء مؤسسات ناشئة في مجال تسيير وإدارة النفايات، كما نحاول أن نبرز لهؤلاء المشاكل التي نواجهها في مجال تسيير النفايات فرّبما تأتي أفكار من هؤلاء الشباب وحلول كذلك، ومن حل بسيط قد يصبح مؤسسة كبيرة، كما نبرز فرص الاستثمار والمجالات المتاحة للعمل في هذا الميدان، من خلال ورشات مرافقة ومعارض وصالونات، كما لاحظنا أن الإقبال على هذا المجال لدى الشباب يزداد من سنة إلى أخرى.
أحصت الوكالة حسب النظام الوطني المعلوماتي للنفايات ما يفوق 800 مؤسسة ناشطة في مجال الرسكلة والاسترجاع على المستوى الوطني، ما هي طبيعة نشاط هذه المؤسسات؟ وهل تساهم هذه المؤسسات حقيقة في تنمية الاقتصاد الوطني؟ وكيف ذلك؟
هناك جانب خفي في هذا الموضوع فهذه المؤسسات التي تملك سجل تجاري وتنشط بصفة رسمية وقانونية، لكن هناك نشاط غير رسمي قوي جدّا في مجال تسيير وإدارة النفايات، والدور المنوط منا كوكالة هو إيجاد الآليات والميكانيزمات لجعل من هذا الجانب الخفي يظهر ويشارك فعلا في الاقتصاد الوطني بطريقة أفضل وأنجع، لذا من الضروري أن كل هذه النشاطات تكون ظاهرة. وبالنسبة لرقم 800 مؤسسة نستطيع القول انه متوسط ويبيّن أن هناك رغبة في العمل والاستثمار في هذا المجال وإذا قمنا بوضع الآليات الضرورية فبالإمكان أن يرتفع هذا الرقم، والأهم من ذلك تكون لدينا أهداف على الأمد المتوسط والبعيد.
ما هو صنف النفايات الذي يستقطب المستثمرين أكثر ولماذا حسب رأيكم؟
مثلما صرّحت لكم قبل قليل هناك نشاطات ظاهرة وهناك نشاطات خفيّة، كما أن هناك قاسم مشترك بينهما وهي النفايات التي تتعلق بالمعادن والنفايات البلاستيكية، لكن هناك نفايات أخرى تنشط أكثر فأكثر بالنسبة للجانب غير الرسمي مثل إعادة تدوير البطاريات المستعملة للمركبات، كما أنها تعد نفايات خطيرة لذلك الحكومة تقوم بوضع الآليات الضرورية لاستقطاب هذا النشاط نحو النشاط الرسمي.
طوّرت الوكالة الوطنية للنفايات آليات رقمية لتشجيع فرص الاستثمار، ماذا عن هذه الآليات الرقمية؟ وكيف تساهم في دعم المستثمرين؟
الرقمنة أصبحت من الضروريات ولا يمكن التكلم عن التسيير إذا لم يكن هنالك وسائل وقاعدة أساسية للرقمنة، كما لا يمكن التكلم عن الشفافية في التسيير إذا لم تكن هناك أيضا آليات للرقمنة، وكوكالة وطنية للنفايات أنشانا العديد من الآليات منها النظام الوطني المعلوماتي للنفايات، وهو نظام رقمي وكل الفاعلين لما يقوموا بإدخال المعطيات تظهر لهم أوتوماتيكيا مؤشرات وفي أي مكان بالجزائر تستطيع الوصول لمعلومة محيّنة ودقيقة.
كذلك في إطار مرافقة الجماعات المحلّية قمنا بوضع تطبيق “نظيف” وهو تطبيق رقمي بإمكان المواطن أن يقوم بالتبليغ عن أي تجاوزات في مجال جمع النفايات، ونقوم بتوجيه هذه الشكوى للبلدية المعنية بمعالجة الشكوى التي تقدم بها المواطن.
بعد النجاح الذي عرفته الطبعة الأولى لأسبوع المقاولاتية الخضراء الذي نظمته الوكالة الوطنية للنفايات السنة الماضية بولاية سطيف، ستنظم الوكالة طبعة ثانية بولاية غرداية، ما جديد هذه الطبعة، وكيف تساهم هذه التظاهرة في خلق روح المقاولاتية لدى الطلبة الجامعيين وتشجيعهم للاستثمار في مجال تسيير النفايات؟
الغرض من هكذا نشاطات هو الترويج لموضوع النفايات لدى كل شرائح المجتمع، كما يدخل هذا النشاط في المقاولاتية لدى الجامعيين وأردنا خلق في المجتمع الجامعي روح التنافس حول موضوع إدارة النفايات، كما نرغب في وضع المشاكل التي تعاني منها الجزائر في مجال تسيير وإدارة النفايات من أجل فسح المجال للشباب الجامعي للتفاعل مع الموضوع، كما سيتقربون مستقبلا من البلديات أو المؤسسات المعنية بتسيير النفايات لطرح حلول لهذه المشاكل، والجديد بالنسبة لهذه الطبعة وضعنا تحديّين يتعلق الأول بالتحسيس والتوعية بوسائل الرقمنة والثاني يتعلق بتقديم حلول من الطرف الشباب الجامعي بالنسبة لمشاكل معيّنة لإدارة النفايات.
حسب تقييمكم هل يمكن اليوم الحديث عن سوق خاص بتثمين النفايات في الجزائر؟
أكيد أن هناك سوق والدليل على ذلك النسبة المئوية لتثمين النفايات التي ذكرناها في بداية الحوار والتي هي عبارة عن سوق، والنفايات التي يتم جمعها وفرزها تذهب نحو مؤسسات ناشطة في المجال بغض النظر عن طابعها الرسمي أو الموازي للسوق الرسمية، وهي كلها مكونات للسوق.
ما هي الآفاق المستقبلية المتعلقة بمجال الاستثمار في هذا القطاع الواعد؟
نحن نعمل في إطار أهداف مسطرة ونعمل على تنفيذ هذه الأهداف، ولكن لكي تكون الطريقة سليمة يجب أن نعمل بالتنسيق مع جميع الشركاء والفاعلين، لأنه لا يمكن أن تكون هناك أهداف خاصة إلاّ بالوكالة، لذلك ينبغي تضافر جهود عدة هيئات بما فيها الجامعة والدراسات السوسيولوجية والتقنية، كما ان للمواطن دور كبير في تحقيق هذه الأهداف.