تمر أربع سنوات عن تولي الرئيس عبد المجيد تبّون سدّة الحكم في البلاد، رفع خلالها شعار كرامة المواطن عاليا، وأوفى فيها بالتزامه الـ29 المتعلق برفع ودعم القدرة الشرائية للمواطن، رغم المتغيرات التي طرأت على عالمنا الاقتصادي وتداعيات الأزمة الصحية والأمنية على الاقتصاد العالمي، إلاّ أنّ الجزائر تمكنت من الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن إلى أبعد الحدود بجملة من التدابير والإجراءات التي تصبّ – في مجملها – في صالح تعزيز الأجر الحقيقي للعمّال.
لا مساس بكرامة الجزائريين والقدرة الشرائية خط أحمر زيادات في الأجور.. وإعفاءات ضريبية
استطاعت الجزائر، خلال السنوات الأربع الأخيرة، أن تسبح عكس التيّار الجارف لاقتصاديات الدول وبلغت شاطئ الأمان، لتسجل الاستثناء بقرارات تاريخية سيحفظها الشعب الجزائري للرئيس تبّون قياسا إلى السياق التي جاءت فيه.
لم تمرّ على انتخاب الرئيس تبّون سوى أشهر معدودة، حتى ضربت العالم جائحة صحية صنّفت أسوأ الفترات حرجا في عالمنا المعاصر، فالكارثة الصحيّة تولدّت عنها أزمات اقتصادية حادّة، وبالرغم من ذلك خصّصت الحكومة جزءا كبيرا من ميزانيتها لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، فسعت لاستحداث منحة جائحة كورونا التي أقرّها رئيس الجمهورية، بقيمة 30 ألف دينار جزائري لفائدة أصحاب المهن المتضررين من مخلفات الفيروس التاجي.
كما أقرت الدولة مساهمة مالية بقيمة 10 آلاف دينار لفائدة عدّة فئات عاملة في قطاع النقل والتجارة والخدمات، في سياق المجهود التضامني الذي أقره رئيس الجمهورية لتخفيف معاناة هذه الفئات المتضررة من الجائحة، بالإضافة إلى منح إعانات مالية لفائدة المواطنين المتضررين من فيروس كورونا.
وإلى ذلك، ساهمت الدولة في أسعار الخدمات الطبية المتعلقة بوباء كورونا، بتخصيص 5 آلاف دينار إعانة موجّهة لتكاليف الفحص بالسكانير ورصد 3500 دينار إعانة موجهة لتكاليف اختبار “بي سي آر”، مع تخصيص 1500 دينار إعانة لإجراء الاختبار السريع، وجاء ذلك تقيّدا بتعليمات رئيس الجمهورية، ناهيك عن منح خصّصت لقطاع الصحّة ظلت سارية المفعول لأزيد من سنتين عن تفشي الجائحة.
هذا جزء يسير من الخطوات التي اتخذتها الحكومة بتوجيهات من الرئيس تبّون خلال الأزمة الصحية لدعم القدرة الشرائية، وهو ما يعكس عناية برنامج الرئيس تبّون بكرامة المواطن، وجعله أولوية قصوى، رغما عن السياق الاقتصادي الصعب الذي عاشه العالم أجمع.
دعم القدرة الشرائية في عزّ الأزمة الصحيّة
ولم يتوقف جهد الرئيس تبّون عند هذا الحدّ، ففي عزّ الأزمة الصحيّة اتخذ قرارات شجاعة لم تبادر إليها أيّ حكومة قبل أزيد من ثماني سنوات حينها، وحتى في أيام الرخاء، فأعلن في أفريل من سنة 2020 عن رفع قيمة الحدّ الأدنى للأجر القاعدي، ليشكّل الاستثناء بالنظر للأزمة الصحية التي ضربت العالم آنذاك، وكبحت اقتصاديات ومداخيل كلّ الدول مثلما سبق القول.
وسجّل الرئيس عبد المجيد تبّون نقاطا أخرى في مسعاه الصادق من أجل رفع ودعم القدرة الشرائية للمواطن فأوفى بتعهده بالإعفاء الضريبي التام للمداخيل المنخفضة، وهو ما تجسّد لأوّل مرّة شهر مارس 2022، حيث تمت إعادة النظر في جدول الضريبة على الدخل الإجمالي، وأسفرت عن إعفاء ضريبي عن الأجور التي تساوي أو تقل عن 30 ألف دينار جزائري، ومراجعة هذه الضريبة بالنقصان بالنسبة للأجور التي تزيد عن هذا الحدّ، بالإضافة إلى إقرار الزيادة الأولى في الرواتب بأثر رجعي من شهر جانفي من نفس السنة، بعد مراجعة الشبكة الاستدلالية للأجور.
