أكد الدكتور موسى بودهان، مختص في الشؤون القانونية، أن وضع حقوق الإنسان في العالم في 2023 كارثي وغير مسبوق، بسبب ما يجري حاليا في غزة من جرائم إبادة جماعية في حق الشعب الفلسطيني، طالت الأطفال الأبرياء والنساء والمباني والمساجد، فلم يسلم من وحشية العدوان الصهيوني لا إنسان ولا حيوان ولا نبات ولا جماد.
قال الدكتور بودهان، في حديث لـ”الشعب أونلاين”: ” للحديث عن حقوق الإنسان وما تعانيه الشعوب في هذا المجال، وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني والشعب الصحراوي، وغيرهما من الشعوب المستعمرة والمضطهدة والمقهورة والمظلومة حتى في أول حق أقرته الأمم المتحدة للإنسان وهو حقه في الحياة، كل دول العالم أحيت في العاشر ديسمبر الذكرى الـ75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هذه الأخيرة في وضعية كارثية وإنسانية غير مسبوقة”.
وأضاف: ” نتحدث عن حقوق الإنسان وإخواننا في فلسطين والصحراء الغربية يعانون الأمرين في كل المجالات، يحاول الكيان الصهيوني حرمان شعب فلسطين من اول حق له وهو الحياة الى جانب حرمانه من الحقوق الأخرى، وهي العيش في أمان وسلام واستقرار، وغيرها من الحقوق”.
وأشار محدثنا، إلى أن الدول التي سعت إلى إرساء مؤسسات واليات قانونية دولية هي الدول الأولى، التي تخرق اليوم هذه الآليات والمؤسسات، فالولايات المتحدة الأمريكية ومعها بعض الدول الأوروبية، هي المبادرة إلى إنشاء ما يسمى لجنة الصليب الأحمر الدولي واللجنة الاستشارية الدولية لحقوق الإنسان، وفيما بعد سعت الى إنشاء المجلس الدولي لحقوق الإنسان ليحل محل هذه اللجنة.
يقول الدكتور بودهان: ” فرنسا، التي تتشدق بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لأنه صدر في بلادها. فرنسا وغيرها من الدول أزعجت رؤوسنا بالحديث عن حقوق الإنسان، ولكن من الناحية العملية هي الدولة الأولى، التي خرقت أبسط متطلبات حقوق الإنسان. ما يعني ان لهذه الدول معايير مزدوجة لحقوق الإنسان، عندهم شيء وحقوق الإنسان في الدول العربية والإسلامية، وخاصة في فلسطين والصحراء الغربية شيء آخر تماما”.
وأبرز المختص في الشؤون القانونية أن المعاملة في مجال حقوق الإنسان لدى هذه الدول المسماة عظمى هي معاملة تميزية حتى باستعمال خطب الكراهية والتمييز العنصري، وكثيرا ما تشدقت بانها تحارب هذه الخطب، وقد سعت الى سن العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بصفة عامة.
وأضاف أن هذه الدول نصبت العديد من الآليات المؤسساتية، لكن ما يهم أن هذه الدول لم تحترم أبسط آلية من هذه الآليات، وقال: “عولنا كثيرا على الهيئات الدولية لإنصاف الشعبين الصحراوي والفلسطيني في دفاعهما عن حقوقهما المشروعة في إقامة دولتهما المستقلة في المنطقتين العربية والإسلامية، هذه الشعوب هي، التي تعاني من هذه الإشكالية المعقدة وهذا الظلم والإعتداءات على أبسط الحقوق الانسان والمكرسة للشعوب في ظل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية”.
في هذا الصدد، نوّه بودهان، بخطوات ومبادرات تقوم بها الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في مجال حقوق الإنسان والشعوب، وقال إن أفضل مثال هو النداء القوي، الذي وجهه إلى أحرار العالم والمنظمات الحقوقية والمحامين والقضاة للتحرك السريع والعاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وحماية ما يمكن حمايته من الحقوق المكرسة لكافة الشعوب المناضلة من أجل التحرر والاستقلال السياسي والإقتصادي والاجتماعي.
وأضاف: “من بين هذه الشعوب الشعبين الفلسطيني والصحراوي، ناداهم من أجل إقامة الحجة ومتابعة الكيان الصهيوني المعتدي المجرم على ما اقترفه من جرائم إبادة، من أجل تفعيل المحكمة الجنائية الدولية حتى تدين هذا الكيان الصهيوني فعليا، وتسلط عليه العقوبات المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، وتجسيد متطلبات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع الاتفاقيات الدولية، منها اتفاقية لاهاي وجنيف وغيرها من الاتفاقيات المتعلقة بالحقوق والحريات”.
