نتمنّى للإدارة الشابة النّجاح الدّائم في ظلّ التّغيير الإيجابيّ للجزائر الجديدة..جزائر الإعلام المُعاصر
لقد تشرفت بقبول التّكليف الذي أولاني به الدكتور صالح بلعيد، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، مَمنونا، ولكن الإسهام بكلمة يقتضيها المقام من رجل مثلي زغب الحواصل والقوادم بحضرة جريدة “الشّعب” يُلقي على مسؤولية كبرى سيما أنني لا أُجيد العوم في اليم. ولكن وااامعتصماه أنجدني بقارب النّجاة لاستظهار ما علق في جدار الذّكريات، لأقدّمه للقرّاء الكرام في حلّة مقبولة حول جريدتنا التي تناولت جميع المجالات وشتّى المآلات.
نعلم أن الأستاذ علي مفتاحي كلفه الرّئيس الأسبق أحمد بن بلة – الذي يتباهى بتأسيسها- برئاسة الجريدة، التي رأت النّور في 11 ديسمبر 1962، وهي مُناسبة لها رمْزيتها الخاصّة المُقترنة بالمُظاهرات العارمَة التي انطلقت مِن بلكور بالعاصمة ضد الاستدمار الفرنسي الغاشم عام 1960. وبعد التّغيير الذي حصل في 19 جوان 1965 إلى يومنا هذا؛ توالى على إدارتها عدّة مُديرين مُعظمهم في دار الخلد؛ لأمانة الشّهداء، ولقد عملوا جهدهم بقوّة، وحريّ بنا أن نشير إلى البعض منهم للعبرة والذّكرى في عجالة؛ للبرهنة على أن حمل أمانة الإدارة والتّحرير ليست بالأمْر الهيّن واليسير، فهذا المُدير العامّ المَرحوم عبد القادر بن صالح رئيس الدّولة الأسبق مُراسلا لها مِن المَشرق العربيّ عندما كان طالبًا بسوريا في ستينات القرن الماضي، ومحمّد السّعيد أو بلعيد الصّحفي، وزير الاتّصال، المُستشار الأسبق بالرّئاسة الدّكتور غلام الله الوزير الأسبق لوزارة الشّؤون الدّينيّة والأوقاف، رئيس المجلس الإسلامي حاليا، وعبد القادر بوطيبة، وعزّ الدين بوكردوس، ومحمّد بوعروج، وكمال عياش، وبن بلة، وعيسى مسعودي، وبن زغيبة، والأستاذة أمنة دبش، والقائمة طويلة…
لعلّه مِن المُناسب الإشارة إلى أن عظمَة الجريدة تبدو فيما تبدو من خلال تفريخها للأسبوعيّة الرّياضيّة المُنتخب التي تولّى زمام أُمورها باقتدار مسعود قادري، ويوميّة السّلام بإدارة الزّميل محمّد عباس، وجريدة المَساء بإدارة محمّد العربي غراس، حرز الله محمّد الصّالح، ثمّ مَجلة أضواء تولاها الأستاذ زهاني محمّد. كما ضمت ملحقا خاصًا بالأدب تكفل به الأديب الطّاهر وطّار، وكذلك الدّكتور عبد الله الرّكيبي والنّاقد مُحمّد مصايف، دون نسيان مُحمّد فارح الذي نافح من أجل أن تصدر الجريدة بدون أخطاء لغويّة.
ولئن تعرضت الجريدة لبعض المُضايقات لكونها تدافع عن العربيّة عن قناعة وإيمان، بجعلها تنتقل كالمُسافر بين مقر وآخر «نهج الحريّة، ساحة موريس أودان، نهج ﭘـاستور، حسين داي» إلى أن استقر بها المقام أخيرًا في شارع الشّهداء، وكذا سلخها مِن مَطبعتها بداعي مُقتضيات تجديد الهيكلة، لكن رغم ذلك فإنّها بهذه المُضايقات والمُنغصّات صمَدت، رغم كيد بعض النّفوس الضّعيفة شمَخت، مُؤدية رسالتها بلا كلل أو ملل وأمانة، بفضل عزيمة صحافيّيها وخطها الافتتاحي الذي يتمشى مَع المَبادئ التي تؤمِن بها بلادنا، يأتي في مُقدّمتها الدّفاع عن الإسلام والعربيّة والوطن، والقضايا العادلة في العالم على رأسها قضية فلسطين السّليبة. وليس بمَقدوري أن أضيف إلى ما أفاض به الأستاذ الدّكتور صالح بلعيد حول مُحتوى الجريدة وأهمِيّة الرّسالة التي تضطلع بها وضرورة الأخذ بأسباب التّقنيات الجديدة للمُواكبة والرّيادة، فقد أتى على كلّ صغيرة وكبيرة، لذا فإنّي انهي كلمتي هذه بتمنياتي الدّوام ليوميتنا “الشّعب” لمُواصلة تقديم الكلمة الصّادقة والرّأي السّديد الجاد الجامع ودمت في التّآلق”.
