يترقب جزائريون كثر ما تُسفر عنه حركية غير مسبوقة يُسجلها ملف استيراد وتصنيع المركبات بالجزائر، وأنظارهم مشدود إلى العلامات والأسعار المعلنة، وانعكاسها على سوق بلغ مستويات ارتفاع قياسية، في آخر سنوات..
عاد الحديث في أواساط الجزائريين بمنصات التواصل الاجتماعي، هذه الأيام، حول سوق المركبات، تزامنا مع إعلان علامات دخول السوق الجزائري، في الأسابيع الأخيرة.
وعرضت “اوتوليدر كومباني” الممثلة لعلامة “شيري”، قبل 3 أسابيع، مجموعة من المركبات وأسعار تسويقها، منها سيارة تيغو 2 بسعر 199 مليون، وإطلاق مصنعها بالجزائر.
علامة صينية أخرى ستتواجد في السوق الجزائرية قريبا، ويتعلق الأمر بـ علامة “جيلي”، من خلال شركة “صوديفام” الوكيل المعتمد للعلامة بالجزائر.
وكشف براهيمي صبري، المدير العام لـ “صوديفام” أن “جيلي” ستتواجد بالسوق الجزائري بـ 4 موديلات، تتصدرها سيارة GX3 pro ابتداء بسعر 197 مليون سنتيم.
إلى جانب تسويق موديلات أخرى مع بداية سنة 2024، في انتظار إطلاق مشروع مصنع للسيارات مع الشريك الصيني.
كما أعلنت علامة “أوبيل” من خلال مجمع حليل، رسميا، إطلاق 4 علامات، تسوق منها 3 أنواع بالسوق في نهاية سنة 2023، عبر شبكة بيع متكونة من 28 نقطة بيع موزعة على 21 ولاية.
وتشرع “أوبيل” في تسويق 4000 سيارة تنوي عرضها في السوق، قبل نهاية سنة 2023، ابتداء من 19 نوفمبر الجاري، تاريخ إطلاق عملية تلقي الطلبات، حسب تصريح مدير العلامة التجارية لـ “أوبيل” الجزائر، نسيم بوعزاوي.
أما فيما يخص الأسعار التي سيتم اقتراحها على الزبائن الجزائريين فهي تتراوح ما بين 3.944.000 دج و 4.849.000 دج.
قبل ذلك، كانت علامة “فيات الجزائر” سباقة في دخول السوق الجزائري، وفق دفتر الشروط الجديد، شهر مارس الماضي، حيث شرع مجمع “ستيلانتيس” في تسويق 6 موديلات من سيارات “فيات” الإيطالية في الجزائر.
ويرتقب أن ينطلق مصنع “فيات الجزائر”، في الإنتاج المحلي هذا الشهر، وفق ما أكده المدير العام للشركة حكيم بوظهرة، مؤخرا، في لقاء مع وزير الصناعة علي عون، الذي أكد على ضرورة إحترام الآجال المتفق عليها.
وحسب مسؤولي “فيات الجزائر” فاقت نسبة أشغال العلامة 95 بالمائة، اذ من المنتظر أن يكون الانطلاق الفعلي قبل نهاية الشهر الحالي.
38 متعاملا..
وبلغ عدد المتعاملين الحائزين على اعتماد نهائي لمزاولة نشاط وكلاء المركبات بمختلف أنواعها، 38 متعاملا، منهم 12 وكيلا مختصا في تسويق السيارات السياحية، وفق المدير المركزي بوزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني ورئيس الأمانة التقنية لمتابعة ملف المركبات، مقداد عقون.
وسجلت عملية دراسة الملفات، منذ صدور دفتر الشروط الجديد للمركبات، 300 ملف استثمار في هذا القطاع، تحصل 70 ملف من أصل 122 ملف مقبول على رخصة مسبقة لممارسة النشاط.
وهناك 24 علامة من أصل الـ 38 اعتماد نهائي، تحصلت على شهادة الاحترام من وزارة التجارة وترقية الصادرات، ما يُتيح استيراد حوالي 180 ألف وحدة قبل نهاية السنة الجارية.
إلى جانب ذلك، فتحت الجهات الوصية المجال أمام المواطنين لاستيراد السيارات، أقل من ثلاث سنوات بإمكاناتهم المالية ولحاجياتهم الخاصة، في قانون المالية لسنة 2023.
وتعول السلطات العليا في البلاد على تجسيد صناعة حقيقية للمركبات بنسبة إدماج محلي، لذلك يعتبر استيراد المركبات في الوقت الحالي، مرحلة أولية تسبق إطلاق مصانع بالجزائر لعلامات مختلفة، تساهم تحريك جوانب اقتصادية هامة.
ووفق متابعين لملف المركبات، هناك توجه نحو مقاربة مدروسة في معالجة ملف سجل تجاوزات أضرت باقتصاد البلاد في فترة سابقة، ما استدعى تجميد نشاط الاستيراد وتوقف مصانع التركيب.
