عن سبق إصرار وترصد، يتعمد الكيان الصهيوني إبادة شعب يأبي الاستسلام، يرفض الخضوع والركوع، يترفع عن المؤامرات والمكائد، يقف وقفة الرجل الحر المؤمن بأنه نصر أو استشهاد.. شهور صعبة يعيشها الشعب الفلسطيني الذي يقدم قوافل من الشهداء، ولم يستثن الكيان أحدا لأن عينه على الأرض يريد تجريدها من جذورها، ليغرس نفسه مكانها، لكن هيهات أن تزهر عروق الشر في أرض طيبة باركها الله وما حولها.
لم يكن ممكنا أن تمر الذكرى 61 لتأسيس «الشعب» بصفة عادية، لأن الأمر جلل، وأشقاؤنا يرتقون شهداء في كل ثانية منذ 67 يوما، ولن تكون أم الجرائد ناكرة لتاريخها الطويل في نصرة القضية الفلسطينية لعقود من الزمن، فعندما حمل الفلسطينيون الحجارة للجهاد ضد الكيان الصهيوني، حملت «الشعب» الكلمة لتكون بالمرصاد لادعاءات وروايات صهيونية تلبس الحق بالباطل، وتجعل من الضحية قاتلا وتنصل القاتل من جرائم فاقت كل خيالات العقل البشري.
صدح أبناء جريدة «الشعب»، زوارها، أمس، بما يعاني الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، فكل من حضر من شخصيات وإعلاميين قاسموا السفير الفلسطيني أوجاعه وحزنه وحسرته على شعبه الذي أعجز وجعه اللسان عن وصف ما يحدث في غزة، من محارق بشرية بمباركة أمريكية، ودول غربية فتحت مخازن السلاح ومنحت الكيان شيكا على بياض، ليكمل مهمة الإبادة على أكمل وجه!!.
وعلى الرغم من أن التاريخ كتاب تروي صفحاته حقيقة واحدة أن الحر لا يُستعبد، إلا أنهم ماضون في غبائهم ويريدون ردم شعب تجذر وجوده على أرض فلسطين، فلا الأرض تعرف شعبا غيرهم ولا هم يعرفون غيرها أرضا لهم، يريدون مسح آلاف السنين وتعويضها بـ75 سنة، جاء فيها اليهود حفاة عراة إلى الأرض «الموعودة»، كان كمن كذب الكذبة وصدقها، فحتى جوازات دخولهم إلى الأراضي حملت ختم الدولة الفلسطينية.
بين ألم، وجع، انكسار وموت وحاجة وعى الفلسطينيون منذ نعومة أظافرهم أنهم مشروع شهيد، وأنهم أصحاب الأرض لا يقبلون الذلة والمسكنة لبني صهيون، وهو السبب وراء اعتقال الأطفال والنساء علّهم يغرسون فيهم الخوف والتردد، لكن أيعقل أن يركن صاحب الحق إلى الزاوية ليترك المعركة الحقيقية لاسترجاع الأرض والعرض؟، طبعا لا، لن يستكين ولن يستسلم حتى يطرد الكيان الصهيوني من أرضه لأن شهادة ميلاده مزورة لن يقبلها التاريخ.
لن تذهب انهار الدماء الزكية التي سالت منذ 75 سنة هباء منثورا، صامدون على أرضهم، ولسان حال الفلسطينيين يقول «إنّا ها هنا باقون وبالأرض متشبثون»، وعد الانجليز وأمريكا الصهاينة بالأرض الموعودة، ووعد الله تعالى الفلسطينيين بالنصر، لأنهم مرابطون من أجل الحق والإسلام.
«أم الجرائد» احتضنت، أمس، «أم القضايا» لترفع الكلمة لمساندة ومؤازرة شعب يباد تحت مسمى «حق الدفاع عن النفس!»، نسف الكيان المباني والمساكن ونسف معها قناع النفاق والخداع باسم حقوق الإنسان، التي وقفت عاجزة أمام محرقة تبث صورها في كل دقيقة وتصريح صريح من قوات الاحتلال بأنها إبادة لا يقبل بأقل منها، بل طرحوا بلا خجل فكرة تهجير الفلسطينيين قسرا لدول الطوق الأردن ومصر.
وقاحة سيكتبها التاريخ الإنساني بدهشة كبيرة لكيان يريد تهجير الأصل ليبقى هو، ليسرق من هذا وذاك حتى يصنع لنفسه وجودا تاريخيا في المنطقة. نفتخر كدولة، أن الجزائر لم تعترف بهذا الكيان ولا بتطبيع «التصهين»، حتى صرنا نرى ونسمع عربا أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم.. لكن كما نشرتها صفحات «الشعب» قبلا، وقالها السفير الفلسطيني، أمس، يرونها بعيدة ونراها قريبة.. غدا، لا محالة، سنصلي في القدس الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.