تسير الجزائر بخطى واثقة نحو مكانة ريادية فاعلة في سوق الغاز العالمية، بصفتها شريكا موثوقا، ومتعاملا عادلا، بما يوافق سياستها الخارجية الرصينة، ورؤيتها الإنسانية المعتدلة، وقد أظهرت جاهزية عالية سواء بالاستكشافات الكثيرة التي حققها الرائد “سوناطراك”، أو الموقع الجغرافي الذي يضمن التموين بأقل تكلفة ممكنة وكذا ثقة الشركاء العالميين في قدراتها العالية وموثوقيتها.
فضيلة بودريش/ هيام لعيون
طفرة تاريخية تتحقق في الجزائر الجديدة
يرى البروفسور مراد كواشي أنّ القطاع الصناعي يحتل مكانة هامة ضمن رؤية الإصلاحات الشاملة، ويفتكّ حصة معتبرة من جهود النهضة التنموية وتحدي الرفع من الأداء، بإدراج كلّ المقوّمات واستغلال الطاقات الكامنة، لذا واصل هذا القطاع وبمرافقة سياسة الدولة في منح كلّ التسهيلات ومراجعة مختلف الأطر التشريعية وبسط التنظيمات اللازمة، حتى يقدّم القيمة المضافة المنتظرة منه، ومضت الجزائر تسير في رواق عقد الشراكات الإستراتجية لتحويل العلم والتكنولوجية لبناء قواعد صناعية تحقّق لها التحوّل الكبير، وترفع من مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام إلى حدود 15 بدل 5 بالمائة. وتفاؤل كبير تضمّنه تحليل الخبير بفضل مستوى النجاعة المحقّق على مستوى الآلة الإنتاجية الصناعية.
في عرض تقييمي لأداء القطاع الصناعي، قدّم البروفسور مراد كواشي، أهم المحطات المحورية في أداء قطاع الصناعة واختزل أهم الإنجازات في مسار اتسم بالكثير من الإيجابية، مفضيا إلى مكاسب ومحقّقا لنتائج مهمة لم يسبق أن سجّلت من قبل، بفضل القيادة الرشيدة لرئيس الجمهورية وعلى ضوء توجيهاته، لم يخف – في هذا المقام – أنّ الدولة الجزائرية أولت اهتماما بالغا بالقطاع الاقتصادي، لأنّ هذا القطاع شكّل أهم أولويات الحكومة الجزائرية ليس خلال عام 2023 وحده، بل تقريبا منذ ثلاث سنوات، وبرز ذلك حسب تقديرات الخبير من خلال العديد من المشاريع والقوانين والإصلاحات التي مسّت هذا القطاع، منها تشريعية وأخرى تنظيمية، ضمّت مزايا وتشجيع وحوافز مغرية للمستثمرين سواء الأجانب أو المحليين، وهذا خاصة في قطاع الصناعة، وأما في مجال العقار الصناعي صدر قانون ينظم العقار الصناعي، وهذا بعد المصادقة عليه مؤخرا في البرلمان، مع إطلاق رؤية جديدة لتسيير المناطق الصناعية.
الصناعة عصب الصادرات
وقال كواشي، أنّ الإصلاحات مسّت الجباية، فقد تم إلغاء الرسم على النشاط المهني، وهذا ما شكل حافزا كبيرا للمستثمرين في المجال الصناعي، وبما أنّ المشاريع الصناعية لا ترى النور أو تتوسّع آليتها الإنتاجية، إلا بتدفّق التمويلات والقروض البنكية، فإنّ الإصلاحات الاقتصادية، شملت منظومة القطاع المصرفي والبنكي.
ووصف البروفسور كواشي كلّ ما تحقّق في 2023، بـ«العمل الجاد” و«الإصلاحات العميقة” التي قامت بها الدولة الجزائرية في مجال تعزيز النسيج الصناعي وتحقيق مرونة وتحديث القطاع المصرفي والبنكي والجبائي، وبناء الشراكات مع العديد من الدول الأجنبية المتحكمة في التكنولوجيا، بهدف إعطاء دفع آخر للقطاع الصناعي في الجزائر.