وبعكس سنوات مضت، يُسجل سوق المركبات في الوقت الحالي خيارات متعددة، رغم العجز المسجل في العرض والطلب، بالنظر إلى تراكمات ما قبل صدور دفتر الشروط الجديد.
.. تراجع في الأسعار
ويتوقع كريم.ل، وهو ناشط في سوق المركبات المستعملة، أن تُساهم الخيارات المطروحة في السوق حاليا، بسد العجز المسجل وتراجع أسعار المركبات المستعملة تدريجيا.
“جنون” أسعار السيارات المستعلمة، حسب المتحدث، سيتأثر كثيرا بـ “بورصة” المركبات الجديدة في الأشهر المقبلة، تزامنا مع عمليات تموين السوق بمركبات لعلامات مختلفة.
وبغض النظر عن مستويات الأسعار المعلنة من قبل العلامات التي تتواجد في السوق حاليا، أو تلك التي تستعد للانطلاق في التسويق قريبا، يرى المصدر أنها أسعار تتأثر بمعادلة العرض والطلب والمنافسة الشديدة بين المتعاملين.
ويقول:” أتوقع أن يكون هناك تراجعا في أسعار سيارات جديدة، السنة المقبلة، بفعل ارتفاع العرض والمنافسة القوية بين العلامات.”
من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي نبيل جمعة، في تصريح لـ “الشعب أونلاين”، أن العجز المسجل في السوق بلغ نحو 400 ألف سيارة، ما تسبب في ارتفاع أسعار السيارات المستعملة إلى مستويات غير معقولة.
ويُشير المتحدث إلى أن “احتدام” التنافس بين المتعاملين سيصب في صالح المستهلك الجزائري الراغب في اقتناء سيارة جديدة بأسعار توافق تطلعاته.
مقاربة مدروسة
ويُجمع مهتمّون بالملف، على أن تجسيد هذه المقاربة في إعادة ترتيب ملف المركبات، على المدى القريب والمتوسط، تدريجيا، سيقضي على الندرة والمضاربة، وكبح ارتفاع الأسعار، ما يعزّز فرص اقتناء سيارات للجزائريين.
وتعد تحفيزات قانون الاستثمار الجديد – موازاة مع ما يشهده العالم من تحولات في سوق الطاقة وارتفاع تكاليف الإنتاج – من بين نقاط قوة الجزائر في التفاوض مع مصنعين عالميين وفق شروط تخدم اقتصاد البلاد، بحسب خبراء.
ولوج مصنعين كبار في عالم السيارات إلى السوق المحلي، وما يرافقه من استحداث سلاسل إنتاج وشركات مناولة في قطاع الغيار، يسمح برفع القدرة الإنتاجية للجزائر لسد الطلب الداخلي، وأيضا رفع تنافسية الجزائر في الأسواق الخارجية، وتعزيز موارد صادرات البلاد خارج قطاع المحروقات.
ويتيح تحسين مناخ الاستثمار بالجزائر فرص عديدة لاستقطاب استثمارات نوعية في تصنيع المركبات ونشاط المناولة في قطع الغيار، تتوافق والأهداف المسطرة.
وتولي الجزائر أهمية بالغة بنشاط المناولة في تصنيع المركبات، من خلال توسيع نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع المبتكرة، وهي مقاربة إستراتيجية تعتمدها الجزائر في آخر السنوات، تندرج ضمن المحاور الاقتصادية الكبرى لبرنامج رئيس الجمهورية ومساعي تطوير اقتصاد البلاد وتحريره.
نشاط المناولة
ورصدت “الشعب أونلاين”، خلال الصالون الدولي لقطع غيار السيارات وخدمات بعد البيع «اكيب أوتو»، المنظم شهر مارس الماضي بقصر المعارض (الجزائر العاصمة) بمشاركة مؤسسات من 10 دول، استعداد مستثمرين جزائريين لرفع تحدي تنويع وتجويد نشاط المناولة في صناعة المركبات.
واستعرض متعاملون قدرات توفير قطع غيار مصنعة محليا ذات جودة تعوض منتجات مستوردة وتنافسها في مقاييس الأداء والفعالية، بالشراكة مع مصنعين أجانب.
ويرتبط التحكم في تصنيع السيارات بالجزائر وبلوغ نسب إدماج محلي، وفق ما تضمنه دفتر شروط المركبات، بمدى تحكم نشاط المناولة في تصنيع قطع غيار وفق ما تفرضه العلامات المصنعة من شروط صارمة.
ومعلوم أن دفتر شروط تصنيع السيارات حدد تحقيق نسبة إدماج 10 إلى 20٪ بعد 4 سنوات من النشاط، و30٪ بعد 5 سنوات من النشاط.