ثمانون يوما، قد تكون الأطول في تاريخ فلسطين، والأطول في تاريخ الأمة العربية، فقد شهدت همجية غير مسبوقة ضد شعب أعزل لا يملك من متاع الدنيا سوى ارتباطه بأرض يقدّم لها قرابين الولاء من دمه، ويفتديها بروحه.. إنه الشعب الفلسطيني الشقيق، الذي يواصل استقبال الموت وحيدا، في عالم من فسطاطين (كما وصفه الكاوبوي ذات عام).. فسطاط يكتفي بمتابعة الأخبار على الشاشات، بحكم أنه لا يملك غير الدّعاء (في أحسن الأحوال).. وفسطاط يدعم الصهاينة دون قيد ولا شرط، من أجل الولغ في دماء الأبرياء الطاهرة..
ثمانون يوما مضت.. الأخبار المريعة تحوّلت إلى مجرد أحداث معتادة، مع أن الواقع المعيش مؤلم للغاية.. توقفت المسيرات.. سكتت الشعارات، وهدأت الخطابات المضادة للكيان الصهيوني، وبقي الفلسطيني وحده يستقبل الصواريخ الهمجية.. بقي الفلسطيني مفردا يواجه بشاعة العالم البغيض..
ثمانون يوما مضت.. القصف يزداد ضراوة.. شهداء يشيعون الشهداء، ولا بارقة أمل تلوح في الأفق، لوقف العدوان..
ثمانون يوما مضت.. انطفأت البسمات الفلسطينية على وجوه الأطفال.. البسمات لم تعد تشرق إلا من شفاه أولئك الذين يستقبلون النيران بصدورهم العارية، حتى كأن المبتسمين يصرخون في وجه العالم قائلين: ..ها تركنا لكم متّسعا على الأرض كي لا تموتوا..
ثمانون يوما.. ولم يكفّ بارونات الحروب عن غيّهم وطغيانهم، بل إن الكاوبوي العجوز خرج مولولا كي يعلن بأن ما قيل عن مكالمة هاتفية أجراها مع النتن ياهو، ليطلب منه توقيف القتل.. مجرد إشاعة لا أساس لها من الصحة.. هكذا.. بمنتهى الصفاقة..
ثمانون يوما مضت.. هي رغم الداء والأعداء، عنوان منير للصمود..
ولا نامت أعين الجبناء..