جريدة الشّعب والتّحدّي:
إنّ جريدة “الشّعب” مَهما انتصرت للعمَل الحكومي في وقتها، فإنّ الأمور تُقاس بمُعطياتها وواقعها وإمْكانياتها، ومَهما كانت تسترشد بنصائح بعض الزّعماء، فإنّ المُناسبة لا تقتضي مِنّا الدّخول في المَساس بتوجّهات قطاع الإعلام آنذاك؛ والذي كان يعيش التّأسيس، وقلّة ذات الحيلة في الخبرة. وإنّ العِبرة بالنّتائج التي حقّقتها مَدرسة “الشّعب” في أنّها ربّتِ الأجيالَ على مَنبر التّحدّيّ؛ بما كوّنته مِن أطْقُم التّحرير والمُراجعين والخُبراء والمُحرّرين والكُتّاب والمُدقّقين والتّقنيين والكَتَبَة والمُساعدين والمُراسلين والمُستكتبين… ويكفي أنّ شعارها المُحافظة على خدمَة الشّعب «الثّورة مِن الشّعب وإلى الشّعب» وكانت بالفِعْل واقفةً تُقدّم الخدمَة العمومِيّة، وهي تُنافس بشراسة جريدة المُجاهد الصّادرة بالفرنسيّة. وأمام تلك التّحدّيات في الحصول على المَوقع في الواقع، تلتها تحدّيات كبيرة معاصرة على الإعلام الوطني عامّة وعلى جريدة «الشّعب» في ضرورة مُواصلة رفْع التّحدّي في الاهتمام بتوعيّة النّاس بحقيقة علاج أوضاعهم ومَشاكلهم، وإيجاد الحلول المُناسبة لها، والتّأكيد على قيَم الأُمّة وترسيخها ومَحبّتها، والابتعاد عن القصور في عرض الثقافة السّليمَة الأصليّة.
هو تحدٍّ إعلامِيّ في الأمْن الفكريّ والاتّصال العالميّ، ومَجمَع اللّغات والتّضليل الإعلامِيّ، وعدم الحياد، وكيف للجريدة أن تُواجه مُجمَل التّحدّيات؛ لتكون لها السّلطة الأولى في حماية الهُويّة الثّقافيّة والوطنيّة الأصيلة، وفي مُواجهة الإعلام الآخر السّاعي لقَلْع الهوّيات. إنّها الآلة الإعلامِيّة الهائلة بما لها مِن إمْكانيات جبّارة، التي تعمَل على التّضليل، فهل لجريدة «الشّعب» مَوقع الوقوف بالنّديّة؟
إنّه التّحدّي الإعلاميّ المُتناميّ في ظلّ التّطوّر السّريع لأجهزة الإعلام وتنوّع مُحتواها، وتعدّد مَضمون رسالتها الإعلامِيّة، وأثرها على الإنسان، وهنا نرى صعوبة التّحدّي وفق ما هو مَأمول، وبخاصّة عندما نرى ضعفَ المَعرفة، ونقصَ التّكوين، وسوءَ التّخطيط، والبُعدَ عن علاج الواقع، وتفشّي الإشاعة والدّعاية المُغرضة، والسّكوت أمام تحدّيات الاختلاف بين تيارات المُجتمَع، وقلّة التّحليل، وضعف الاستشراف.
