أبان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في خطابه للأمة أمام البرلمان، مرّة أخرى، عن صدقية علاقته بالشعب وممثليه، وارتباطه الوثيق بقضايا الوطن، وتطلعات الجزائريين وشغفهم برؤية بلادهم شامخة ومُقتدرة ومُهابة وسط الأمم.
قال الباحث في العلوم السياسية، الدكتور محمد أديب حميدي، في قراءة لمضمون خطاب الرئيس تبون للأمة، أنه أثبت للجزائريين خلال هذه المرحلة وجود قيادة رشيدة، استطاعت شغل المكان والزمان، حيث أصبح الشعب مرتبطا به ارتباطا وثيقا.
وأوضح الدكتور محمد أديب في اتصال مع «الشعب»، أن الجزائر بهذا الخطاب التاريخي، عادت إلى طيف حقبة الرئيس الزعيم الراحل هواري بومدين من خلال صورة الرئيس تبون ابن الشعب، كما ساهمت في تلك الحالة النفسية ما يعيشه الوطن من استقرار على كافة الأصعدة.
وأضاف المتحدث، أن الرئيس عبد المجيد تبون كان جد مرتاح في خطابه، وهو يقف أمام ممثلي الشعب الجزائري؛ إذ يعود ذلك الارتياح إلى أهمية المحطة في تاريخ الجزائر من ناحية دسترتها أولا، واقتفاء أثار الزعيم هواري بومدين ثانيًا، فهما الرئيسان الوحيدان اللذان سجل لهما التاريخ هذه الوقفة.
خطاب مضبوط شكلاً
أفاد الدكتور محمد أديب حميدي، أن خطاب الرئيس كان في شكل مضبوط، وتميز بسرد الأحداث التاريخية المحلية التي طبعت فترة صعبة من تاريخ البلاد، بهدف وضع المستمع في الصورة، واسترجاع ذكرى لا يجب على الجزائريين نسيانها.
وتابع حميدي قائلاً: «جاء خطاب الأمة ختاما لعمل حكومي طيلة سنة كاملة، رافقته مقاربة سياسية تقوم على التواصل المباشر مع المواطنين في الولايات، واستقبال الشخصيات السياسية الوطنية على مستوى الرئاسة للتواصل والتدارس، ثمّ اللقاء برئيسي غرفتي البرلمان».
ويلتمس المستمع من خطاب الرئيس جملة من الميزات أو الخصائص مثل البساطة في الطرح، والعفوية، والصدق في التفاعل، والتعبير الحقيقي عن ما بداخل الرجل من جروح قديمة رافقت خشيته على الجزائر من الانهيار، و فرحة عارمة لانتصار الوطن وسلامته، بحسب قوله.
خطاب مُتَّزن مضموناً
أمّا من حيث المضمون، مثلما أبرز محمد أديب، فقد ارتكزت كلمة الرئيس على التذكير بالالتزامات الأربعة والخمسين خلال سباق رئاسيات 2019م، ثم تناول أهم الانجازات والآفاق المستقبلية لعمل فريقه الحكومي.
علاوة على ذلك، التأكيد على القطيعة النهائية مع فاسدي المرحلة السابقة، والإشادة بمكانة الجيش الوطني الشعبي ودوره في الحفاظ على الجمهورية، وتوصيف دقيق لمعالم الجزائر الجديدة التي عرفت إصلاحات حقيقية عبر كل القطاعات والميادين، وإبراز فضل الرجال والإطارات العاملة المُخلصة للوطن، مع التأكيد على بناء اقتصاد ثقيل قوامه ما تزخر به البلاد من مناجم خصوصا الحديد والفوسفات إلى جانب البترول والغاز.
واستطرد الدكتور «الظاهر من خلال ذلك اليوم التاريخي أن رغبة الرئيس في خدمة الجزائر لا حدود لها، وساعده في ذلك ما تحقق من انجازات لحد الآن، حيث رفع من قيمة المجلس الشعبي الوطني وكذا مجلس الأمة، من خلال وصف الأعضاء بالبعيدين عن المال الفاسد وغير الفاسد، والتنويه بأهمية المرجعية التاريخية خصوصا صورة الرئيس الزعيم هواري بومدين».
خطاب مسبوق بإنجازات
لفت حميدي إلى أن هذا الخطاب التاريخي سبقه انجازات ميزت فترة حكم الرئيس وبالخصوص في سنتي 2022 و2023م، في طليعتها تحقيق إقلاع وانفتاح اقتصادي، وحكامة منتهجة مسندة بسرعة اتخاذ القرار والتنفيذ ميدانيا بشكل ملموس في ظل الاستشراف والاستدامة، ولوحظ ذلك، حسبه، على مستوى كل الميادين من فلاحة وصناعة ونحوهما، التسيير المحلي الخالص المتبوع بالرقابة والإشراف المركزي، ووضع البرامج بأهداف مباشرة ومعلومة ومعقولة، وتنفيذ سريع حقيقي. فضلا عن ذلك، سُجِّل في المرحلة التاريخية السابقة انتصار الرئيس لقضايا الأمة والقضايا العادلة للشعوب، وخصوصا دولتي فلسطين والصحراء الغربية وغيرهما من القضايا. وقد خلص الدكتور محمد أديب حميدي، إلى أن الرئيس تبون صاحب البرنامج والمشروع، وكان مُلِمًّا بالأرقام والمضامين، وخطابه واضح الرؤية بالنسبة لضروريات التنمية، كما يظهر جليًا أن إنسانيته بل وحبّه للوطن، وتكوينه التقني، وابتعاده عن الأيديولوجية، ومعرفته بدواليب السلطة والحكم، أهَّل الرجل لوضع قواعد الجزائر الجديدة التي تمر حتما عبر الحكامة ومحاربة الفساد والرقمنة، وبناء اقتصاد قوي قائم على إشراك الأجيال الشابة بما يضمن حاضر البلاد ومستقبلها.