تواصلت خلال سنة 2023 جهود ترقية الاطار المعيشي لحياة المواطن، وهذا تعزيزا للمكاسب المحققة وتكريسا للطابع الاجتماعي للدولة ضمن المقاربة الرامية الى تحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة تشمل جميع مناطق الوطن.
في هذا الاطار، ركزت الدولة على رفع القدرة الشرائية للمواطن وتحسين التكفل بالفئات الهشة وتدعيم أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد وتحسين إمكانية الاستفادة من السكن والخدمات العمومية الأساسية بهدف زيادة فرص التربية والتكوين وتمكين جميع المواطنين من الحصول على العلاج من خلال العديد من الاجراءات والتدابير.
ويترجم هذا التوجه العناية التي يوليها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، للطابع الاجتماعي للدولة، حيث تم في هذا الاطار إطلاق برنامج طموح لتعزيز المكتسبات الاجتماعية وخاصة فيما يتعلق بتلبية الحاجيات والخدمات الأساسية للمواطنين، مع تبني مقاربة ترتكز على تحسين نوعية هذه الخدمات وجودتها وضمان المساواة في الوصول إليها.
وتم في هذا المجال توجيه السياسات العمومية خلال السنوات الأخيرة نحو دعم القدرة الشرائية للمواطن عبر تثمين الأجور لصالح أزيد من 2،8 مليون موظف وعون متعاقد مع تعزيز العدالة الضريبية وضمان تغطية الاحتياجات الأساسية، خاصة للفئات الهشة، فضلا عن دعم مختلف برامج المساعدة الاجتماعية بما فيها تثمين المنح الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة والمعوزين وتحسين أداء صندوق النفقة لفائدة النساء المطلقات اللواتي تؤول لهن حضانة الأطفال.
وكان رئيس الجمهورية أبرز في السياق الجهود المعتبرة المبذولة في مجال التحويلات الاجتماعية التي مثلت نسبة 18،45% من الميزانية العامة الدولة برسم سنة 2023 من أجل مواجهة التحديات الناجمة عن ارتفاع أسعار المواد الأساسية في السوق الدولية وتفادي تأثيرها على المستوى المعيشي للمواطن.
وبخصوص السياسات المتعلقة بالتنمية البشرية، يجدر التذكير بالاهتمام الخاص الذي تم إيلاؤه لتطوير قطاع التربية والتعليم الذي كرس الدستور الجزائري مجانيته وجهود الدولة لترقية خدمات التعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني، لاسيما من خلال دعم الابتكار الصناعي والتكنولوجي والتكيف مع متطلبات سوق العمل وأهداف سياسة التنمية الاقتصادية الشاملة وكذا تحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية لمنتسبي هذا القطاع الهام وتثمين المنحة الجامعية لصالح أكثر من مليون و300 ألف طالب.
وإدراكا منه بأهمية تعزيز الاهتمام بالمجتمع وانشغالاته متعددة الجوانب، أكد الرئيس تبون أيضا على أن عالمية التحديات التي تواجه الوظيفة الاجتماعية للدول والضغط الذي تفرضه متطلبات التنمية الاقتصادية، تفرض العمل بشكل جماعي ومكثف من أجل إيجاد أفضل الصيغ والممارسات لتحسين آليات الدعم الاجتماعي وترقية وسائل الحماية، خاصة في شقها الموجه للفئات الهشة والمحرومة.
ومن هذا الجانب، عملت السلطات العمومية في إطار اهتمامها بالفئات الهشة والمعوزة على مواءمة شبكة الأجور مع القدرة الشرائية أولا ثم مع الدعم المستمر للفئة الضعيفة اجتماعيا، وذلك بمراعاة قيمة العمل ودفع عجلة الإنتاج كمرجعين أساسيين لرفع الرواتب.
وتجسيدا لهذه الأهداف على أرض الواقع، تم اقرار زيادة في الرواتب على مدى سنتي 2023 و 2024 ليتراوح مستواها بين 4500 دج و 8500 دج حسب الرتب، وهو ما يجعل الزيادات المقررة خلال سنوات 2022، 2023 و 2024 تصل إلى نسبة 47 بالمائة.
وتصب الزيادات في الأجور المعلن عنها، إضافة إلى رفع منح التقاعد والتخفيض في الضرائب على الدخل، في خانة تحسين القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، علما أنه لم يسجل في الجزائر أي رفع للأجور منذ نحو 10 سنوات الى 15 سنة، مثلما أكده رئيس الجمهورية الذي شدد على أن الدولة “تخوض معركة حقيقية لحماية القدرة الشرائية للمواطن من خلال مكافحة كل أشكال المضاربة ومحاربة الفساد بكل مظاهره”.
وصونا لكرامة المواطن، تم أيضا رفع الحد الأدنى لمنح التقاعد إلى 15 ألف دج لمن كان يتقاضى أقل من 10 آلاف دج وإلى 20 ألف دج لمن كان يتقاضى 15 ألف دج، لينسجم مع الحد الأدنى للأجور الذي عرف بدوره زيادة من 18 ألف إلى 20 ألف دج منذ العام 2021، كما تم ايضا رفع منحة البطالة من 13 ألف إلى 15 ألف دج صافية من كل الرسوم، بالإضافة إلى تكفل الدولة بأعباء التغطية الصحية للبطالين خلال فترة استفادتهم من المنحة.
وتأتي هذه المجهودات والمكاسب المحققة لتؤكد مجددا على أن اجتماعية الدولة الجزائرية تعد مبدأ ثابتا وراسخا، استنادا الى بيان أول نوفمبر 1954 الذي جعل الجزائر تحافظ على هذا المبدأ منذ الاستقلال وتعمل دوما على تكييف مضامينه مع المتطلبات الآنية، لاسيما بموجب التعديل الدستوري للفاتح نوفمبر 2020.