شهد عام 2023 إنجازات تنموية في قطاعات عدّة في الولايات الداخلية، كان على رأسها تشييد وتدشين مشاريع بنى تحتية في مجالات السكة الحديدية، الطرقات، الفلاحة، الصناعة، الاستثمار، الصحة والتربية، بغية دمج تلك الجماعات المحلية النائية في المنظومة الاقتصادية الوطنية التي تسجل دينامية نمو متسارعة.
ركّزت السّلطات العمومية خلال سنة 2023 اهتمامها بالولايات ذات النسق التنموي الضعيف، الموروث من الفترات الزمنية السابقة من أجل استنهاض عوامل التنمية فيها، بما يتماشى مع تطلعات وآمال مواطنيها، على غرار الجلفة وتندوف وخنشلة وتيسمسيلت، وحتى الولايات الجديدة المستحدثة قبل سنوات.
وقد كانت المشاريع القاعدية في طليعة المشاريع المسطّر،ة والمنفذة في الولايات المستهدفة بالبرامج التكميلية مثل الربط بشبكة السكك الحديدية والطرق السيارة؛ كونها مهمة في جانب تطوير المنظومة الاقتصادية المحلية، ولها انعكاسات اجتماعية ايجابية تتعلق بتوفير مناصب الشغل وإنهاء العزلة الداخلية للمنطقة.
وفي هذا الصدد، أكّد رئيس المركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية، ياسين عبيدات، أنّ أهم ما ميز السنة الحالية إيلاء الدولة أهمية قصوى للمناطق المعزولة، وعلى رأسها الولايات الحدودية، والولايات الداخلية التي كانت تعاني من تهميش سابقا.
وقال ياسين عبيدات في تصريح خصّ به “الشعب”، أنّ الولايات والمناطق الحدودية والسهبية المعزولة، المستهدفة بالبرامج التنموية التكميلية، عرفت نقصا في التنمية المحلية، وتُعاني من فوارق واختلالات في عديد المجالات مقارنة بجماعات محلية أخرى عبر الوطن، وجاء الاهتمام الرسمي بها لاستدراك النقائص، وإعادة النظر في وضعياتها لتحقيق التوازن بين مختلف أقاليم البلاد.
وأشار عبيدات إلى أنّ تلك الإجراءات والخطوات لفائدة المناطق المعزولة، تندرج ضمن التزامات رئيس الجمهورية التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، القاضية بتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وإنهاء الفوارق التنموية المسجلة بين الجهات، من خلال التركيز على تنمية مناطق الظل والنقاط المهمّشة والفقيرة.
وأضاف المتحدث ذاته، بأنّه تحقّق من البرامج الكثير، والعمل جار على استكمال باقي العمليات المسجلة، حيث تم التكفل بأزيد من 80 % من المشاريع التنموية شملت عديد القطاعات الحيوية مثل الماء الصالح للشرب، غاز المدينة، الربط بالشبكة الكهربائية، فتح المسالك الريفية، إنجاز المجمعات والمرافق التعليمية والصحية والرياضية، توفير النقل المدرسي، وشق الطرقات وغيرها من المسائل الحياتية التي تهم المواطن بشكل أساسي.
كما تميّزت سنة 2023، مثلما أوضح عبيدات، ببروز سياسية اتصالية ناجعة لرئيس الجمهورية مع المواطنين، المعروف عنه العفوية، واعتماد الصرامة، والمتابعة للعمل الميداني، والحوار كمنهجية بناءة لتسيير الشأن الوطني.
وتابع قائلا: “السياسة الاتصالية للرّئيس ساهمت في التكفل بالانشغالات المسجّلة وتنفيذها في الآجال المحدّدة، حيث عرفت العملية توقيف عديد الإطارات والمسؤولين المتقاعسين عن تنفيذ المهام المطلوبة منهم، كما شهدت المناطق المعنية إنزالا وزاريا، ولجان تفتيش، ومتابعة دورية من الولاة ومختلف المسؤولين المحليين والمركزيين”.
إلى ذلك، أشاد عبيدات ياسين بالبرامج التنموية التكميلية التي جرى تنفيذها ولا يزال تجسيدها متواصلا حاليا ببعض الولايات والمناطق الداخلية والجنوبية، التي كانت تعرف نقصا في وضعية التنمية، على غرار ما تمّ تخصيصه من أغلفة مالية هامة لفائدة ولايات خنشلة وتيسمسيلت والجلفة، ومؤخرًا ولاية تندوف الحدودية التي تمّ تخصيص 29.5 مليار دينار لتحسين ظروف معيشة مواطنيها.
البرامج التكميلية الخاصة بتنمية الولايات المعزولة ساهمت في فكّ العزلة عنها، وضمان انخراطها في الدورة التنموية والاقتصادية الوطنية، لا سيما مع توجه الدولة إلى تحفيز الاستثمارات المحلية المنتجة للثروة في شتى القطاعات، وسمحت أيضًا بالتكفل بانشغالات السّاكنة وفعاليات المجتمع المدني، الذين لطالما انتظروا تجسيد طموحاتهم التنموية والاجتماعية.