تميز عام 2023 في المجال الثقافي بصدور المرسوم الرئاسي المتضمن القانون الأساسي للفنان الذي لطالما انتظره الفنانون ومهنيو القطاع منذ سنوات طويلة، ليتحقق هكذا حلم هؤلاء في إطار يحدد لهم حقوقهم وواجباتهم ويثمن في نفس الوقت إبداعاتهم وإسهاماتهم في خدمة الثقافة والوطن.
كان العدد 70 للجريدة الرسمية، الصادر نهاية أكتوبر الماضي، ميزه المرسوم الرئاسي رقم 23- 376 المؤرخ في 7 ربيع الثاني عام 1445 الموافق لـ 22 أكتوبر سنة 2023، المتضمن للقانون الأساسي للفنان، وقد تحقق هذا المشروع بفضل توجيهات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الساعية لتحقيق تكفل أفضل بالمبدعين والفنانين.
وأشاد فنانون ومهنيون في القطاع من مختلف الولايات، من كتاب وموسيقيين ومسرحيين وممثلين ومخرجين وتشكيليين وتقنيين وغيرهم، بأحكام هذا القانون الذي يضمن لهم خصوصا حماية اجتماعية وقانونية توفر لهم وضعية سوسيو- مهنية مثالية، فضلا عن الاعتراف بإبداعاتهم وتثمينها.
وقد اعتبرت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، أن هذا القانون هو من “أهم المكتسبات الثقافية في الجزائر وحدث تاريخي في المشهد الثقافي الجزائري منذ الاستقلال”، مضيفة بأن إسهام الفنان الجزائري في الإثراء الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي للبلاد “كان ولا يزال ضرورة وطنية والتزاما مجتمعيا”.
كما شددت على أن رئيس الجمهورية قد أبدى حرصا شديدا بكل ما يرتقي بالثقافة الوطنية وأولى كذلك فائق العناية بفئة الفنانين، معتبرة أن عهد والتزام الرئيس تبون يرتسم واقعا مشهودا بصدور هذا القانون، وهذا في ظل رعايته السامية وحرصه النبيل على أن يكون الفنان الجزائري الواجهة المشرقة للبلاد داخل وخارج الوطن.
وذكرت الوزيرة، في هذا الإطار، بالالتزام السادس والأربعين لرئيس الجمهورية والذي ينص على تعزيز الثقافة والأنشطة الثقافية في بنده الخامس القاضي بتثمين مهنة الفنان وكل الفاعلين في مجال الثقافة وترقية دورهم الاجتماعي ووضعهم القانوني.
وكان المجلس الوطني للفنون والآداب، التابع لوزارة الثقافة والفنون، قد لعب دورا هاما في صدور هذا المرسوم، حيث كلف أعضاؤه، من فنانين معروفين وكذا ممثلين عن وزارتي الثقافة والفنون والعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، بإعداد وتحيين مدونة المهن الفنية ووضع معايير موضوعية وشفافة لاستصدار بطاقة الفنان وكذا وضع ميثاق أخلاقيات مهنة الفنان.
حقوق وواجبات
وجاء في المادة الأولى للفصل الأول لهذا المرسوم الرئاسي أن هذا الأخير يهدف إلى “تحديد حقوق وواجبات الفنان”، بحيث يخضع لأحكامه “الفنانون وتقنيو الأعمال الفنية وإداريو الأعمال الفنية، بمناسبة ممارستهم للنشاط الفني”.
ووفق هذا المرسوم، يعتبر فنانا “كل شخص طبيعي يمارس نشاطا فنيا، من خلال الإبداع أو المشاركة بأعماله الفنية أو الأدبية أو التقنية أو الإدارية في الإبداع أو إعادة الإبداع الفني، أو في أدائه أو تنفيذه بأي شكل كان وعلى جميع الدعائم، ويساهم بذلك في تطوير الفن والثقافة”، بينما يعتبر تقني الأعمال الفنية “كل شخص يقوم بعمل تقني يساعد الفنان، بشكل مباشر أو غير مباشر، في إنجاز النشاط الفني”، في حين أن إداري الأعمال الفنية هو “كل شخص يقوم بعمل إداري يساعد الفنان، بشكل مباشر أو غير مباشر، في إنجاز النشاط الفني”.
وبموجب هذا المرسوم، يستفيد الفنان وتقني الأعمال الفنية وإداري الأعمال الفنية من العديد من الحقوق على غرار الحصول على بطاقة فنان، الإبداع الفكري، ممارسة النشاط الفني بكل حرية في ظل احترام التشريع والتنظيم المعمول بهما، الحصول على عقد فني، الحصول على مقابل نشاط فني، وكذا الحماية الاجتماعية والتقاعد.
ومن جهة أخرى، يلتزم الفنان باحترام الواجبات المنصوص عليها في العقد الفني، احترام النظام العام والآداب العامة، تسديد المستحقات الضريبية ذات الصلة بالنشاط الفني المنصوص عليها في التشريع المعمول به، احترام أحكام ميثاق أخلاقيات مهنة الفنان الذي يعده المجلس الوطني للفنون والآداب، وغيرها من الواجبات.
وتضمن المرسوم أيضا، وفي سياق ممارسة النشاطات الفنية، أحكاما خاصة بالأطفال (أقل من 16 سنة)، وكذا الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وأحكاما كذلك خاصة بالفنانين الأجانب، بالإضافة إلى شروحات متعلقة بالحماية الاجتماعية للفنان وبطاقة الفنان والعقد الفني ومقابل النشاط الفني والمؤسسات الفنية وغيرها.
وقد جاء في المرسوم أيضا أن مدونة المهن الفنية تحدد وتحين بموجب قرار من الوزير المكلف بالثقافة، بعد موافقة المجلس الوطني للفنون والآداب عليها، حيث تحدد المهن الفنية حسب المجالات الآتية: الفنون الأدبية، الفنون المسرحية، الفنون الموسيقية، فنون العرض، الفنون الكوريغرافية، الفنون البصرية، الفنون السينماتوغرافية والسمعية البصرية، فنون الشارع والفنون الرقمية