هي جمْلة تحدّيات على جريدتنا الغرّاء أن تُعدّ العدّة لمُستقبل المُواجهة والتّحدّي الإعلاميّ، مِن مُنطلق أنّ التّحرّك المُستبق للتّحدّيات أولى مِن البحث في سبُل علاجها. والعلاج هنا يكون بالتّخطيط وتوظيف التّقانات المُعاصرة، والاستناد إلى دراسات مَراكز البحوث المُختصّة، وما يتبع ذلك مِن انتهاج سياسة التّلازم بين الإعلام والتّعليم. وكان علينا أن نقول بأنّ دخولنا سنة جديدة «2024» يستدعي انتقالاً مَوضوعياً في قطاع الإعلام إزاء ما يشهده مِن مُؤثّرات عالمِيّة، فهل جريدة «الشّعب» حاضرة في العودة ومِن ثمّ السّيطرة على المَعلومات مِن مَظانها؟ وهل لها مَراكز استشراف تُعطي لها تحاليل استباقيّة؟ وهل تعمَل الآن على صناعة المَعرفة في البثّ الحديث عبر الشّبكات؟ وهل تقوم باستطلاعات الرّأي العامّ/ سبْر الآراء لما لها مِن جمْهور مُتابع عبر مَواقع اليوتيوب/ YOU TUBE؟ وهل الجريدة لها المِنصّة الاحترافيّة التي تخصّها بمُسمّى «الحصريّة» وهي النّافذة في توزيع أعمالها ومُنتج أخبارها؟… هي جملة تحدّيات مُعاصرة، وبخاصّة مَسألة الرّقمَنة في ظلّ التّحوّل الرّقمّيّ، والمُواجهة القادمَة في صناعة الإعلام القادم المُرتبط بالمُحتوى الرّقميّ، وبعوائد ماديّة على الجريدة، وقد تؤدّي إلى الإفلاس. هي تحدّيات وعلامات خاصّة تُعطي المَركزيّة الإعلامِيّة لمَن يُقدّم الأجمل والأفضل والأسرع والأسبق، تحت تحدّي الحصريّة، فما مَوقع القمَر الصّناعيّ/ ALCOM SAT والبثّ 24/ 24، ودور الإذاعات المَحليّة، ومَقام العربيّة في هذا التّواصل غير المُنقطع، ودور اللّغات الأكثر جاذبيّة في المَعلومِيات، ومَقام اللّغات الأفريقيّة التي تعايشت مَع العربيّة: السّواحليّة+ الهوسا+ الوولوف+ الصّونكا+ الأمازيغيّة+ التّرگيّة/ التّماشق. إضافة إلى مُتعلّقات المَوثوقيّة في ظلّ الأخبار الزّائفة/ Fake News والعمَل على مُقاومَتها وتصحيحها. وهذا يحتاج إلى فريق عمَل تحت بند الخصوصيّة الإعلامِيّة التي يوفّرها الطّاقم الإعلاميّ في مُواصلة المَسار في جمْع الأخبار، وفي السّيطرة على الانفلات وضغوط المُنافسة.
3 ـ نَعمَل وسوف نُحقّق..
في هذا التّغوّل العالميّ، علينا أن نعمَل مَهما يكن الأمْر، نَحلم ونُخطّط وسوف نُحقّق، نُنفق وسوف نُحقّق، نُجدّد وسوف نُحقّق، نُساير المُستجدّ وسوف نُحقّق، وإنّه لعصر الأقمار الصّناعيّة ونرى فيها حماية الأمْن القومِيّ مُهدداً، مَع سيطرة إعلامِيّة أمْريكيّة وصينيّة وروسيّة على الفضاء، ولغات الفضاء تخلو مِنها العربيّة، وإعلامُنا: عربسات+ نايل سات+ إلياه سات+ سهل سات، في مِنطقة MENA لا تحمينا مِن الاختراق والتّشويش، فأين الزّمَن الجميل لإعلامِنا العربيّ الحاميّ والقويّ والمُوجّه: الوقائع المَصريّة+ الأهرام+ العَلَم+ جريدة لبنان الرّسمِيّة+ أمّ القرى+ جريدة البحريْن+ الحقّ يعلو+ الرّأي العامّ+ جورنال عِراق+ الشّرق الأوسط+ فلسطين+ الاتّحاد+ جريدة العرب+ القبَس+ الحاضرة+ المُنقّب الأفريقي+ الشّعب+ يَمَن… ومَواقعنا الحاليّة تعيش العولمَة وصناعة الحضارة الإنسانيّة، فهل نكون طرفاً فيها، وبلغتنا العربيّة؟ أين ذلك الإعلام المُلتزم والمَسؤول والحامِل لأمانة الأمّة؛ ليكون صانعاً للقرار السّياسيّ العربيّ والعالميّ؟ هو إعلام مُعاصر يحتاج إلى تفعيل في نظريّة الحداثة مِن وراء رفْع التّحدّيات الرّاهنة، إعلام يستنير بجرائد الزّمَن الجميل، ويُضيف مُتطلّبات العهد الجديد. وإذا أعمَلنا البصيرة في هذا المُتحوّل الجديد نحتاج إلى إعلام مُستجدّ في مَحافلنا العلمِيّة والثّقافيّة، وفي مَواقعنا الإلكترونيّة، وفي استعداداتنا لتقنيات G5 في التّعامُل مَع الرّوبوتات الإعلامِيّة وفي التّرجمات الآليّة في خريطة الجزائر الجديدة، جزائر تغيير الذّهنيات القديمَة، مَع هذه الأرمادة مِن الصّحف والقنوات، للوقوف سدّاً وصدّاً إعلامِياً لعلاج ظاهرة الزّيف الذي يُثيره الذّباب الإلكترونيّ، والحمْلات التّغريضيّة، مَع التّجنيد التّام لتحقيق الغلبة الإعلامِيّة في صناعة المُحتوى الإعلاميّ بالاهتمامات الإعلامِيّة.
وإنّه مَطلوب مِنّا تفعيل إعلامِنا في نوعيّة الصّحافيّ المُمارس للوضع المُعاصر، وإسماع صوت الجزائر في المَحافل الدّوليّة، عبْر قنصلياتنا وسفاراتنا والعمَل على صناعة إعلام مُستجدّ بما يحصُل عليه مِن واقع ومَوقع. أين استعداداتنا لمُتغيّر التّنمِيّة المُستديمَة لعامّ 2030م، ما هي الخطط المَنهجيّة التي نكون في الفضاء الأزرق بهُويّة وخصوصيّة عربيّة ضمْن باقات الفضائيات العربيّة، وهذا ما يجب التّخطيط له مَع اتّحاد الإذاعات العربيّة/ ASBU ليكون لدينا صحافيٌّ مُحترفٌ مُلتزمٌ ومَسؤولٌ؛ وليكون صانعاً للقرار السّياسيّ بهامِش كبير لاحترام الخصوصيات. وهكذا يكون الاستعداد، لأنّه سوف تكون المُواجهة، ولذا لا بدّ مِن التّفاعل الذي يستدعي العيش ضمْن تطوير العمَل الصّحافيّ، بمُتطلّبات السّيطرة على التّقنيّة الحديثة لصناعة إعلام مُتوازن؛ بجيل جديد مِن الإعلاميين المُحبّين لحرفة الصّحافة وأنْعِمْ بها مِن مِهْنة المَتاعب!
4ـ جريدة «الشّعب» وضرورة الاحترافيّة:
وهنا يقع التّفكير في كيفيّة ترصيص الاحتراف في شقّه المَعرفيّ لحامِل وصف الإعلاميّ، وحريّ بنا التّركيز على اللّغة السّليمَة مِن السّهل المُمْتنع، والتي لا تُخِلّ بحسْن الأداء، مَع المَوثوقيّة الدّقيقة مِن مَظان الأشياء، وعدم الجُرح في الأشخاص والمُقدّس والأديان والعُرف، والتّعويل على الصّحافيّ المُحترِف في مُتطلّبات العمَل الصّحافي.
ولا نشكّ في جريدة «الشّعب» بقدر ما كان لها خطٌّ واضحٌ في الاحترافيّة، ونأمَل المَزيد مِن المُرافقة في تطبيق شعار “كلّما زادَ العرْضُ زادَ الطّلبُ”. هي مَقولة المُحترفين الإعلامِيين الذين يُحسنون اختيار الصّحافيين المُحبّين لمِهنة الإعلام والباحثين عن النّجاح مِن وراء صناعة الحَدَث، بصناعة ثقافة الحَدَث، وهو أن تعرف كلّ شيء عن الحَدَث وتُقدّم وصفةً سهلةً تصلح لتوصيف ما يحتاجه القارئ أو المُشاهد، ويحصل ذلك عندما تكون مُشبعاً بمَحفوظ ثقافة اللّغة ومَسكوكاتها. وإنّ الاحترافيّة فنّ توصيل الخبر في حينه، ودون تحريف قد يأتي مِن عدم ضبط اللّغة؛ بما لها مِن استعارات وكنايات وأشعار وتبحّر في البيان. هي احترافيّة تصلح للمُرافعات الصّحافيّة والتي تضفي لمَسات مِن الخيال قد تتطلّبه ناصيّة اللّغة، وتمْنحك القدرة على تطويعها. وهكذا تظهر الاحترافيّة في الصّحافي البارع بأنّ “مَعلوماتِه كثيرة وحاضرة، وعباراتِه حيّة وصادقة؛ فهو كقائد جيش يعرف جميع أفراد جيشه بالاسم، ويستدعيهم واحداً واحداً في الوقت الذي يُريد”.