ورصد كواشي عددا من الإنجازات، موضحا أنّ مساهمة القطاع الصناعي تواصل منحاها التصاعدي خاصة وأنّ رئيس الجمهورية أعلن أنّ الهدف الذي تسعى الجزائر إلى تحقيقه لا يقلّ عن مساهمة قطاع الصناعة بنسبة 15 بالمائة في الناتج الداخلي الخام، وقال كواشي إنّ الرقم الذي حدّده رئيس الجمهورية ممكن التحقيق بالنظر إلى الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها بلادنا، ثم بالنظر إلى الأرقام المشجّعة التي أعلنت عنها الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات، عقب تسجيل 2600 مشروع بقيمة مالية تقارب 8 ملايير دولار، ومن بين هذه المشاريع يسجل القطاع أكثر من 51 بالمائة، أيّ أزيد من نصف المشاريع، وهذا ما ينبئ بأن تكون مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام – خلال هذه السنة والسنوات المقبلة – أفضل بكثير ممّا كانت عليه، لأنّ قيمة المشاريع التي سجّلت لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار والتي تخصّ القطاع الصناعي لوحده، تتجاوز 744 مليار دج، ويرى محدثنا أنّ الحكومة الجزائرية في الطريق الصحيح بالنظر إلى هذه الإحصائيات.
وشكّل قانون العقار الجديد، دفعا آخر في القطاع الصناعي خاصة من خلال الرؤية التي تمّ اعتمادها من قبل الحكومة، لإدارة المناطق الصناعية وسياسة استرجاع العقارات غير المستغلة كما أكد الخبير كواشي الذي أفاد أنه خلال عام 2022، تم استرجاع أكثر من 2308 هكتارات من العقارات غير المستغلة، والعملية مستمرة إلى يومنا هذا، كما أنّ السياسة واضحة لإنشاء مناطق صناعية جديدة، تكون مهيأة وربطها بالكهرباء والغاز والماء وشبكة الطرقات.
الخبير في الطّاقة عبد الكريم غريب: الجزائر في رواق جيّد للسيطرة على سوق الغاز
تتّجه الجزائر نحو السيطرة على سوق الغاز في العالم بجدارة، وتصبح أحد اللاعبين الرئيسيين والكبار والمؤثرين الفاعلين، باعتبارها أحد أهم مصدري الغاز الطبيعي والمسال، حيث يبرز هذا الدور خلال سنة 2024، وهذا في ظل مشاريع الاستكشاف وتوسعة محطات الإنتاج، في وقت عززت بلادنا حضورها في القارة الأوروبية، كمصدر موثوق للغاز الطبيعي المسال خلال السنوات القليلة الماضية، من خلال أسطول بحري للغاز المسال، يتكون من 11 ناقلة، وهذا رغم وجود منافسة شرسة من دول أخرى، غير الواقع المعيش عبّد لها طريق الاستحواذ على السوق الأوروبية كـشريك طاقوي استراتيجي، آمن وموثوق، بسبب سياستها الطّاقوية التي انتهجتها منذ سنوات قليلة، والمبنية على الرفع من قدراتها الإنتاجية من الغاز والرفع من وتيرة الاستكشافات، فضلا عن المشروعات الضخمة المنتظر انجازها، والتي ستسهم في زيادة صادرات البلاد من الغاز، وترشحها أكثر للهيمنة على السوق الغازية والتوسع بشكل لا يُستهان به.
