التّرهات التي أطلقها الصهاينة وحلفاؤهم من أجل تبرير حربهم الهمجيّة على الفلسطينيين، لم تعد تقنع أحدا من العالمين. ولقد اتّضح، مع تفاقم الأزمة الإنسانية الخانقة، واتساع مساحة الإبادة، أن المقصد (الخفيّ) يتجاوز الردّ على عملية «طوفان الأقصى»، و»تخليص الأسرى»؛ فهذه –كلها على بعضها– كان يمكن تحقيقها بـ»التفاوض» في بضعة أيام، غير أن الكيان الصهيوني لم يظهر أي حرص على «الأسرى»، كما جرت عادته، وإنما سارع إلى تجييش كل قدراته، واستنفار جميع حلفائه من أجل الإمعان في القتل والتدمير، ولا شيء غير القتل والتدمير..
وليس يخفى أن اجتماع شمل الفصائل الفلسطينية، وإجماعُها على كلمة واحدة، كان أقسى ضربة يتلقاها الكيان، فلم يجد – وقتها – سوى جمع «جلاديه» كي يطلق العنان للاستفزازات اليومية.. وأمعن الجلادون في القتل والاعتقال، وبالغوا وأبدعوا في اعتداءات لم يسلم منها شجر ولا حجر، ومع ذلك لم يُشفَ غلّ الصهاينة ولم يخمد حقدُهم؛ ذلك لأن «الوحدة الفلسطينية» كانت طعنة نجلاء في قلب المشروع الصّهيوني الآثم..
لا نستغرب، إذن، حين نرى الصهاينة يغيّرون من إستراتيجيتهم في التعامل، ونلاحظ أنهم لم يكتفوا بإهمال الأسرى، (بعد أن كانوا يبادلون الأسير الصهيوني الواحد بأكثر من ألف فلسطيني)، بل صاروا يحرصون على نشر صور قتلاهم المفترضين، و(التّغني) بخسائرهم، كي يوهموا العالم بأنهم يخوضون حربا حقيقية ضد جيش متمرّس، مع أنهم يلقون بنيرانهم الضارية على مدنيين عزّل لا قوت لهم ولا قوة..
نعتقد أن «حرب الإبادة» قدّمت كل البراهين على أن المقصد الخفيّ للصهاينة، هو الحؤول دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة؛ لهذا، نرى أن الحل الوحيد اليوم، يمرّ عبر وحدة الصّفّ، وتكاتف الجهود من أجل إقامة الدّولة..
وليبارك الله جهود الصامدين الصابرين..