حقّقت عاصمة الغرب الجزائري، وهران، خلال العام 2023 عديد الإنجازات التي أسهمت في ترسيخ مكانتها، كنموذج يحتذى في الاستثمار الناجح، وما زالت تنفذ مهمتها بكل ما أوتيت من قدرة على أن تكون في مستوى تطلعات وطموحات شعبها في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية من خلال زيادة معدلات النشاط الاقتصادي وتوفير فرص عمل للمواطنين المحليين.
التقدم الذي تحرزه مدينة وهران، بحسب التقارير الوطنية، أحد ثمار النموذج الاقتصادي الجزائري 2019 – 2023، المبني على أساس تنويع النمو، ووضع سياسة تصنيع جديدة، موجّهة نحو الصناعات المصغّرة والمتوسطة والناشئة، كغاية ووسيلة للخروج ﻣﻦ اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻟﻘﻄﺎع المحروقات.
وقد عزّزت وهران مكانتها كلاعب رئيسي على الصعيد الاقتصادي، وطنيا، إقليميا ودوليا، بفضل الجهود الواسعة لتوفير مناخ ملائم للاستثمار، وتحفيز التوجه نحو الاستدامة الفعلية في كافة المجالات بما ينسجم مع رؤية الجزائر الجديدة.
شهدت هذه الفترة تأسيس قاعدة صناعية هامة، ساهم في تعزيزها المناخ المناسب للاستثمار، بما فيها الهياكل والمنشآت القاعدية التي ما فتئت المدينة المتوسطية تعمل على تطويرها لتنشيط الحركية الاقتصادية، خاصة وأنّها تتمتع بموقعٍ جيواستراتيجي، مكّنها من لعب دور هام في الاقتصاد الوطني وجذب للمستثمرين.
تشير آخر الأرقام والإحصائيات، إلى تعداد المؤسسات العمومية التابعة لإقليم الولاية، ناهز 20 مؤسسة متخصصة أساسا في التعدين واسترجاع المعادن والبتروكيماويات.
ويتشكل نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من 31.534 مؤسسة صغيرة ومتوسطة تقوم بتشغيل 136.612 عامل، أي بمعدل كثافة بحوالي 18 مؤسسة / 1.000 نسمة، منها 66 % في قطاع الخدمات، 18,88 % في قطاع البناء والاشغال العمومية و13 % في قطاع الصناعة.
كما تتوفر ولاية وهران على 2.973 هكتار كوعاء عقاري، موجه للاستثمار، موزعة على 35 منطقة نشاط بمساحة 1177 هكتار، ناهيك 06 مناطق صناعية بمساحة 1.796 هكتار، وهي حاسي عامر، السانية 1، السانية 2، السانية 3، بالإضافة إلى منطقة صناعية خامسة ببلدية وطفراوي تقدر مساحتها 596 هكتار التي تضم مشروع مصنع السيارات فيات، الصناعية الجديدة – بطيوة – التي تقدّر مساحتها بـ 592 هكتار ممّا يجعلها المنطقة الصناعية المؤهلة لاحتضان المشاريع الاستثمارية الجديدة.
وكان والي الولاية السعيد سعيود، قد كشف عن “دخول نحو 300 مؤسسة حيز الخدمة هذه السنة، بما يساهم في تطوير الاقتصاد الوطني وتخفيض البطالة”، معتبرا أنّ “ولاية وهران نموذج للاستثمار الناجح”.
وبتاريخ 20 ديسمبر الجاري، أشرف المسؤول التنفيذي الأول على تسليم 62 رخصة استثمارية نهائية على المستثمرين في عديد المجالات، من أبرزها الصناعات الصيدلانية، قطع الغيار التي تدخل في تركيب السيارات، الصناعات التحويلية كالبلاستيك والألمنيوم وصناعات أخرى هامة.