ولا نريد المَزيد مِن الحديث عن التّحدّي والاحترافيّة، بقدر ما نُوجِز القولَ بأنّ جريدة «الشّعب» عرفت هذه المَسائل في عقودها الماضيّة، بما قامَت به مِن العمَل على انتشار المَعلومات قبل انفتاح الثّقافات وكان لها مَوقع في التّنافس على اجتذاب الكفاءات، وعلى ما نعلم أنّ جريدة «الشّعب» على مَدى العقدين الأخيرين كان عليها التّنافس في اختبارات القبول، وحصل لها شأن في استقطاب المَطلوب، بل حرصت دائماً على تراكمِيّة المَعرفة العامّة، إلى جانب الاحْتراف في المَيدان الإعلاميّ الصّرف الذي كان الرّافدَ الأساسَ في اختيار الصّحافيّ المُحترِف. وكان عليها الآن الاستثمار في مُتطلّبات الذّكاء الاصطناعيّ وهو مَنهج إجباريّ للمُنافسة، في ظلّ تراجع الصّحافة الورقيّة، أضفْ إلى ذلك أنّها مِن مُتلازمات جيل اليوم. والعالم يعيش بعيون وأسواق التّواصل الاجتماعيّ، وحركاتها السّريعة، وتفاعلاتها لم تَعُد مِمّا يُعذر فيها الإعلاميّ على الخصوص، وأنّ انعكاساتها تتّضح في المِهنة، وتُعيد صياغة مَفهوم الإعلام عمّا كان عليه مُنذ نحو رُبُع قرْن.
وختاماً لقد سعيتُ مِن خلال هذه المَقالة الحديث عن جريدة «الشّعب» لما لها مِن جمْهور، ولدورها الرّيادي في ترسيخ الهويّة اللّغويّة العربيّة، بما لها مِن فريق العامِلين في خدمة الشّأن اللّغويّ في وقت شُحّ فيه كلّ شيء، والبقاء للأفضل، والانتصار للعامِل.
وهكذا انتصرت جريدةُ «الشّعب» تحت ظروف قاهرة ويُسجّل عليها صناعةُ مِهنة الإعلام في الجزائر باحتِرافيّة وتقنيّة. وتحيّة عرفان وتقدير لفريق جريدة «الشّعب» وللسّيد المُدير الإعلامِيّ الحاضر الواقف «جمال لعلامي» على إتاحته لي فُرصة كتابة هذا المَقال، وأنا أتشرّف بأن يكون مَقالي في جريدتي الأولى «الشّعب» التي أقرأها باستمْرار؛ وأنا تلميذٌ وثانويٌّ وطالبٌ وأستاذٌ ومَسؤولٌ، وتربّيتُ على مَبادئها الوطنيّة، وأَجْمِلْ بها مِن مَبادئ! وأَنْعِمْ بجريدة الشّعب المُحافِظة على المَبادئ!
وعيدُ الجريدةِ مُباركٌ لنا جميعاً، ولا أقول نُطفئ الشّمْعة الواحدة والسّتين؛ بل نُشعل ونُنير شُمْعات قادمَة في هذا المَنبر الإعلاميّ الشّعبيّ؛ لمَزيد مِن التّطوير والتّشبيك والمُنافسة والتّألّق ونيْل الواقعِ والمَواقعِ ونتمنّى لها النّجاح الدّائم في ظلّ التّغيير الإيجابيّ للجزائر الجديدة؛ وللإدارة الشّابة الجديدة، جزائر شباب التّحدّي، جزائر الإعلام المُعاصر.