ويتوقّع عبد الكريم غريب، الخبير في الاقتصاد الطاقوي، أن تسيطر الجزائر بصفة شبه كلية على السوق الأوروبية خلال السنة 2024، موازاة مع الواقع الجيو-استراتيجي التي فتحت لها المجال للتوسع في سوق الغاز بالقارة الأوروبية، وهذا بفضل وجود عدة عوامل أهمها أن الجزائر شريك آمن وموثوق، باعتبارها المورّد الإستراتيجي للغاز بأقل التكاليف، وبتموين مستقر ودائم لأوروبا، مما يوفر عدة مزايا، ويشجع تكاملها داخل الإستراتيجية الطاقوية الأوروبية، وبفضل وجود احتياطات كبيرة من هذه المادة موازاة مع الاكتشافات التي تعلن عنها بلادنا دوريا، ضف إلى تكلفة الغاز الجزائري الأقل سعرا بالنسبة للمنافسين في السوق العالمية، على غرار أمريكا، قطر ونيجيريا، نظرا لموقعها الاستراتيجي الجغرافي الأقرب لأوروبا، كل هذا يجعل منها الشريك الموثوق بالنسبة لعملائها في الضفة الشمالية المتوسطية”.
صادرات الغاز المسال ستتجاوز الغاز الطبيعي
ويؤكد الخبير غريب أن “صادرات الجزائر من الغاز المسال، ستتجاوز حجم صادراتها من الغاز الطبيعي، لوجود عدّة أسباب على رأسها مضاعفة كمية الإنتاج من خلال إنجاز المشاريع المنتظر دخولها حيز الخدمة، حيث تراهن بلادنا على الاستحواذ على حصة كبيرة من السوق الأوروبية عن طريق صادرات الغاز المسال، والمضيّ قدما في استكمال استراتيجيتها ومجهوداتها الضخمة المتمثلة في مجمل الشبكات التوزيعية والمركبات الإنتاجية والتحويلية لزيادة مستوى التصدير.”
وتحدث غريب عن السياسة الطاقوية في الجزائر، خاصة ما تعلق بصادرات الغاز، فقال: “لم نكن نستحوذ على الأسواق الأوروبية رغم أنها تعتبر الوجهة الأولى لنا، حيث كانت السيطرة للروس والأمريكان، لكننا كنا متموقعين في خارطة سوق الغاز الأوروبية عن طريق أنابيب الغاز وبواخر نقل الغاز المميع، لكن ليس بكميات كبيرة مقارنة مع الوقت الحالي، غير أن استشراف الوقائع وانتهاج خطة استباقية، جعل الجزائر تواكب التطورات العالمية، وفعلا طورت من إنتاج الغاز الطبيعي”، علما أن الدبلوماسية الاقتصادية والسياسة الخارجية للبلاد لعبت دورا مهما في هذا المجال”.
وأضاف غريب: “بعد المشاكل العالمية التي واجهها الغاز، وجدت الجزائر نفسها في رواق جيد لتغطية العجز في السوق الغازية الأوروبية، خاصة مع امتلاكها كميات متوفرة من المادة، ضف إلى رفع وتيرة الإنتاج، ويلجأ الأوروبيون إلى الغاز الجزائري لعدة اعتبارات أولها أنها تمثل الموقع الجغرافي الأقرب للضفة الشمالية المتوسطية، ما يجعل التكلفة أقل، وهو ما فرض على الأوروبيين التسابق إلى الجزائر للظفر بعقود تموين الغاز الطبيعي المسال، وهذا يؤهلنا بالتأكيد للظفر بحصة كبيرة من السوق الأوروبية والاستحواذ عليها بصفة شبه كلية خلال الأشهر المقبلة، بصفتنا أكبر مورد للغاز في الحوض الأورو-متوسطي.”
تكثيف المجهودات الاستثمارية
ورغم وجود منافسة قطرية أمريكية نيجيرية، وحتى من النرويج ــ يقول المتحدث ــ فإن جغرافية الجزائر تصنع الفارق باعتبارها الأقرب، ما يحتم علينا تكثيف المجهودات في ميدان الاستثمار للرفع من وتيرة الإنتاج، وهو ما يتجلى في إستراتيجية الدولة من خلال توسعة ميناء سكيكدة، وزيادة طاقة التخزين به، لذلك أعتقد أن القادم أفضل بفضل الاسكتشافات الجديدة، حيث توفر الجزائر التموين الطاقوي حاليا، على ضوء التغيرات الجيو-سياسية في العالم، ما يجعلها الشريك الموثوق المفضل عالميا”.