مساعي الرئيس عبد المجيد تبّون لدعم القدرة الشرائية، لم تتوقف عند الزيادة الأولى لأجور ورواتب الموظفين، بل تعدّتها إلى مبادرات تلت الخطوة الأولى لرفع الأجور سنة 2022، حينما قرّر الرئيس تبّون في شهر ديسمبر من نفس السنة، إقرار زيادة في الأجور على دفعتين في سنتي 2023 و2024، بقيمة تتراوح بين 4500 إلى 8500 دج، وهو ما يرفع نسبة الزيادة في الأجور منذ تولي الرئيس تبّون سدّة الحكم في البلاد إلى ما يقارب 50 بالمئة، باحتساب الزيادة المقررة السنة المقبلة.
ولم تغفل الحكومة عن شريحة المتقاعدين خلال هذه السنوات، فقد استفاد أكثر من مليوني و985 ألف متقاعد من زيادات بنسب متفاوتة مع كلّ سنة بالإضافة إلى تسهيلات وإعادة جدولة صبّ هذه المنح بما يتناسب وقدرات مكاتب البريد ويحفظ كرامة هذه الفئة.
منحة البطالة.. سابقة بالمنطقة..
والتزاما بتعهده المتعلق بالقدرة الشرائية وكرامة المواطن، وحرصا منه على تكريس الطابع الاجتماعي للدولة، والالتفات لفئة الشباب العاطل عن العمل، استحدث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون، ولأول مرّة في تاريخ الجزائر، وفي سابقة فريدة من نوعها في العالم العربي والإفريقي، منحة للبطّالين بقيمة 13 ألف دينار جزائري، تصرف لهم شهريا إلى غاية حصولهم على وظيفة، كما ترافق هذه المنحة التغطية الصحية والانتساب للضمان الاجتماعي، وستعرف زيادة مطلع العام القادم، لتصل إلى 15 ألف دينار جزائري.
وفي إطار دعم القدرة الشرائية دائما، وتمكين الطبقة الهشة من عيشة كريمة، سمح مرسوم تنفيذي جديد صدر شهر جويلية الفارط للأرامل واليتامى بالاستفادة من منحة البطالة، بعد أن كانت هذه الفئات محرومة منها بسبب مداخيل منقولة، وحسب المرسوم الجديد، يستفيد من المنحة وبشكل استثنائي الأشخاص الذين لديهم معاشات أو ريوع أو منح التقاعد المنقولة التي لا يتجاوز مبلغها 13 ألف دينار جزائري.
ردع المتلاعبين بأقوات الجزائريين
يرى العديد من الخبراء والمتابعين للشأن المحلّي، أنّ السنوات الأربع التي تلت انتخاب السيد عبد المجيد تبون رئيسا للجزائر، تميّزت بمعركة حقيقية خاضتها الدولة لحماية القدرة الشرائية للمواطن على حدّ وصف الرئيس للوضع شهر مارس الماضي، وقال الرئيس حينها: “نخوض معركة حقيقية لحماية القدرة الشرائية للمواطن، من خلال مكافحة كلّ أشكال المضاربة ومحاربة الفساد بكلّ مظاهره”.
ولا يختلف اثنان على أنّ القدرة الشرائية كانت مستهدفة بالجزائر من طرف لوبيات تكن العداء لهذا الوطن، لكنها وجدت في شخص الرئيس عزما على مجابهتها، فبتوجيهات منه تم استحداث جملة من القوانين والنصوص التشريعية لكبح الاحتكار ومحاربة ظاهرة المضاربة غير المشروعة، والتي أكدت فاعليتها في مساعدة أجهزة الدولة على كشف المتلاعبين بأقوات الجزائريين وإيقاف سلسلة من التلاعبات بالسلع المدعّمة وغير المدعمة، وكلّها إجراءات تصبّ في صالح القدرة الشرائية وصون كرامة المواطن.
