زفّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للجزائريين خبر إطلاق برنامج عدل-3 من ولاية الجلفة، خلال زيارته للولاية في 29 أكتوبر 2023، وهو القرار الذي أثلج صدور عشرات الآلاف من العائلات وحتى الشباب الذين فوتوا عملية التسجيل في البرنامجين الأول والثاني، بسبب عدم توفر شرط السن، أو الأجر، أو لأسباب أخرى أجلت فرحتهم في امتلاك سكن بهذه الصيغة شبه الاجتماعية التي توفر السكن الميسر والمعقول للجزائريين من خلال مجموعة من الإجراءات والتدابير.
سبق لرئيس الجمهورية أن بعث قبل الإعلان الرسمي عن إطلاق برنامج عدل-3، برسائل طمأنة للجزائريين قبل هذا التاريخ، تفيد باستمرار إنجاز مثل هذه المشاريع السكنية تلبية للطلبات الملحة، حيث أكد في لقائه مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية يوم 5 أوت 2023، بأن برنامج سكنات البيع بالإيجار أو ما يعرف عند الجزائريين باسم “سكنات عدل” ستتواصل، لكونها موجهة للطبقة المتوسطة التي يتعين حمايتها لأنها “ركيزة البلاد”، حيث يفقد المجتمع توازنه إذا انهارت، وقال: “يجب أن نواصل معالجة مشاكل الطبقة المتوسطة ولا يوجد حل آخر من غير البيع بالإيجار”.
وأكد في أكثر من مناسبة، أن مسألة الحصول على سكن لائق لكل مواطن في الجزائر هي من أولويات برنامجه بغرض تحسين شروط المعيشة للمواطن، وأن الجزائر ستستكمل مشاريع إنجاز السكنات وتجسيدها ضمن أجندة محددة واحترام النمط العمراني المحلي وجاذبية المدن والتجمعات الحضرية بهدف استئصال أزمة السكن.
ولدى وقوفه بجناح وزارة السكن بمعرض الإنتاج الجزائري، المنظم مؤخرا بقصر المعارض، شدد رئيس الجمهورية على أن سكنات عدل وهي شبه اجتماعية، أصبحت من “تقاليد الدولة، بالرغم من أنهم حاربوها وحاربوها مرات عديدة”، وقال: “عدل حاربوها وحاربوها ولا أدخل في التفاصيل.. لكنها دخلت في تقاليد الدولة”، متعهدا بالدفاع عن هذا التقليد.
وأوصى الرئيس تبون وزير السكن بتحويل وكالة عدل إلى بنك السكن بدلا من القرض الشعبي الجزائري، حيث قال: “لديكم بنك السكن حاليا ولن تبقى عدل في القرض الشعبي الجزائري”، وهو ما سيكون في عدل-3، مثلما أوضحه وزير السكن، وقال إن تمويل السكنات سيكون عبر بنك الإسكان وبنوك جديدة، مثل البنك الوطني الجزائري، ما يضفي مرونة على إنجاز السكنات بعد الحصول على التمويل.
هؤلاء هم المستفيدون والإنجاز سيكون جزائريا 100%
عكس ما كان يروج عقب الإعلان عن الإطلاق الرسمي لبرنامج عدل-3، بإعادة النظر في شروط المستفيدين من هذه الصيغة، صرح وزير السكن خلال زيارته لولاية بشار، أنه لا يوجد تحديد لسنّ المتقدمين للاكتتاب في سكنات عدل-3 ولا يوجد تغيير في مدة التسديد، وسيتم اعتماد نفس الشروط السابقة، باستثناء السعر القابل للمراجعة بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء.
وأعلن أن الاكتتاب في سكنات عدل، سيكون إلكترونيا ورقميا “صفر ورقة” قبل نهاية السداسي الأول من 2024، وسيتم الاعتماد على رقم التعريف الوطني والضمان الاجتماعي.
وطمأن الرئيس تبون، في أكثر من مناسبة، استمرار هذا النوع من السكنات، خاصة وأن الأمور المالية للبلاد ميسورة، وأصبح السكن “جزائريا 100٪” ولا يكلف الدولة أموالا بالعملة الصعبة، لأن كل مواد البناء المستخدمة محلية الصنع كالإسمنت والخزف ولا تستورد، على غرار ما كان عليه الوضع في السابق، وهذه تعتبر عوامل قوة وتحمل بذور نجاح المشروع قبل انطلاقه.
وساهمت سلسلة الإصلاحات التي أقرها الرئيس تبون، في الثلاث سنوات الأخيرة، بشكل فعلي في تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال مواد البناء، الأمر الذي خلق بيئة مناسبة للاستثمار في هذا المجال، حيث بلغت طاقة إنتاج الإسمنت 38 مليون طن سنوياً و6 ملايين طن من حديد الخرسانة و40 مليون طن من الآجر والمواد الحمراء وأكثر من 210 مليون م2 من الخزف و4.6 مليون م2 من الرخام والغرانيت.. إلخ.
إضافة إلى ذلك، يحصي قطاع السكن أكثر من 19000 مؤسسة إنجاز مصنفة ومؤهلة وما يقارب 9000 مرقي عقاري معتمد و9000 مهندس معماري معتمد و3000 مهندس مدني معتمد، يشرفون، كل في مجال اختصاصه، على المشاريع وتنفيذها مع احترام التكلفة والآجال والجودة، وفق المعايير والمقاييس الدولية.
وأطلق رئيس الجمهورية برنامجا طموحا، للمخطط الخماسي 2020-2024، قوامه مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ، من بينها الصيغة السكنية: البيع بالإيجار، التي بادرت بها الدولة والممولة جزئيا من خزينة الدولة، الموجهة لأصحاب الدخل المتراوح بين 24 ألف دينار و100 ألف دينار (175 و876 دولار).
وبفضل الدعم المتواصل لقطاع السكن، تم توزيع مليون و250 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ منذ جانفي 2020 إلى غاية اليوم، مما مكّن 4 ملايين مواطن من الولوج إلى سكنات لائقة وميسورة، وهو ما تعكسه المجهودات الجبارة للسلطات العمومية لتلبية حاجيات المواطن الاجتماعية، وتحسين ظروف المعيشة عبر كامل التراب الوطني.
وبفضل السياسة الرشيدة للرئيس تبون، تم تقليص العجز المسجل في مجال السكن والقضاء على السكن الهش بشكل ملموس، حيث أن تجسيد كل هذه البرامج مكّن من تحسين الإطار المعيشي للمواطن، لاسيما العائلات القاطنة بالمباني الآيلة للانهيار وكذا بالأحياء القصديرية، حيث تم إعادة إسكان 40.188 عائلة.
وقد سمحت هذه المجهودات المبذولة من طرف كل الفاعلين بتحقيق تحسن ملحوظ في نسبة شغل السكن، بحيث انتقل من 5,6٪ سنة 2000 الى 4,4٪ سنة 2011، ليصل الى 4,25٪ سنة 2023 وتصبو الى خفضه إلى ما دون 4٪ آفاق 2025.