بالمقابل، لفت الخبير الاقتصادي إلى وجود استثمارات أجنبية للرفع من قدرات الجزائر من صادرات الغاز المسال، تتمثل في الاستكشاف حيث تتعامل الجزائر مع عدة بلدان أوروبية من بينها اسبانيا، إيطاليا، فرنسا، والبرتغال وعدة شركات أجنبية أخرى.
وبخصوص هذا الموضوع، أكد الخبير الطاقوي، أنّ الجزائر التي تريد التوسع في السوق الأوروبية، فتحت مجال الاستثمار لشركات أوروبية على غرار “إيني الإيطالية”، وشركات أخرى، من خلال فتح مجال الاستكشاف، مبرزا – في السياق – أن شركة سونطراك أعلنت عن أهم استكشافاتها تتمثل خاصة في الثلاثي الأول من سنة 2023.
وأفاد الخبير أن شركة سوناطراك كانت قد أعلنت عن تحقيق ستة اكتشافات للمحروقات، اعتمادا على مجهودها الخاص، حيث تم تحقيق اكتشافين نفطيين في حوض “أمقيد مسعود”، فيما تم حفر بئرين بحوض “بركين” كانا محل تحقيق اكتشافات للنفط والغاز والمكثفات، فضلا عن ذلك، تم اكتشاف غاز مكثف في منطقة “أوهانت” بحوض إليزي، كما تم تحقيق اكتشاف للنفط والغاز في حوض “واد ميا” الواقع بالجنوب الشرقي لحقل حاسي الرمل.
صادرات الغاز المسال.. قفزة نوعية في 2024
وتحدث الخبير الطاقوي عن ارتفاع صادرات الجزائر من الغاز المسال خلال السنوات الأخيرة، حيث كانت خلال ثلاث سنوات وبداية من 2021، على التوالي 10.2 بالمائة، 11.42 بالمائة، 16.7 بالمائة خلال الربع الأول من 2023 التي تعتبر أعلى نسبة نمو على مستوى الدول العربية، وتوقع أن تشهد صادرات الجزائر من الغاز المسال قفزة نوعية خلال السنة المقبلة 2024، بعد الانتهاء من إنجاز عدة مشاريع، وتتمثل في مشروع توسعة الميناء النفطي بسكيكدة الذي تعوّل عليه سوناطراك في رفع قدرات الشحن والتفريغ، وتوسعة طاقة تخزين هذا المركب، حيث سيسمح بشحن ناقلات الغاز الطبيعي المسال الفائقة بسعة 220 ألف م3، مشيرا إلى أن الغرض من توسعة ميناء سكيكدة، استعمال البواخر الكبيرة وذلك لتخفيض تكلفة النقل.
فضلا عن ذلك ــ يقول غريب ــ سيتم بناء خزان للغاز المسال بسعة 150 ألف متر مكعب، من أجل رفع قدرات تخزين الغاز بالمنطقة الصناعية بسكيكدة، تصاحبها عمليات الصيانة المكثفة، ما يرفع وتيرة إنتاج الغاز المسال، حيث سيسمح لنا بتصدير كميات هائلة منه، وهذا ضمن استراتيجية الدولة لزيادة القدرات التسويقية والوفاء بالالتزامات الدولية بالنسبة للعملاق النفطي سونطراك، إذ تشير الإحصائيات إلى أن صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي عبر الأنابيب تبلغ 23 مليار متر مكعب خلال السنة الماضية، أما صادرات الغاز المسال، فقد ارتفعت بـ16.7%، خلال الربع الأول من عام 2023، لتصبح 2.8 مليون طن مقابل 2.4 مليون طن خلال الربع المماثل من عام 2022، وفق تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول “أوابك”.
