تحتفل جريدة “الشعب”، اليوم، بالذكرى 61 لتأسيسيها، مضيفة إلى رصيدها الإعلامي الزاخر، عاما آخر من الممارسة المهنية الرائدة في الالتزام بالخدمة العمومية الضامنة لحق المواطن في المعلومة النزيهة، وإسنادها بما يتطلب من مختلف الأنواع الصحفية واستيفاء عناصر التحليل والإحاطة بمختلف جوانب المعالجة الإخبارية.
إطفاء “الشعب” لشمعتها الأولى بعد الستين، يأتي في سياق وطني خاص، يتسم بتعبئة الجهد والموارد من أجل وضع البلاد على سكة التقدم، وإنهاء كافة مظاهر التأخر المسجل في جميع القطاعات.
ولأن الفترة الحالية، تأخذ عنوان الجزائر الجديدة، وما تحتويه من ورشات ضخمة أطلقها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لم تتأخر “الشعب” عن طليعة المواكبة الإعلامية، والمتابعة الحثيثة للأحداث والأخبار والمناسبات ببعدها الوطني، الجهوي أو المحلي، فيما أخذت على عاتقها إفراد مساحات معتبرة للسياسة الخارجية والقضايا الدولية العادلة وعلى رأسها، قضيتا فلسطين والصحراء الغربية.
لقد جمعت “الشعب” تراكمية الإرث الإعلامي من جانبه التاريخي وتراكمية الممارسة الإعلامية المهنية اليومية، فأصبحت عن جدارة رمزا من رموز الإعلام الجزائري، وقاطرة تعرف وجهتها جيدا في خدمة جمهور القراء بمسؤولية عالية ودقة لا تشوبها شوائب الإثارة أو المزايدة.
من خلال هذا الرصيد وهذه التقاليد المهنية، تمكنت “الشعب” من ضمان أفضل تغطية صحفية لجميع الأحداث الوطنية وأكثرها تأثيرا في تاريخ البلاد، بمواد إعلامية تكتسب خاصية الشمولية، من نقل الخبر إلى المعالجة الإخبارية بالتحليل ورصد الآراء وتقديم أجود المقابلات مع المختصين والخبراء.
لقد جعلت هذه الجريدة العريقة، كما توصف من قبل العام والخاص، المصلحة الوطنية خطا افتتاحيا لها، لا يمكن الحياد عنه، مهما كانت الظروف. وتمكنت في اللحظات الفارقة من اختيار النهج الإعلامي المناسب، بعيدا عن معارك الاستقطاب أو النزوات السياسية.
من هذا المنطلق، جعلت من انتخابات 12 ديسمبر 2019، لحظة وطنية، ومن حفل تنصيب السيد عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية الجزائرية، في التاسع عشر من ذات الشهر، مناسبة مميزة ومرحلة مفصلية نقلت البلاد إلى عهد التغيير المؤسساتي والهيكلي الذي يلتقي مع طموحات الشعب الجزائري في تعزيز السيادة وتكريس التنمية الحقيقية والتخلص تدريجيا من الريع.
أرشيف “الشعب” الحديث والمتوفر رقميا، يخلد المواد التحريرية التي تناولت هذه المحطة، ثم ما تلاها من آداء عمومي، بدءاً من النشاطات الرسمية لرئيس الجمهورية، والقرارات التي يصدرها دوريا في اجتماعات مجلس الوزراء، وصولا إلى أداء الجهاز التنفيذي من الحكومة إلى الولاة.
واجب إعلامي.. و«تحيا الجزائر”
كان واجبا إعلاميا، أن تؤدي “الشعب” دورها كاملا دون شرط، في ضمان نقل المعلومة بدقة وموضوعية من مصدرها الرسمي والعلني إلى جمهورها، كما كان واجبا أخلاقيا ومهنيا أيضا أن تضمن المعالجة الإعلامية لتقديم الفهم اللازم والتفسير المطلوب والتحليل المناسب بما يمكن القارئ من الإدراك الوافي لما يجري حوله ومن أجله.
على صفحات جريدتنا وجريدتكم وجريدة الجزائريين الأولى، التي تحتفل بعامها الواحد والستين، يوجد جزء هام من سيرورة التاريخ في الفترة الممتدة من 2019 إلى 2023، حينما تفاعلت الأقلام مع الخيار الدستوري كمصلحة وطنية، لا بديل عنها، وعندما رسخت الانتقال من لحظات الترقب السياسي إلى لحظات المجد الوطني في ظرف وجيز.
عبارة رئيس الجمهورية الشهيرة “تحيا الجزائر” التي صدح بها في حفل افتتاح الألعاب المتوسطية بوهران سنة 2022، كانت أحد أبرز العناوين التي استحقت التواجد على صدر الجريدة، كتعبير عن حقيقة المناسبة توجت فيها الجزائر عاصمة رياضية متوسطية بامتياز، قبل أن تتحول بعد أشهر قليلة إلى وجهة للأشقاء العرب، في قمة نوفمبر من السنة ذاتها.
وعشية هذه القمة، التي انعقدت بعد ثلاث سنوات من الانقطاع، أنجزت الجزائر اتفاق المصالحة بين جميع الفصائل الفلسطينية، وأكدت أن لمّ الشمل الفلسطيني ولمّ الشمل العربي هو العنوان الأبرز لقمتها.
وفي نفسية كل مواطن عربي، تسكن القناعة الراسخة بأن مواقف الجزائر مشرفة وترفع الرأس عاليا. من هنا اضطلعت “الشعب” بدورها الإعلامي، في التأكيد على أن مواقف بلادنا ليست مشرفة فحسب، بل صحيحة، وتشكل مصلحة عليا جماعية للأمة العربية، والأمر ينسحب على مواقفها تجاه القارة الإفريقية والعالم.
ومنحت الجريدة للقارئ مفاتيح استشراف الأحداث اللاحقة ومآلات الابتعاد عن المصالح الجماعية، وهو ما نراه اليوم من عدوان صهيوني متجدد على الشعب الفلسطيني.
تناولت الجريدة الغراء كل هذه الأحداث، بالتحليل والمعالجة، خاصة وأنها تزامنت مع ستينية الاستقلال، التي قرر رئيس الجمهورية إحياءها بطريقة تستجيب لواجب الوفاء لتضحيات الشهداء.
ذود عن المواقف السيادية.. ورابطة “جيش- أمة”
في هذه المناسبة وما تخللها من استعراض عسكري مذهل، وضعت “الشعب” أعينها على مشاعر الفخر والاعتزاز التي تجلت في رابطة “جيش- أمة”، وعلى مظاهر الطمأنينة والسكينة التي انبعثت من مظاهر القوة والتطور.
وتفرغت الجريدة لإسناد كل هذه المكاسب، بتسليط الضوء يوميا على معارك التغيير وبلوغ تطلعات المواطنين، بإثارة قضايا البيروقراطية المقيتة، والثورة التشريعية على مستوى البرلمان بغرفتيه وانشغالات المواطنين عبر مستوى كافة مناطق الوطن.
أما على الصعيد المهني، فإن “جريدة الشعب” تظل حاملة لتحدي بلوغ الممارسة الإعلامية التي ينشدها خبراء الإعلام والمهنيون ويتوق إليها جمهور القراء.