الجزائر أرست دعائم قانونية لحريات وحقوق الإنسان
وأكد المختص القانوني أن الجزائر أرست الدعائم المؤسساتية والقانونية الضامنة لحريات وحقوق الإنسان، حتى يعيش المواطن الجزائري في هناء وأمن واستقرار.
وفي هذا الشأن، ذكر بودهان، بما ورد في ديباجة الدستور2020 وفي المواد من 34الى 77، التي تتحدث عن أنواع الحقوق، إضافة إلى حقوق جديدة مثل الحق في الثقافة والإعلام، وتوسيع دائرة الحقوق والحريات بحوالي 44 مادة منصوص عليها.
وقال: ” نحن في دولة الحق والقانون، يفترض في أي دولة تدعي أنها دولة حق وقانون أن تكرس مجالات كثيرة للحقوق والحريات، وتطبق هذه الآليات والقوانين المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات في أرض الواقع”.
وأشار بودهان إلى أن من بين مظاهر حقوق الإنسان في الجزائر وجود أكثر من 120 الف جمعية وطنية ومحلية في مختلف المجالات الرياضية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية والإنسانية والخيرية.
وأوضح أن القانون 06-12 في الدستور الحالي، ينص صراحة على ان انشاء الجمعيات أصبح من الأمور البسيطة الميسورة، ويكفي التصريح بذلك حتى تنشئ اي جمعية، ونص على ضرورة حماية هذه الجمعيات، ومنحها صفة المنفعة العامة كلما توفرت فيها شروط ذلك.
ونص الدستور أيضا في مادته 53 على ان الجمعيات لا يمكن حلها او توقيف نشاطها الا من خلال حكم قضائي ونهائي، حيث ان الدستور حصن الجمعيات وأعطاها حماية خاصة، سواء من حيث التأسيس او توقيف نشاطها وحلها، فثمة حصانة دستورية وليس قانونية فقط، مثلما يقول محدثنا.
الجمعيات من ابرز مظاهر حرية الأفراد
وأكد بودهان ان الجمعيات من أبرز الأمثلة في مجال حقوق وحرية الأفراد، الحقوق الاساسية والحريات العامة الى جانب الأحزاب السياسية.
وقال: ” يكفي أن القانون، الذي سيحكم الجمعيات عضوي وليس قانونا عاديا، وفي ذلك اهتمام كبير بالنسبة للجمعيات والمجتمع المدني. يجب ان نشير الى ان المجتمع المدني كرس له الدستور في مادته 213، اطارا مؤسساتيا ذي طابع استشاري، له مهام كثيرة وعديدة”.
وأشار إلى أن رئيس الجمهورية، يعلق آمالا كبيرة على المجتمع المدني، وعلى الجمعيات والمنظمات بشتى أنواعها وتخصصاتها، كما أن رئيس الجمهورية، أدخل في المؤسسات الاستشارية المنصوص عليها في الدستور عنصرا جديدا يتمثل في المجلس الأعلى للشباب، هذا الأخير يضم شبابا ينتمون إلى جمعيات أو منظمات المجتمع المدني.
وأبرز أنه في مجال الحقوق والحريات، تحدث المشرع عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وسن قانونا خاصا به سنة 2016، وعدل وسن مرسوم رئاسي خاص به وعدل، هو أيضا من حيث تشكيلته وعمله وتنظيمه وسيره، وان المجلس الوطني لحقوق الإنسان منصوص عليه في مواد عديدة.
وأكد أن هذا المجلس مهم كثيرا لأنه جهاز ذي طابع استشاري ورقابي، يوضع كهيئة مستقلة لدى رئيس الجمهورية، ما يسمح له بالعمل على ترقية وحماية حقوق الإنسان. يكلف في هذا الاطار بتقديم اراء وتوصيات ومقترحات وتقارير للحكومة او البرلمان حول اي مسألة تتعلق بحقوق الانسان ان كان ذلك على الصعيد الوطني او الدولي سواء بمبادرة منه او بطلب من البرلمان او الحكومة.
وأوضح بودهان، أن المجلس يساهم في تقديم تقارير، تقدمها الجزائر دوريا امام آليات وهيئات الأمم المتحدة والمؤسسات الإقليمية، لتنفيذ التزاماتها الدولية، ويساهم في ترقية ثقافة حقوق الإنسان من خلال التكوين المستمر وتنظيم المنتديات الوطنية والإقليمية والدولية وانجاز البحوث والدراسات، وغيرها من المهام دون المساس بصلاحيات السلطات الأخرى خاصة السلطة القضائية.
وأشار إلى أن تعيين أعضاء المجلس الوطني لحقوق الانسان، بموجب مرسوم رئاسي من طرف رئيس الجمهورية، مدة أربع سنوات، وهي عهدة قابلة للتجديد دون تحديد. ينتخب رئيس هذا المجلس من بين أعضاء المجلس مدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، يستفيدون من الحماية من التهديد والإهانة طبقا لقانون العقوبات.