دخلت مسرحية “يوم قبل القيامة” للمسرح الجهوي بمعسكر غمار منافسة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، وهو عمل يتحدث عن أحوال الناس وصراع الأجيال بين الرغبة في التغيير إلى الأحسن أو الحفاظ عن المألوف.
كانت مشاركة المسرح الجهوي “بشير زحاف” لمعسكر في منافسة رابع يوم من عمر الطبعة الـ16 لمهرجان المسرح المحترف فرصة لتقديم العرض الشرفي “يوم قبل القيامة” للمؤلف محمد بورحلة وإخراج محمد فريمهدي وهي مسرحية من نوع الكوميديا الدرامية تطرح مجموعة من التساؤلات حول واقع الفن وماهيته والصراع الذي يعيشه المبدع في علاقته بالجمهور والموضوع.
تدور أحداث المسرحية داخل قاعة تبديل الملابس بأحد المسارح، لتكشف بشكل عبثي طباع الإنسان عندما يكون مسجونا داخل عاداته القديمة وعاجزا عن التغيير ولا يتقبل الخروج عن المألوف بحجة معرفته للحاضر وخوفه من غموض المستقبل.
ولتجسيد هذه المعادلة اعتمدت المسرحية على سينوغرافيا منفتحة وعملية دون تكلف وضعت الشخوص في جو عام يناسب شخصياتهم كفنانين مسرحيين ويمنحهم القدرة على التأقلم مع تصاعد الأحداث إذ كانت مساحة الأداء محددة مسبقا ضمن إطار حدده المخرج تماما مثلما تقتضيه العلبة الإيطالية ولكن رغبة الخروج عن أسسها كانت جامحة من خلال الموضوع المطروح في هذا العمل.
يتعرف الجمهور في بداية العرض على شخصيتين رئيستين هما “مدام لوله” أو “مسعودة لاكلاس” (دليلة نوار) و”أمال” (عديلة بوسواليم)، ممثلتين من فرقة واحدة لكنهما من جيلين مختلفين، الاولى تعيش مع ذكريات الماضي وتدعي النجومية فيما تبدو الثانية متمردة غارقة في الخيال والأحلام وتدعي أنها تسمع صوت الصمت فتصرخ في وجهه لإخافته.
وسرعان ما يصبح هذا التناقض بين الشخصيتين فسحة حوارية مفعمة وجدال واختلاف يتحول إلى لحظات للبوح والاعتراف بهموم كل واحدة منهما والمشاكل التي تعتريهما في مهنة التمثيل. بكاء وعناد وصراخ وغناء ورقص انعش الخشبة وتجاوب معه الجمهور بحفاوة بارزة.
تمتلئ الخشبة بالممثلين والخيالات بظهور عناصر تمثيلية جديدة على غرار “سعدون” (بوترفاس أمين) ثم “المخرج” (سيد أحمد بومدين) ثم “الرجل المجهول” الذي قد يكون شكسبير أو شبح المسرح أو واحد من الجمهور ، ليدخل الجميع في جدال تصاعدي حول قبول أو رفض تجربة مسرحية جديدة وتغيير أسلوب العمل والازياء والحوار والموضوع وكل شيء، إلا أن الاختيار كان صعبا وأحيانا صداميا ذلك أن التغيير بالنسبة للبعض هو القيامة ونهاية الجميل المألوف والدخول إلى صقيع المجهول.