دعم الاستثمار.. ضمان منتح بأقلّ سعر للمواطن
وأوضح الخبير الاقتصادي والعضو السابق بالمجلس الشعبي الوطني، الدكتور هواري تيغرسي، في تصريح لـ«الشّعب”، أنّ جهود الدولة في صون القدرة الشرائية يمكن تصنيفها ضمن مرحلتين، تتعلق الأولى بالزيادات في الأجور وتعرف بالأجر الإسمي للموظف أو العامل، فيما تتعلق الثانية بإجراءات تحفيزية للاستثمار ودفع عجلة الاقتصاد من أجل توفير المنتجات المستوردة بصناعة محلية وبأسعار تنافسية تدعم القدرة الشرائية للمواطن وتسهم في صناعة الأجر الحقيقي للموظف أو العامل.
ويرى الخبير الاقتصادي أنّ الساحة الاقتصادية شهدت ميلاد وتجديد قوانين مهمّة جدّا تصبّ في صالح خفض تكلفة السلع والخدمات وحتى بالنسبة للرسوم الجبائية والجمركية، ومن أهمّ ما أشار إليه الخبير هو إلغاء الضريبة على النشاط المهني ابتداء من السنة المقبلة، والتي كانت تحدّد بـ2 بالمائة، لكن بالنسبة لبعض المنتجين قد تصل الضريبة على النشاط المهني إلى نسبة 20 بالمائة من الربح، وهو ما يعود بالسلب على سعر المنتج بالنسبة للمستهلك.
ويرى محدثنا أنّ أفضل الحلول وأمثلها في تلك التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون لدعم القدرة الشرائية، هو تخفيض الأعباء الضريبية على المستثمر والمتعامل الاقتصادي، كما أنّ مناخ الاستثمار عرف انتعاشا وبوادر مبشرّة من الناحية التشريعية كقانون الاستثمار الجديد، وقانون العقار، وقانون النقد والصرف وغيرها من القوانين التي تصبّ في قالب واحد في النهاية، وهو دعم الإنتاج المحلّي ليصل المنتج للمواطن بأقل سعر من نظيره المستورد.
ويرى الخبير الاقتصادي أنّ مراجعة ملف الضرائب يعدّ من أبرز الحلول التي قدّمها الرئيس تبون لمعالجة ملف القدرة الشرائية، ويشيد المتابعون لهذا الملف بما حملته قوانين المالية للسنوات الثلاث الأخيرة بالخصوص قانون المالية 2024، حينما جاء بإعفاء مؤقت من الرسم على القيمة المضافة في مرحلتي الإنتاج والتسويق بالجملة والتجزئة لكلّ من دجاج التسمين والديك الرومي وبيض الاستهلاك والفواكه والخضروات الطازجة المنتجة محليا، وكذا الحبوب الجافة والأرز بما فيها المستوردة وذلك إلى غاية نهاية 2024 بالإضافة إلى تأسيس منحة جزافية للتضامن تمنح للفئات الاجتماعية بدون دخل، لاسيما أرباب العائلات والعائلات والأشخاص البالغين أكثر من 60 سنة، وكذا الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، ناهيك عن إعفاءات ضريبية وإلغاء الضريبة على النشاط المهني..
وشهدت السنوات الأربع ثورة في المجال التشريعي بغية التحكم أكثر في ملفات تعنى بطريقة مباشرة وغير مباشرة بالقدرة الشرائية، وصادق البرلمان على عدّة مشاريع قوانين تحمل في طيّاتها دعما وتعزيزا للمنتج المحلّي ورقابة أكثر على قوت الجزائريين، خصوصا على السلع المدعّمة.
النهوض بالفلاحة.. حلّ حصيف لحماية القدرة الشرائية
وشهد القطاع الفلاحي نهضة حقيقية، خلال السنوات الأربع، بفضل توجيهات الرئيس التي تعنى بالفلاح والموّالين والمناطق الريفية والفلاحية، بغية توفير منتجات ومحاصيل بتكلفة أقلّ، وضمان بلوغها للأسواق بأسعار أدنى من التي كانت عليه سابقا، فكان شعار الفلاحة والأمن الغذائي العنوان الأبرز في مسيرة السنوات الأربع الأخيرة. فالفلاحة وقطاع الخدمات تصبّ في هدف واحد، وهو ضمان العيش الكريم للمواطن والرفع من المستوى المعيشي من خلال دعم الإنتاج المحلي وبأقل تكلفة، وأشاد المنتسبون للقطاع بالإجراءات الحصيفة التي سمحت لهم بتوفير المنتج الجزائري.
وعمل الرئيس على توفير مناخ استثماري سليم في الفلاحة وتعزيز سبل التحكم في عوامل الإنتاج من معدات وآبار ومخازن عصرية، تسمح بتكوين مخزونات هامة من الحبوب التي تعدّ غذاء استراتيجيا لدى العائلة الجزائرية.