الميناء العائم الجديد.. رفع قدرات التصدير
وفي معرض حديثه، تطرق غريب إلى الميناء العائم الجديد، لأنه تم تسليم أول شحنة للغاز المسال لشركة “ايني” تقدر بـ90 مليون متر مكعب من الغاز المسال للميناء العائم، لإعادة تحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي في بيومبينو في إيطاليا، حيث تم نقل هذه الشحنة التي تمت تعبئتها على مستوى مركب التمييع ببطيوة في وهران، بواسطة ناقلة الغاز المسال، حيث يعد أول شحنة تجارية بهذا الميناء، علما أن إيطاليا وقعت عدة اتفاقيات مع الجزائر في هذا المجال، وتعتبر شريكا موثوقا.
ولأن إيطاليا تحتاج إلى كميات كبيرة من الغاز- يواصل غريب – تم اللجوء إلى GNL لسرعة إرساله، حيث رفعت الجزائر من سعة إنتاجها، وهذا ما يثبت صحة توقعتنا خلال السنة المقبلة، حيث ستستحوذ الجزائر على السوق الأوروبية.
أسطول بحري في الخدمة..
من جهة أخرى، تطرق الخبير إلى مراحل إنتاج الغاز المسال، حيث قال إن مصدره الغاز الطبيعي في حالته الغازية، والذي ينتج من حقول الغاز مباشرة، مثل حقل حاسي الرمل عين صالح، أين تنتج الغاز الطبيعي بمشتقاته، كما يمكن إنتاجه من حقول البترول كذلك، وبعد وصوله لمراكز المعالجة يتم استخراج كميات هائلة من الغاز المسال، أي أن أنتاج الغاز له مصدران.. حقول الغاز وحقول البترول”.
وأبرز محدثنا أن “الغاز الطبيعي ينقل عن طريق الأنابيب، بينما ينقل الغاز المسال عن طريق ناقلات الغاز المسال، حيث تم تصميمها خصيصا لنقل الغاز الطبيعي المسال، ويتكون الغاز المسال من جزء كبير من الميثان، حوالي 60 إلى 95٪، وهو ما يفسر الاسم الذي يطلق على ناقلات الغاز الطبيعي المسال، علما أن الأسطول البحري الناقل للغاز المسال، مكون من 11 باخرة بمختلف الأحجام”.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الغاز المسال “ينقل في الحالة السائلة عن طريق البحر، ويعتبر أقل حجمًا بما يصل إلى 600 مرة، مقارنة بحالته الغازية.. يعني 600 م مكعب من الغاز الطبيعي تصبح 1 متر مكعب من الغاز المسال، والناقلات مصنعة خصيصا لنقل الغاز عبر غرف خاصة تحتمل الضغط، وهذا ما يسمح لناقلات الغاز الطبيعي المسال بنقل كميات كبيرة جدًا.”
قطاع الطّاقة.. توجيهات الرّئيس تبون تؤتي ثمارها
عرف قطاع الطاقة في 2023 سنة استثنائية تميزت بالتوقيع على العديد من الاتفاقات مع شركات دولية واكتشافات للمحروقات، سمحت للبلاد بزيادة عائداتها من التصدير وتكوين احتياطات إستراتيجية بالنسبة للاقتصاد الوطني.
توجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال آخر مجلس للوزراء لسنة 2022، المتعلقة “بزيادة إنتاج الغاز بغرض المحافظة على معدل الاستهلاك الوطني من جهة وتقوية التصدير من جهة أخرى تنفيذا لالتزامات الجزائر مع شركائها الأجانب”، قد تجسّدت فعليا في 2023.
بالفعل فإنّ السنة تختتم بحصيلة ثرية بالانجازات بالنسبة لقطاع الطاقة، تضمّنت إبرام العديد من الاتفاقات التي وقّعتها سوناطراك مع شركات عالمية خصّت مجالات تعاون مختلفة مرتبطة بالمحروقات، والتي تؤكّد دور الشركة الوطنية كممون موثوق للطاقة.
حسب الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات، فإنّ شركة سوناطراك قد وقّعت في 2023 في إطار القانون الجديد للمحروقات على عقود مع ستة شركات عالمية، وهي “إيني” و«أوكسيدونتال بيتروليوم” و«توتال إينرجيز” و«سينوبك” و«بيرتامينا”، فيما تجري مفاوضات مباشرة مع شركات كبرى للتوقيع على عقود أخرى.
