أكد باحثون ومختصون في القانون الدولي، ان الابادة الجماعية كانت اختيار استيراتيجي لجيش الإحتلال الفرنسي، وهو ما يقوم به اليوم الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين.
أبرز باحثون في ندوة تاريخية بعنوان “آثار الأسلحة الكيميائية على الإنسان والبيئة، استعمال القنابل الفسفورية ضد غزة: جريمة إبادة”، نظمها المعهد الوطني للدراسات الإستيراتيجية الشاملة، اليوم الإثنين، بمناسبة الذكرى الـ 171لمحرقة الأغواط واليوم الدولي لضحايا الحرب الكيميائية، ان العنف الإستعماري عملية مستمرة منذ بداية الغزو في 1830 إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية، وان فرنسا والكيان الصهيوني وجهان لعملة واحدة، فلم يتردد الكيان الصهيوني في إستعمال الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا المصنفة من بين أسلحة الدمار الشامل في مختلف حروبه على غزة وكان اخرها في أكتوبر 2023.
وقال البروفيسور حسان مغدوري، أستاذ التعليم العالي مختص في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر، وعضو جمعية اصدقاء الثورة، ان الابادة الجماعية كانت اختيارا استيراتيجيا لجيش الإحتلال الفرنسي، وكان استعمار استيطاني استقدم أجناسا للجزائر، وانه ابتداء من 1834، أعدت تقارير مفصلة عن النسيج الاجتماعي للفرد الجزائري مفادها أنه اذا ارادت فرنسا الإحتفاظ بالجزائر، عليها إبادة كل الجزائريين.
وفيما يخص معالجة ملف الذاكرة، أوضح مغدوري، ضرورة التوجه نحو استيراتيجية شاملة والإبتعاد عن تدريس التاريخ بمناهج منمطة، وادراج تاريخ الجزائر في التخصصات العلمية لجعل الأجيال تتشرب تاريخ بلدها.
في هذا الصدد، أشار عمار منصوري، استاذ باحث في الهندسة النووية، إلى ان أول إستعمال للأسلحة الكيميائية كان في قصف حصن الأمبراطور لمدينة الجزائر يوم 29 جوان 1830، بقنابل خارقة وخانقة للإستسلام، في الحملة السابعة لفرنسا الإستعمارية في غزوها للجزائر، والذي خلف 684 قتيلا،.
وأضاف ان أول إستعمال لهذه الأسلحة المتمثلة في القصف بالقنابل المعبئة بمادة الكلوروفوروم، ضد المدنيين يوم 4 ديسمبر 1852، في اجتياح مدينة الأغواط، الذي خلف 3786 قتيلا، وايضا في 22 أفريل 1915 في المعركة الثانية بمدينة إيبريس البلجيكية باستعمال 170طن من غاز الكلور ضد الحلفاء من طرف الجيش الألماني، انطلاقًا من 5700 أسطوانة مدفونة في خط طوله 6 كيلومتر عبر الجبهة، حيث ذهب ضحيتها 8 آلاف شخصا أغلبهم من الجزائريين،الذين جندتهم فرنسا في الحرب العالمية الأولى.
وأكد منصوري، ان فرنسا استعملت أسلحة الدمار الشامل المتمثلة في الغازات السامة والمواد الحارقة والنابلم مئات المرات في مختلف مراحل حملتها على الجزائر، كما احرقت ودمرت 800 قرية.
وكشف الباحث، عن تدشين وزير المجاهدين لطابع بريدي بالاغواط اليوم، بمناسبة ذكرى محرقة الأغواط.
وأوضح المحاضر، ان الغرض الأساسي من وراء استخدام الأسلحة الكيميائية تنصب على تحجيم او الحد من نشاط مجموعة بشرية أو حيوية معينة، عن طريق التأثير على وظائفها الفسيولوجية والتسبب في شل حركتها او حتى فناءها او عن طريق تلويث الادوات والمعدات، التي تستخدمها أو إفساد بيئتها المعيشية والظروف الحيوية المحيطة.
وأشار الى أنه لهذه الأسباب ولمختلف أخطارها صحيا وبيئيا سارع المجتمع الدولي الى تبني اتفاقية حظر استحداث وصنع وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية في 1993، وقرر مؤتمر الدول الأطراف في هذه الاتفاقية في دورته العشرين في 2015، ان يكون يوم 30 نوفمبر من كل سنة يوم دولي لإحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية.
وتطرق الاستاذ حسان حوسين، باحث متقاعد من جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين، الى التجارب الكيميائية الفرنسية بواد الناموس، مقدما بعض الحقائق التاريخية والممارسات الإجرامية، التي نفذتها فرنسا في الجزائر لأزيد من قرن.
وفي هذا الصدد، أكد ان التجارب التي جربت على شكل حملات اختبارية بلغ عددها 110، وقعت ما بين 1931و1978 والبعض يقول 1986.
120 حملة اختبارية بواد الناموس
وأشار الباحث حوسين، الى ان هذه الحملات كانت تجرب ثلاث مرات في السنة اي في فصل الخريف، الشتاء والربيع، حيث أجريت 120حملة اختبارية بواد الناموس شملت 300 مادة كيميائية وبيولوجية.
في هذا السياق، قدّم المحاضر، نبذة عن مركز الدراسات العسكرية للبوشيه بفرنسا وهو الممول للأسلحة التي جربت في واد الناموس، واستعرض بالصور آثار الجريمة الفرنسية على البيئة والإنسان بواد الناموس.
وأكد المحاضر ان التجارب البيولوجية هي الأخطر مثل كوفيد-19.
وقال :”هذا جزء كبير من تاريخ الجزائر لم يحظ بالاهتمام، الذي يستحقه وعلى الدولة تشجيع الأبحاث في هذا المجال، ويجب ان لا نكتف بالكتابات والشهادات الفرنسية لأنها دائما موجهة الفرنسيين ولها خلفيات “.
وفي هذا الاطار، اقترح حصر الوضع الكيميائي والبيولوجي للتربة قرب ميادين الرمي، حيث تراكمت السموم العديدة.
ومن الناحية القانونية، قال علاوة العايب، استاذ التعليم العالي ودكتور في القانون الإنساني، ان فرنسا ارتكبت ثلاث أنواع من الجرائم وهي جرائم الإبادة خلال الفترة1831و1961, وجرائم إنسانية وهي مجازر الثامن ماي 1945، وجرائم حرب.