تحتوي الوثائق الأرشيفية الخاصة بتاريخ الجزائر والمتواجدة بإيطاليا، معطيات وشهادات مكتوبة تخص تاريخ الجزائر إبان العهد العثماني وتتطرق إلى الأحوال الاجتماعية والسياسية والعسكرية والصحية وكذا العلاقات الدبلوماسية الجزائرية خلال الفترة ما بين القرنين 16 و19، بحسب ما أكده، أمس الثلاثاء، بالجزائر العاصمة، أستاذ التاريخ الحديث إبراهيم سعيود.
في محاضرة بمقر المتحف العمومي البحري، أبرز إبراهيم سعيود، أستاذ باحث في التاريخ الحديث بجامعة الجزائر2 في محاضرة بعنوان “وثائق تاريخ الجزائر المحفوظة في الأرشيفات الإيطالية”، أن هناك “دور أرشيف إيطالية كثيرة تضم مجموعات هامة من الأرشيف الذي يخص الجزائر، ويمكن استغلاله لمعرفة الأحوال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأيضا الصحية، وكذا تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والدويلات الإيطالية من القرن 16 وإلى غاية القرن 19”.
واستعرض سعيود، على ضوء بحوثه الميدانية، ما تضمه خمسة مراكز أرشيفية هامة في إيطاليا، على غرار أرشيف مكتبة الفاتيكان وأرشيف الفيكارياتو بروما، حيث “نعثر في هذه المراكز على أرشيفات ذات مواضيع متصلة بالأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والصحية والدبلوماسية أيضا”.
وتضم هذه المراكز -يضيف المتحدث- “عدة مجموعات صنفت ضمن مجموعات ثانوية تابعة لها بحسب المناطق الجغرافية التي وردت منها التقارير، حيث انفردت منطقة شمال إفريقيا باثنين وعشرين مجلدا تشمل الفترة الممتدة من 1638 وإلى غاية 1892”.
وتبرز من بين هذه المجموعات الثانوية، مجموعة تضم “460 صفحة من الوثائق تغطي الفترة ما بين 1783 و1791، تخص الجزائر وتونس وطرابلس، وهي في الغالب عبارة عن تقارير مرسلة من قبل قناصلة أوروبيين وتجار وغيرهم قدموا تقارير عديدة، منها ما يخص الوضع الصحي في الجزائر أثناء انتشار الطاعون في 1691 ومنها ما يخص العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وعدد من الدول”.
وتحتوي هذه المجموعة أيضا، على رسائل بعثها أسرى مسلمون وفي مقدمتهم جزائريون كانوا محتجزين في مناطق تابعة للفاتيكان، ومن بينها رسالة لأسير جزائري يدعى “أحمد” كان محتجزا في نابولي إلى بابا الفاتيكان آنذاك، مقدما في سياق كلامه نماذج عنها، تبرز أن أصحابها كانوا يتمتعون “بمستوى ثقافي وتعليمي..”.
ويعتبر أرشيف مكتبة الفاتيكان -بحسب المتحدث- “هاما جدا” للدارسين، لأنه “يعطي نظرة حول العلاقات السياسية والتاريخية بين الجزائر وإيطاليا. ومن بين ما يحتوي نجد أرشيفا خاصا ومفصلا بالحملة الإسبانية على مدينة الجزائر، إضافة الى نص عن المعاهدة المبرمة بين الجزائر والبندقية في 1763”.
وأما أرشيف الفيكارياتو بروما، فتظهر فيه “وثائق تتعلق بقضية التنصير أو عمليات التعميد التي مورست عنوة على الأسرى المسلمين، وذلك خلال القرنين 17 و18، والذين تجاوز عددهم الألف أسير أغلبهم جزائريون..”.
ويتميز من جهته أرشيف ليفورنو بصفحات خاصة حول علاقة مقاطعة توسكانيا الإيطالية مع الجزائر خلال الثلث الأخير من القرن 16، وهي مراسلات امتدت ما بين 1577 و1590 تعتبر اليوم بمثابة “وثائق هامة حول العلاقات بين الجزائر وإيطاليا”.
وخلص سعيود إلى القول، إن هذه الوثائق “موجودة بكثرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بدءاً بإيطاليا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال، وهي محطات تستحق أن ننفتح عليها من أجل تنويع المصادر التاريخية وإثراء صفحات تاريخ الجزائر القديم”.
ودعا المتحدث في هذا السياق، إلى “تفعيل التعاون بين مختلف مراكز الأرشيف الوطنية ونظيراتها في إيطاليا لخلق ديناميكية في العمل الأرشيفي من خلال فرق بحث وتجسيد التعاون الثقافي بين الجزائر وهذه الدول”.