مد خط أنابيب غاز جديد وكابل كهربائي – بحري مع إيطاليا
من بين أهم الاتفاقات الموقّعة أيضا في 2023، تلك الموقّعة بين مجمّع سوناطراك والمجمع الايطالي، “إيني” بالجزائر العاصمة المتعلقة بزيادة إمدادات الغاز والحد من إنبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
كما تمّ التوقيع على اتفاقات إستراتيجية ثنائية، تحت إشراف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ورئيسة مجلس وزراء إيطاليا، السيدة جورجيا ميلوني، التي كانت في زيارة إلى الجزائر، والمتعلقة بمد خط أنابيب غاز جديد لنقل الغاز الطبيعي وكذا الهيدروجين والأمونيا الزرقاء والخضراء بالتناوب، إلى جانب مد كابل كهربائي بحري ورفع قدرة تمييع الغاز الطبيعي الحالية.
وفي مجال التّسويق، تمّ في 2023 تجسيد عقود كبرى لنقل الغاز، حيث وقّعت سوناطراك والشركة الصينية “وانهوا كيميكال” على عقد لتموين مركب البتروكيمياء لـ “وانهوا” بالصين بغاز البترول المسال.كما وقّعت سوناطراك، خلال السنة المنصرمة، على اتفاقية مع شركة بوتاس التركية المتعلقة ببيع وشراء الغاز الطبيعي المميع الموجّه للسوق التركية لمدة ثلاث سنوات.وجسّدت الشركة الوطنية للمحروقات في يوليو 2023 أول شحنة تجارية من الغاز الطبيعي المسال لشركة “إيني” الإيطالية، على مستوى الميناء العائم الجديد لإعادة تحويله إلى غاز ببيومبينو بإيطاليا. وتمّ نقل هذه الشحنة بواسطة ناقلة الغاز المسال المملوكة للشركة الفرعية Hyproc ممّا يفتح آفاق لزيادة حجم الغاز نحو هذا الميناء.
وتنتهي سنة 2023 أيضا بإعادة بعث نشاطات سوناطراك في ليبيا.
وفيما يخص الاكتشافات، تمكّنت الشركة من تحقيق عشرة (10) اكتشافات للمكامن الناضجة للمحروقات، تضاف إلى 16 اكتشافا أنجز خلال سنة 2022، حيث تؤكّد هذه الاكتشافات الإمكانيات الكبيرة من البترول والغاز التي تمتلكها البلاد والجهود المبذولة في مجال الاستكشاف وتجديد الاحتياطي.وفيما يخص الغاز، أكّد الرئيس تبون، نهاية 2022على ضرورة مضاعفة الاكتشافات في هذا المجال من أجل رفع حجم الصادرات من نحو 53 مليار متر مكعب حاليا إلى ما يقارب 100 مليار متر مكعب.وبخصوص مداخيل الصادرات، سجّلت الجزائر نهاية سبتمبر 2023 حوالي 38 مليار دولار، ويرتقب أن تبلغ 48 مليار دولار نهاية السنة، حسب توقّعات الحكومة.
ومن جهة أخرى، تمّ استلام منشآت طاقوية هامة منها مركز تخزين وتوزيع الوقود بسيدي بلعباس بطاقة تقدّر بـ 180.000 متر مكعب، ويضمن استقلالية من الوقود لمدة 30 يوما لمنطقة الغرب والجنوب الغربي للبلاد.ومن أجل إنجاح الانتقال الطاقوي، تمّ الشروع في عدة مشاريع في 2023 منها، مناقصة أطلقها مجمّع “سونلغاز” لإنجاز مشروع إنتاج 2000 ميغاواط من الكهرباء الشمسية الكهروضوئية حيث يضم المشروع إنجاز 15 محطة شمسية كهروضوئية عبر 12 ولاية، بقدرة وحدة تتراوح بين 80 و220 ميغاواط، علاوة على إنجاز منشآت للربط بشبكة نقل الكهرباء.