قال الوالي في هذا الإطار، إن “وهران اليوم تجني ثمار هذه الجهود، في إطار اللجنة الولائية لرفع القيود عن المشاريع الاستثمارية، التي جاءت بأمر من رئيس الجمهورية، السيد عبد المحيد تبون”، مصنفا إياها “ضمن أوائل الولايات على المستوى الوطني في هذه العملية”.
كما شهدت نهاية سنة 2023 تدشين أول مصنع متكامل للسيارات من النوعية السياحية والنفعية الخفيفة لعلامة “فيات” بالمنطقة الصناعية لطفراوي، كخطوة جادة وهامة نحو بناء صناعة حقيقية للسيارات.وقد تم إنجاز هذا المشروع الهيكلي في ظرف قياسي؛ حيث انطلقت أشغال تجسيده في نوفمبر 2022 بعد التوقيع على اتفاقية-إطار في أكتوبر 2022 بين وزارة الصناعة ومجموعة “ستيلانتيس” التي تحتل المرتبة الرابعة عالميا في صناعة السيارات، وتضم 12 علامة منها “فيات”.
جاءت هذه الاتفاقية في أعقاب صدور المرسوم رقم 22-384 المؤرخ في 17 نوفمبر2022، الذي يحدد شروط وإجراءات مزاولة نشاط صناعة المركبات في الجزائر، والذي حدد دفتر شروط جديد للمصنعين والموردين، ينص على تطوير نشاطات صناعية للسيارات وخدمات ما بعد البيع وقطع الغيار. وقد أعلنت مجموعة “ستيلانتيس”، أن الطاقة الإنتاجية الأولية للمصنع تقدر بـ 60 ألف سيارة سنويا في المرحلة الأولى، وستصل إلى 90 ألف مركبة سنويا في مرحلة ثانية.
وسينتج مصنع سيارات “فيات” لطفراوي ثلاثة أنواع من السيارات (موديلات) إلى غاية سنة 2026، فيما سينطلق إنتاج النوع الرابع فيسنة 2029.جدير بالذكر أيضا، أنّه تم التوقيع على اتفاقية إعلان نوايا بين شركة “ستيلانتيس” والسلطات الجزائرية بهدف تسريع مساهمة “ستيلانتيس” في تطوير صناعة السيارات، سعيا لتطوير الإنتاج وتعزيز نسبة الإدماج المحلية والتكوين من خلال إنشاء أكاديمية “ستيلانتيس” في إطار شراكة مع كل من وزارتي التربية الوطنية والتعليم والتكوين المهنيين.وقد سمح مصنع “فيات” الجزائر بفتح 500 منصب خلال السنة الجارية 2023، وسط تأكيدات بارتفاع العدد إلى 1200 منصب سنة 2024، ثم 2000 منصب في 2026، فضلا عن 1600 منصب غير مباشر.
كما كشف والي وهران السعيد سعيود، أنّ “20 شركة مختصة في المناولة، ستمنح لها أوعية عقارية في إطار الامتياز لتشرع في إنجاز مصانعها على المساحة التي تم تخصيصها بالمنطقة الصناعية لطفراوي لهذا الغرض، والمقدّرة بـ 40 هكتارا”.
تحوز عاصمة الغرب الجزائري أيضا على العديد من الاستثمارات الهامة ومنها مصنع “توسيالي”، الذي يعد من الاستثمارات الهامة بقيمة 2,5 مليار دولار، وسيتم تدشين توسعته الخامسة خلال السداسي الأول من سنة 2024.
وما من شك في أن المكانة الاقتصادية الهامة لهذه المدينة المتوسطية وتقدمها سنة تلوى الأخرى، إنما يدل على مدى الجهود التي تبذلها الدولة من أجل ضمان الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع الجزائري، والتأكيد على دعم المهارات والكفاءات الوطنية في قيادة مسيرة النهضة والتنمية لضمان مستقبل واعد ومستدام لأجيال المستقبل.